أبرزت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية إعلان قطر عن دعم الاقتصاد التركي بـ 15 مليار دولار في خضم الأزمة التي تعاني منها أنقرة.
وكانت الدوحة قد تعهدت بضخ استثمارات مباشرة بقيمة 15 مليار دولار في الاقتصاد التركي عقب التراجع الحاد الذي شهدته الليرة التركية وسط تصاعد التوتر بين واشنطن وأنقرة بسبب استمرار اعتقال القس الأمريكي أندرو برونسون في تركيا بتهم إرهاب.
وهيمن إعلان قطر عن حزمة المساعدات الاقتصادية لتركيا على عدد من الافتتاحيات ومقالات الرأي في الصحف القطرية، حيث تقول الوطن في افتتاحيتها إن "دولة قطر تؤكد بالأفعال لا بالأقوال أنها وفية لاختيارات استراتيجية رئيسية في سياستها الخارجية" مضيفةً أن "المبادرة فائقة الأهمية التي قدمتها قطر إلى تركيا تترجم مدى الترابط والتضامن الملموس بين الدوحة وأنقرة في كل الظروف، عبر توافق الرؤى السياسية والاقتصادية التي تستند إلى أغلى القيم الدينية والأخلاقية في الوقوف إلى جانب الشقيق في وقت الضيق".
وفي مقالٍ بعنوان " قطر وتركيا تحالف أقوى من التحديات"، يقول صادق محمد العماري في الشرق أن حزمة المساعدات لتركيا "تؤكد بما لا يدع مجالا للشك حرية القرار القطري وقوته عندما يناصر الحق وينتصر للحرية".
"طوق نجاة"
وتحت عنوان "قطر تُقَدِّم طَوق النَّجاة لإنقاذِ الاقتصاد التُّركيّ مِن الغَرق"، تؤكد "رأي اليوم" اللندنية أن "السُّلطات القَطريّة تُقَدِّم هذا الدَّعم لتُركيا واقتصادِها في هذا الوَقت الحَرِج ردًّا للجَميل، وعُرفانًا بالدَّور الكَبير الذي لَعِبَته تركيا بإقامَة جسر جويّ قبل عامَين لتَزويد قطر بكل احتياجاتِها من البضائِع والمواد الغذائيّة تَضامُنًا معها في مُواجَهة المُقاطَعة التي فرضتها الدُّوَل الأربَع السعوديّة، الإمارات، البحرين ومِصر".
وتشدد الصحيفة على أن هذه الخطوة "ربّما تَنطَوي على مَخاطِر لكَونِها تُشَكِّل تَحدِّيًا للرئيس الأمريكي ترامب شَخصيًّا وخُطَطِه لتقويض الاقتصاد التُّركي، لخَلق مصاعِب للرئيس أردوغان وحُكومَتِه وحزبه العدالة والتنمية، وإجبارِه على تسليم القِس الأمريكيّ المُعتَقل والمُتَّهم بالإرهاب دُونَ مُقابِل".
وعلى النقيض، ترى "العرب" اللندنية أن المبادرة القطرية تشير إلى "عدم رغبة الدوحة في اتخاذ إجراءات مباشرة لدعم الليرة التركية، لكن بدلا من ذلك لجأت إلى تقديم وعود تمثل مخرجا لها من أزمة تبني مواقف حاسمة قد تضعها في مواجهة مباشرة مع الإدارة الأمريكية".
وتشدد الصحيفة على أن الإعلان القطري "لم يؤثر على سعر الليرة إلا لأقل من ساعة، حيث تحسن إلى سعر 5.86 ثم عاد إلى سعر الصباح البالغ 6.02".
الدوحة "رضخت مكرهة"
وعلى الجانب الآخر، أثار الإعلان القطري موجة من الانتقادات في بعض الصحف العربية.
ففي اليوم السعودية، يحاول محمد العصيمي التقليل من أهمية الدعم القطري لتركيا، حيث يقول "المسألة برمتها كما يقول المثل الشعبي 'متعري طاح على متميزر' ومعناه أن عريان يطلب الفزعة من آخر ما عنده إلا "إزار" واحد يستره. قطر هي صاحبة 'الإزار' الواحد ولو قدمته لتركيا لانكشفت عورتها الاقتصادية أكثر مما هي عليه الآن".
وفي تقرير لها بعنوان "الدوحة ترضخ مرغمة لانتقاد أنقرة"، تقول "الاقتصادية" السعودية "في الوقت الذي تعيش فيه قطر أزمة خانقة بعد الخسائر الاقتصادية الفادحة التي ما فتأت تنزف بسبب مقاطعة الدول الأربع... رضخت الدوحة أخيرا مكرهة لانتقادات الإعلام التركي بالتخلي عنها في أزمتها الحالية، معلنة تقديم دعم استثماري إلى تركيا لإنقاذها بعد أن هوت عملتها إلى مستويات متدنية".
وبالمثل، يقول أحمد شعبان في "الاتحاد" الإماراتية "كالعادة واستمراراً لسياسة تنظيم الحمدين في تبديد أموال الشعب القطري، تعهد تميم قطر باستثمار مباشر قيمته 15 مليار دولار في تركيا، في إجراء واضح بسعي تميم لإرضاء أنقرة بأي طريقة".
وفي "الوفد" المصرية، ينتقد مجدي سرحان أمير قطر على خلفية "مساندته العلنية والصريحة لنظام أردوغان في أزمته الحالية مع الولايات المتحدة والدعم المادي الكبير الذى ضخته الدوحة في شرايين خزائن المال التركية لإنقاذ اقتصادها من الانهيار بعد أن انهارت بالفعل عملتها أمام الضغوط الأمريكية".
ويشدد سرحان على أن تميم يأمل من خلال هذه المساعدات الاقتصادية "أن تتحقق له الحماية على خلفية شعوره الدائم بالضآلة والدونية بسبب صغر حجم دويلته الجغرافي والسياسي".