لم تعد شيرين نصار ترغب بالنظر إلى نفسها في المرآة، فهي تشعر أنها تعيش أيامها الأخيرة.
بينما تنتظر موافقة إسرائيلية لمغادرة غزة لاستكمال العلاج من السرطان، يحذر أطباؤها أن العلاج سيفقد جدواه بعد أسابيع قليلة.
أجرت لشيرين،٤٠ عامًا، عملية استئصال للثدي المصاب في فبراير/شباط الماضي، وخضعت للعلاج الكيميائي وأوصاها الأطباء بالعلاج الإشعاعي لضمان عدم عودة الورم في فترة أقصاها 10 أشهر.
ولكن لا يوجد في قطاع غزة أي مركز للعلاج بالإشعاع، ما يدفع الفلسطينيين للذهاب إلى واحد من مستشفيين فلسطينيين في القدس الشرقية، بتمويل شبه كامل من السلطة الفلسطينية.
غير أن الإجراءات التي يجب على الفلسطينيين اتباعها طويلة، ومعقدة، ومرهونة بتصريح عسكري من إسرائيل التي تسيطر على معظم معابر قطاع غزة.
وبعد عدة محاولات فاشلة للحصول على التصريح، تخشى شيرين أن يصدر بعد فوات الأوان.
"أخاف أن أترك أطفالي وحدهم، أكثر من يقلقني هو أن يعيشوا مع زوجة أب تقسو عليهم"، تقول شيرين التي تسكن مع أطفالها الأربعة في دير البلح في قطاع غزة، ويعمل زوجها عاملًا بأجر متواضع في البلدية.
تخشى شيرين أن تتفاقم حالتها بعدما أشارت التقارير الطبية إلى انتشار السرطان في الثدي الآخر. وتقول "طمأنني الطبيب بعد اكتشاف المرض مبكرًا، أما الآن فلم يتبقَ لدي الكثير من الأمل".
وصفة للموت
يقول د. خالد ثابت، مدير مركز الأورام في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي في غزة، لبي بي سي إن بعض الحالات لا يكون هناك أي أمل في شفائها.
ويشير ثابت، الذي يشرف على معظم مرضى السرطان في غزة إلى معادلة يتبعها الأطباء: "نقص العلاج الكيميائي + نقص العلاج الإشعاعي + رفض أمني = موت المريض".
وما يزيد من صعوبة الأمر هو ليس العلاج الإشعاعي فحسب. فمثلاً لا يتوفر العلاج الكيميائي دائمًا.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن توقف تقديم العلاج الكيميائي لمرضى السرطان في مستشفى الرنتيسي بدءاً من صباح من يوم الأحد 12 أغسطس/آب بسبب "نفاد العلاج الكيميائي بالإضافة الى نفاد عقار (النوبوجين) المستخدم لرفع المناعة لدى المرضى".
ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى ارتفاع عدد المرضى الذين سيطالبون بالعلاج خارج قطاع غزة، على الأقل لحين توفر الأدوية الكيميائية. وهذا ليس مضمونًا. إذ تقول منظمة الصحة العالمية إن الموافقة على تصاريح العلاج تنخفض بشكل سنوي ولكنها بلغت في عام 2017 أدنى درجة لها خلال 10 سنوات.
فتشير أرقام المنظمة أن 54٪ من طلبات تصاريح العلاج حصلت على موافقة مقارنة بـ 93٪ في عام 2012، فيما يوضح منسق الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية لبي بي سي أن إسرائيل تابعت 28 ألف طلب تصريح طبي في النصف الأول من عام 2018 ووافقت على أكثر من 50٪ منها.
وتخشى مؤسسات حقوقية من أن يزداد هذا الرقم مستقبلًا، إذ لوحظ مؤخرًا ازدياد رفض تصاريح معينة بحجة "القرابة مع حماس".
وما يزيد من صعوبة الأمر هو ليس العلاج الإشعاعي فحسب. فمثلاً لا يتوفر العلاج الكيميائي دائمًا.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة عن توقف تقديم العلاج الكيميائي لمرضى السرطان في مستشفى الرنتيسي بدءاً من صباح من يوم الأحد 12 أغسطس/آب بسبب "نفاد العلاج الكيميائي بالإضافة الى نفاد عقار (النوبوجين) المستخدم لرفع المناعة لدى المرضى".
ومن المتوقع أن يؤدي هذا إلى ارتفاع عدد المرضى الذين سيطالبون بالعلاج خارج قطاع غزة، على الأقل لحين توفر الأدوية الكيميائية. وهذا ليس مضمونًا. إذ تقول منظمة الصحة العالمية إن الموافقة على تصاريح العلاج تنخفض بشكل سنوي ولكنها بلغت في عام 2017 أدنى درجة لها خلال 10 سنوات.
فتشير أرقام المنظمة أن 54٪ من طلبات تصاريح العلاج حصلت على موافقة مقارنة بـ 93٪ في عام 2012، فيما يوضح منسق الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية لبي بي سي أن إسرائيل تابعت 28 ألف طلب تصريح طبي في النصف الأول من عام 2018 ووافقت على أكثر من 50٪ منها.
وتخشى مؤسسات حقوقية من أن يزداد هذا الرقم مستقبلًا، إذ لوحظ مؤخرًا ازدياد رفض تصاريح معينة بحجة "القرابة مع حماس".
وتوضح إسرائيل إنها بدأت مؤخراً بتطبيق قرار اتخذه المجلس الإسرائيلي الأمني الوزاري المصغر في بداية عام 2017 بحجب تصاريح العلاج عن الذين تربطهم قرابة درجة أولى بأعضاء من حركة حماس، حيث اعتبرت اسرائيل أن هذه الإجراءات تساعد على الضغط على حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، للإفراج عن الجنود الإسرائيليين الذين أسرتهم.
لكن مصادر حكومية إسرائيلية تقول إن تنفيذ القرار بشكل كامل تأخر لحين الحصول على معلومات استخبارية من جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي حول صلات القرابة بحماس.
"ليست تهمة"
"تعبت من رؤية الحزن في عيون عائلتي وأولادي"، تقول سمية نصار وهي أم لثلاثة أولاد وبنتين. وتضيف "أنا أُحاسب بذنب غيري، هل تعتقدين أن حماس ستعيد الجنود الإسرائيليين إذا كانت حياتي في خطر؟.
خضعت سمية، 50 عامًا، لعملية استئصال للمعدة في غزة، ومثل شيرين، تحتاج للعلاج الإشعاعي. وتؤكد التقارير الطبية خطورة حالتها وتعرضها لجلطة قبل أسبوعين.
يقول زوج سمية إنه من الصعب أن تجد عائلة في غزة لا ترتبط بعلاقة قرابة مع أعضاء في حماس. قدمت سمية مع 6 نساء أخريات التماسًا للمحكمة العليا الإسرائيلية يطلبن السماح لهن بالدخول إلى القدس لاستكمال العلاج بالإشعاع.
تقول المحامية منى حدّاد، التي تمثل 4 مؤسسات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية تقدمت بالالتماس بالنيابة عن المريضات، لبي بي سي إن القضية ما تزال في المحكمة، وإنها طلبت من المحكمة منح هؤلاء المريضات الحق في العلاج كأحد الحقوق الأساسية للإنسان،
غير أن إسرائيل لا تعتبر هذا حقًا لسكان غزة بل هو مرتبطً بالسياسة الإسرائيلية المتبعة وقيد الفحص الأمني، كما أكدت المحامية.