انقسمت الصحف القطرية والإماراتية في تناولها لقرار المحكمة العدل الدولية بإلزام دولة الإمارات بحماية حقوق مواطني قطر، وذلك وسط استمرار التوتر الشديد بين الدولتين.
وألزمت المحكمة الإمارات بالسماح بلم شمل العائلات القطرية فوراً، مع استمرار نظر شكوى قطرية تتهم الإمارات بالتمييز العنصري.
وكانت الإمارات قد انضمت إلى السعودية والبحرين ومصر العام الماضي في مقاطعة قطر، لاتهامها بدعم جماعات إسلامية مسلحة وارتباطها الوثيق بإيران.
ورفع القطريون قضية تمييز ضد الإمارات في يونيو/حزيران الماضي لدى محكمة العدل الدولية.
"انتصار تاريخي"
ووصفت الصحف القطرية قرار المحكمة الدولية بأنه "انتصار تاريخي".
وتقول صحيفة الوطن القطرية في افتتاحيتها: "انتصار قطري قانوني وأخلاقي وتاريخي، أنجز عبر العدالة الدولية، التي أنصفت دولة قطر في وجه الإجراءات الجائرة من الإمارات، وقراراتها العنصرية والتمييزية، العبثية بحق قطر والقطريين".
وتضيف الجريدة أن "الحكمة القطرية باتباع النهج العدلي والقانوني، والابتعاد عن الهمجية والبربرية في معالجة تبعات الحصار، درس جديد لدول الحصار، بأن قطر الحكمة والريادة، قادرة على هزيمة التآمر، والمتآمرين، واستعادة كافة حقوقها بعزم وهمة، وفق السبل العدلية المشروعة ... وما ضاع حق وراءه مطالب".
ويقول صالح بن عفصان العفصان الكواري في صحيفة الراية القطرية: "نصر جديد يضاف إلى انتصارات قطر السابقة ضد رباعي الشر، وضربة موجعة زلزلت الأرض من تحت أقدامهم وهزت عروشهم المهزوزة، ألحقتها بهم قطر ..".
ويرى الكاتب أن "هذا القرار الأممي القانوني بالموافقة على طلب دولة قطر باتخاذ تدابير مؤقتة ضد دولة الإمارات العربية المتحدة في قضية تتعلق بالمعاملة التمييزية غير القانونية من أبوظبي ضد المواطنين القطريين، لا يعني الدويلة وحدها، لكنه ينطوي على رسالة إلى دول الحصار مجتمعة، مفادها بأن ما تقوم به من جرائم متعمدة، ضد مواطني دولة قطر، وحصارهم وتشتيت شمل أسرهم وحرمانهم من الدراسة والتملك والتنقل، هي قرارات وإجراءات قسرية وتعسفية تخالف قوانين حقوق الإنسان والقوانين الإنسانية الدولية".
أما العرب القطرية فتقول إن "إمارة أبوظبي أصبحت - بحسب المراقبين والمحللين - أمام خيارين أسوأ من بعضهما في حالة تنصّلها من تنفيذ قرارات المحكمة الدولية: فإما أن تلجأ قطر إلى مجلس الأمن الدولي لتنفيذ هذه القرارات، وإما أن تعلن الإمارات انسحابها من المعاهدة الدولية لإلغاء كل أشكال التمييز العنصري".
"تمثيلية مأساوية!"
وفي المقابل، تتساءل صحيفة الخليج الإماراتية "هل تريد قطر بالفعل ما سمّته لمّ شمل الأسر المختلطة؟ وهل تريد قطر ما سمّته عودة الطلاب القطريين إلى مدارسهم وجامعاتهم في الإمارات؟ السؤال الثاني المكمل والمتصل، منطقياً، بالسؤال الأول، أي إمارات تريد قطر عودة الأسر والطلاب إليها؟ الإمارات كما هي في الواقع، أم دولة الإمارات كما هي في نظر الدوحة، وكما فيما يُسمىّ وسائل الإعلام القطرية؟ الإمارات دولة التقدم والمحبة والتسامح والتعدد والسلام حوّلتها وسائل البغضاء القطرية إلى دولة الرعب والتعذيب والجهل وغياب حقوق الإنسان، فكيف تريد قطر العودة إليها؟".
وترى الجريدة أن "محور القول إن المسألة مفتعلة في الأساس، وكل قطري أراد منذ الأزمة أن يكون في الإمارات، فهو الآن في الإمارات ينعم بأجواء الأخوّة والصداقة، ويعيش بيئة الإمارات الحاضنة في أجواء البيت والعائلة والقبيلة والوطن، وكل طالب أراد بالفعل أن يكمل دراسته فهو بالفعل يكمل دراسته في الإمارات الآن. ولم يكن ذهاب قطر، بمظلوميتها ونواحها وبكائياتها، إلى لاهاي، إلا ضمن التمثيلية المأساوية التي تعيش، والتي لا تعكس إلا حالة التناقض والحيرة وفقدان الرشد".
ويقول محمد الحمادي في الاتحاد الإماراتية إن "استمرار النظام في قطر في مناكفاته مع الدول الأربع المقاطعة له ليس بالجديد، ولكن الجديد والغريب هو إصرار هذا النظام في الإضرار بمصالح الشعب القطري، واستخدام المواطن القطري في هذه الأزمة أكثر وأكثر، فحديث المظلومية والادعاء بأن المقاطعة قد أثرت على القطريين أصبح لا معنى ولا قيمة له اليوم، فقد أصبح العالم يرى أن مشكلة النظام القطري ليست مع الدول المقاطعة وإنما مع نفسه، وهو بذلك يحارب كل من لا يسير وفق مخططاته، ويؤذي كل من يريد أن ينأى بنفسه عن هذه الأزمة".