أكد اقتصاديون وخبراء أسواق المال، أن استمرار انخفاض السيولة في البورصة القطرية يهدد بعواقب وخيمة لكافة الأطراف المعنية بالسوق، سواء كانوا مستثمرين أم شركات وساطة أم شركات عاملة في السوق، وهو ما يدعو إلى اتخاذ قرارات حاسمة لتشجيع المستثمرين للعودة، وضخ أموال جديدة بالسوق.
وقالوا إن هناك عوامل سلبية تسببت في إحجام المستثمرين، خاصة المحافظ المالية والمؤسسات، عن دخول السوق في الفترة الحالية، وهو ما يهدد أنشطة السوق ويهدد أيضا نجاح أي طروحات جديدة، من المنتظر الإعلان عنها خلال الفترة المقبلة.
وأوضح تقرير أعدته صحيفة "الراية"، أن تراجع المؤشر واستمرار انخفاض التداولات يفقد السوق جاذبيته، ما يؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين في البورصة، وقد يدفع البعض منهم إلى التخارج من السوق والبحث عن فرص استثمارية أخرى، سواء في السوق المحلي أم في أسواق أخرى، وهو ما يدعو إلى ضرورة إيجاد وسائل وأدوات تعيد المستثمرين إلى السوق مرة أخرى.
وتراجع المؤشر من بداية العام بنسبة 6.5% ليفقد بذلك حوالي 710 نقاط من رصيده حتى الآن، لا يظهر الوضع الحقيقي للسوق ومتانة العوامل الأساسية بالاقتصاد القطري، ولا قوة الشركات العاملة فيه، مشيرين إلى أن هناك الكثير من المستثمرين الفاعلين في السوق ابتعدوا حاليا عن قاعات التداول أو اتجهوا إلى قطاعات استثمارية أخرى مثل العقارات وغيرها، على حد قولهم.
وقالت مصادر مطلعة إن هيئة قطر للأسواق المالية تدرس حاليا بعض المقترحات بالتعاون مع بورصة قطر لزيادة السيولة بالسوق، وذلك من خلال إدراج شركات أو إدخال أدوات استثمارية جديدة، مثل الإقراض والاقتراض وغيرها من الأدوات التي تسهم في تنوع الخيارات الاستثمارية أمام المساهمين.
وشهدت التعاملات داخل السوق تراجعا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ أعوام عديدة، إذ إنها أصبحت لا ترتقي خلال بعض الجلسات إلى أقل من مستوى 100 مليون ريال، وهو ما يؤكد وجود أزمة غياب الثقة بالسوق. وعلى صعيد المستثمرين، فإن سلوك الترقب هو الحاكم على أدائهم خلال الجلسات الماضية، خاصة أن المؤسسات أصبحت تكتفي بما لديها من محافظ استثمارية وتترقب وصول الأسهم لأسعار جيدة للتخارج وتحقيق مكاسب سريعة ومرضية.
ولم يقصر شح السيولة على بورصة قطر فقط، بل أصبحت ظاهرة في أسواق المال، سواء العربية أم الإقليمية، في الفترة الماضية، ولفتت أنظار الكثير من المهتمين بأسواق المال، وتدور تساؤلات لا تنفك عن أروقة السوق، وتصب في اتجاه استغراب تسرب السيولة خارج البورصة التي تتهيأ لاستقبال العام الجديد.
وعزا خبراء انخفاض تداولات السوق إلى عدة أسباب؛ أهمها انعدام المحفزات بالسوق وحالة الترقب التي تسيطر على أغلب المستثمرين، بالإضافة إلى التداعيات التي خلفها استمرار انخفاض أسعار النفط على اقتصادات المنطقة، وهو ما جعل المستثمرين أكثر حذرا في تعاملاتهم المالية.
وأشاروا إلى أن هذه العوامل وغيرها أدت إلى تراجع ثقة المستثمرين في أسواق المال وجعلهم يحجمون عن الشراء في السوق، سواء المستثمرين الأفراد أم الأجانب، وساهم توقف عمليات المضاربة نسبيا في تقليل القوة الشرائية بصورة ملحوظة في سوق المال في الفترة الماضية.
واعتبروا أن ما شهده السوق خلال الأسابيع الماضية من تراجع، يعكس رغبة المستثمرين في الاحتفاظ بالسيولة لاقتناص أي فرصة استثمارية جديدة ومجدية، خصوصا أن أسعار الأسهم تتحرك في نطاقات سعرية ضيقة جدا ولا يوجد خوف من تراجع كبير في الأسعار، بل إن الجميع يتوقع ارتفاع الأسعار في الفترة المقبلة، وهو ما يجعلهم يعزفون عن عمليات البيع في الوقت الراهن، وفي ظل الأسعار المتدنية للأسهم التي تعكس النتائج المالية الممتازة للشركات ومستويات نموها القوية.
ولو عدنا إلى توجهات السيولة في البورصات العربية على وجه العموم وبورصة قطر على وجه الخصوص، فسنجد أن العامل المشترك كان هو انخفاض السيولة الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي بشكل لافت، إلى النظر خاصة أن التراجع الحاد في قيم وأحجام التداول لم تشهده البورصات العربية من سنوات، وحتى وقت الأزمة العالمية في 2008، وما أعقبها من تداعيات، لم تشهد هذا التراجع الواضح في التداولات.