شهدت الأسابيع الأخيرة ظهورا متكررا لجمال مبارك، نجل الرئيس المخلوع حسني مبارك، في مناسبات عامة عديدة، تزامنا مع دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي تطالبه بمنافسة قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وأنشأ نشطاء صفحة على موقع "فيسبوك" باسم "جمال مبارك رئيسا"، وأصدروا بيانا جاء فيه: "قبل أن نحن لا ندعو لتحسين صورة نظام مبارك، فكل نظام له سلبياته وإيجابياته، ولكن ترشح جمال مبارك يجعلك أنت تقبل أو ترفض، وليس لنا علاقة من قريب أو بعيد به، ولكننا قررنا أن ندعم ترشحه، وله الحق في الترشح كأي مواطن مصري؛ لاقتناعنا بأنه رجل دولة"، على حد تعبيرهم.
ورحّب نواب مؤيديون للانقلاب، من بينهم سمير غطاس وإلهامي عجينة، بترشح جمال مبارك للرئاسة، مؤكدين في تصريحات صحفية أنه يحق له العودة للمشهد السياسي.
وأثارت هذه الدعوات تساؤلات حول طموح جمال مبارك في العودة إلى المشهد السياسي مجددا، بعد خمس سنوات من ثورة كانون الثاني/ يناير التي أطاحت بوالده، والجهات التي تقف وراء هذه الدعوات، والموانع القانونية والسياسية التي تحول دون ترشحه للرئاسة.
هل لجمال صلة بهذه الدعوات؟
وقال المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية، جمال عبدالمجيد، إن جمال مبارك لم يعد لديه فرصة سياسية أو شعبية للترشح في الانتخابات المقبلة 2018، موضحا أن ثورة 25 كانون الثاني/يناير قضت تماما على نظام مبارك، "حيث خلقت الثورة أوضاعا سياسية جديدة".
وأضاف عبدالمجيد أنه "على الرغم من وجود انقسامات سياسية حادة، ومشكلات اقتصادية؛ فإن الغالبية العظمى من المواطنين نسيت مبارك وأولاده، وما يتردد الآن عن حنين بعض المواطنين لنظام مبارك بسبب تردي الأوضاع المعيشية؛ هي أمور عاطفية لا يمكن أن نتعامل معها بشكل جاد".
وتابع: "أعتقد أن جمال مبارك لا يتعامل بجدية مع تلك الدعوات التي تطالبه بالترشح للرئاسة، والتي من الممكن أن يكون وراءها أحد المحسوبين على الحزب الوطني المنحل، ولا أظن أن جمال له صلة بهذه الدعوات".
وحول وجود صراع بين الأجهزة في النظام الحاكم؛ قال عبدالمجيد إنه "من الممكن أن يكون هناك صراع أجنحة داخل النظام الحالي، لكن لا يمكن تأكيد أن جهازا بالكامل في النظام يتبنى ترشح جمال مبارك للرئاسة، وربما يكون هناك عناصر داخل بعض الأجهزة تحاول أن تدفع ببعض الشخصيات كجمال مبارك للظهور على الساحة".
بالونات اختبار
من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، عبدالخبير عطا الله، إن هناك معوقات سياسية وقانونية تمنع ترشح جمال مبارك للرئاسة، وخاصة أنه "أدين في قضايا سياسية صدر فيها حكم نهائي عليه".
وأضاف عطا الله أن الدعوات لترشح جمال مبارك للرئاسة "بالونات اختبار" من رجال النظام القديم والحزب الوطني، حتى يعرفوا رد فعل الرأي العام المصري في حال عادوا إلى الساحة السياسية، موضحا أنهم قاموا بمحاولة مشابهة مؤخرا عندما طرحوا اسم محمود محيي الدين، وزير الاستثمار في عهد مبارك، ليتولى رئاسة الوزراء، قائلين إنه قادر على حل المشكلات الاقتصادية الحالية التي تعاني منها البلاد.
وتابع: "حتى الآن؛ ما زال بعض المواطنين يذهبون إلى المستشفى لتهنئة حسني مبارك في المناسبات المختلفة، وهؤلاء من بقايا الحزب الوطني، ويريدون أن يكون لهم دور في المرحلة الحالية، وعلى الأغلب هم من يقفون وراء قصة ترشح جمال للرئاسة، لكني لا أعتقد أنهم قادرون على إحداث تغيير كبير على الساحة".
موانع قانونية
من جانبه؛ قال الخبير القانوني شوقي السيد، في تصريحات لصحيفة "اليوم السابع" المصرية، إن الأحكام القضائية "تمنع نجلي مبارك من المشاركة السياسية، حتى يحصلا على رد اعتبار قانوني، يكون إما بفوات مدة موازية لمدة العقوبة، أو بحكم قضائي، وهو ما لم يحدث حتى الآن".
وينص قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية على الحرمان المؤقت لأي شخص صدرت ضده أحكام نهائية في قضايا جنائية مخلة بالشرف؛ من مباشرة حقوقه السياسية، بما في ذلك الترشح للانتخابات، وحدد القانون مدة الحرمان بخمس سنوات فقط؛ تحتسب منذ تاريخ صدور حكم الإدانة.
وكانت محكمة الجنايات قد أصدرت حكما في 21 أيار/ مايو 2014، بسجن الرئيس المخلوع حسني مبارك لمدة ثلاث سنوات، وأربع سنوات لنجليه علاء وجمال مبارك، في قضية الاستيلاء على أموال الدولة المخصصة للقصور الرئاسية.
وفي 13 كانون الثاني/ يناير 2015، قضت محكمة النقض بإلغاء الحكم، وأمرت بإعادة محاكمتهم. وفي 9 أيار/ مايو 2015، قررت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بأكاديمية الشرطة، معاقبة مبارك بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات، وأربع سنوات لنجليه علاء وجمال، وإلزامهم برد مبلغ 21 مليون جنيه، وتغريمهم 125 مليون جنيه.
عربي 21