علقت صحف عربية على تأثير العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد طهران في العلاقات العراقية الإيرانية في ظل مواقف متفاوتة داخل بغداد. وأشار بعض الكتاب إلى مواقف طهران الأخيرة تجاه بغداد بشكل أضر اقتصاديا بالشعب العراقي.
وقد أعادت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة فرض عقوبات اقتصادية على إيران بعدما انسحب دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرم بين إيران والقوى الغربية عام 2015.
علاقة بغداد وطهران على المحك
ويقول الكاتب العراقي ماجد السامرائي في العرب اللندنية إن "معركة العقوبات الأمريكية على إيران طويلة وانعكاساتها على العراق تشكل البدايات الأولى لخطوط التماس والتأثير، وهنا ستبرز المواقف المنحازة لمصالح العراق وسيادته واستقلاليته، أم الانحياز للآخرين".
ويضيف السامرائي في مقالته تحت عنوان "أمريكا تعاقب إيران في العراق": "قد تؤدي هذه الإجراءات إلى تقليل مستويات الاستثمار السياحي الديني الذي تستفيد منه مجموعات مصالح من إيرانيين وعراقيين من أصول إيرانية في المراقد الدينية في كل من إيران والعراق".
ويشير الكاتب إلى ما اتخذته طهران من إجراءات أضرت بالعراق خلال الفترة الماضية، إذ يقول: "ألم تقطع إيران الطاقة الكهربائية عن أهل البصرة في عز الصيف بسبب تأخير التسديدات المالية وقدرها 700 مليون دولار ... ألم تقطع إيران روافد الأنهار وتحولها إلى داخل الأراضي الإيرانية، وتركت الملح يتدفق على أهل البصرة كالطاعون؟".
ويستغرب الكاتب العراقي حميد الكفائي في الحياة اللندنية من رغبة ساسة عراقيين في أن تتخذ الحكومة العراقية مواقف مؤيدة لطهران في مواجهة العقوبات الأمريكية في ظل مواقف إيران في الماضي ضد بغداد.
ويقول: "لماذا يريد عراقيون من الحكومة أن تضحي بمصالح العراق وعلاقاته الدولية من أجلها؟ أليس الأجدر بالحكومة الإيرانية أن تتخذ الإجراءات المطلوبة لدرء العقوبات أو مواجهتها؟ متى يفكر هؤلاء العراقيون في أن بلدهم أولى بالولاء من بلد آخر لم يأتِ منه سوى الخراب والأذى؟".
وتقول رأي اليوم اللندنية في افتتاحيتها إن "طِهران تُعاقِب العبادي وتَرفُض استقباله لأنّه وَقَف في خَندَق الحِصار الأمريكيّ ضِدّها".
وترى الصحيفة أن "السيد العبادي ارتكَب خطأً استراتيجيًّا فادِحًا، وأظهَر الوَلاء لأمريكا الظَّالِمة، ورئيسها العُنصريّ المُعادي للإسلام والمُسلِمين، ولا نَعتقِد أنّ هذا المَوقِف قصير النَّظر يَخْدِم الشَّعب العِراقيّ ومَصالِحِه، بل العَكس تَمامًا".
وتتساءل القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها: "هل ترك العبادي إيران وحيدة في صحراء كربلاء؟"
وتقول: "تؤكد مؤشرات عديدة أن زيارة رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إلى طهران، التي كانت مقررة يوم غد بعد اختتام زيارته إلى أنقرة، قد ألغيت من الجانب الإيراني، وذلك في رد فعل غاضب إزاء موقف العبادي من العقوبات الأمريكية التي فرضت على إيران مؤخراً".
وتضيف: "العبادي يدرك أن حظوته لدى واشنطن ورقة مهمة لا يستطيع التفريط فيها في ضبط التأثير الطاغي الذي تمارسه إيران عبر سلسلة من الأحزاب والتشكيلات والميليشيات المرتبطة بطهران والمنافسة للعبادي، وعلى رأسها تحالف الفتح بزعامة هادي العامري وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي. كما أن العبادي أصغى جيداً إلى الهتافات المعادية للتدخل الإيراني في الشؤون العراقية، والتي صدحت بها حناجر الآلاف خلال الاعتصامات والتظاهرات الأخيرة في جنوب العراق".
محور ثلاثي في مواجهة واشنطن
ويتساءل جورج سمعان في الحياة اللندنية: "هل ينجح ترامب في تطويع إيران والآخرين؟"
ويطرح الكاتب مزيداً من التساؤلات قائلا: "هل ينجح المتضررون من قرارات واشنطن في إقامة محور ثلاثي مناهض لموسكو وأنقرة وطهران لا تكون بكين بعيدة منه، فيما تقف بعض دول أوروبا على الحياد؟ أم هل تنجح الوساطات والمساعي في جمع الرئيسين ترامب وروحاني قبل أن تنزلق المنطقة إلى مزيد من التوتر والصراع المذهبي بمزيد من التفاف أهل الشيعة في الإقليم حول الجمهورية الإسلامية؟".
ويرى سمعان أن "خصوم الرئيس ترامب وعلى رأسهم إيران أمام خيارات مصيرية".
ويقول: "حتى الرهان على تمتين التعاون بين طهران وموسكو وأنقرة قد لا يكفي لرفع التحدي. فتركيا بدأ اقتصادها وليرتها يهتزان على وقع العقوبات الأمريكية ومضاعفة الرسوم على صادراتها من الصلب والألومنيوم. ولم يجد المسؤولون في حكومة رجب طيب أردوغان أخيراً سوى مناشدة الرئيس ترامب إعادة التفاوض لتسوية المشكلات القائمة بين البلدين. لكن سيد البيت الأبيض ... لن يتهاون مع الحكومة التركية التي قد لا تجد مفراً من الارتماء أكثر فأكثر في التحالف القائم بينها وبين موسكو وطهران".
وبمقاله في الزمان العراقية تحت عنوان "حصار إيران المضحك"، يصف علي السوادان العقوبات الأمريكية على إيران بأنها "نكتة تعيسة وحكاية شتائية معادة ومملة ، فأوربا وروسيا والصين والهند ومعظم أمصار الكون هم مع إيران ، فضلاً عن ساحتها الأمامية العراقية ".
ويقول عباس الصباغ في الصباح العراقية "العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على العراق وتحت مظلة مجلس الأمن الدولي غداة الغزو الصدامي لدولة الكويت (1990) قد فتحت شهية الولايات المتحدة لتكرار ذات التجربة بإمساك العصا الغليظة من الوسط والتلويح بعقوبات 'رادعة' للأنظمة غير السائرة في ركابها او التي تشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي الأمريكي حسب مزاج إدارتها".
ويدعو الكاتب في مقالته "كابوس العقوبات" إيران إلى "أن تتمتع بحنكة سياسية أكبر وببراغماتية مرنة أعلى كالتي تمتع بها رئيس كوريا الشمالية (كيم) الذي استقبل الرسالة الامريكية - التي كانت طوق نجاة للرئيس كيم - بإذابة الجليد وتطبيع العلاقات بترحاب ذكي وفتح أبواب الحوار المباشر بين البلدين وإغلاق الملفات الساخنة العالقة بينهما تجنبا للتوتر المفضي إلى كوارث".
وتقول لينا الخطيب في الشرق الأوسط اللندنية: "ستكون إيران قادرة على ركوب موجة العقوبات على المدى القصير والمتوسط، لكن التوقعات الطويلة الأجل للازدهار الاقتصادي تبدو قاتمة".
وتتوقع الكاتبة أن تجد إيران نفسها تحت ضغط مالي كبير على المدى الطويل.