عبرت صحف عربية عن مخاوفها من مآلات ما يحدث في العراق من مظاهرات في محافظات الوسط والجنوب، خصوصاً البصرة، بسبب نقص خدمات الماء والكهرباء وانتشار البطالة.
وانتقد بعض الكتاب التدخل الإيراني في العراق، وعبروا عن مخاوفهم من أن تستغل طهران ما يحدث لصالحها.
وقد شهدت الاحتجاجات اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن قُتل فيها اثنان من المتظاهرين وأصيب فيها العشرات من الجانبين.
"انتفاضة عفوية"
ينتقد أحمد عبد المجيد في "الزمان" العراقية رئيس الوزراء العراقي المنقضية ولايته حيدر العبادي لتأخره في إيجاد حلول لمشاكل محافظات الجنوب قبل اندلاع المظاهرات.
يقول عبد المجيد "لماذا لم تطلق التريليونات المحتجزة لديك، إلى أهالي البصرة إذن؟ ولماذا لم تعلن عن الدرجات الوظيفية ليشغلها التواقون إلى فرصة عمل؟ لماذا كنت تحجم عن توسيع الاستثمار في قطاعات السكن والمدارس والخدمات؟ لماذا لم تسمح باطلاق دفعات المياه الكافية إلى الجنوب لإرواء الأراضي العطشى وإحياء الثروة السمكية المهددة وإطفاء ظمأ الأهالي والتخلص من الماء الأجاج؟ ولماذا لم تبادر إلى عزل أو حل مجلس مطار النجف إذا كانت الصلاحيات الدستورية تجيز لك ذلك؟".
وتحت عنوان "البصرة المبتلاة بالنفط"، يقول حمزة مصطفى في مقال بصحيفة "الصباح" العراقية "النفط ليس نعمة بحد ذاته بل هو في الغالب نقمة. ففي العديد من دول الخليج العربي مثلا ترتب على ثروات النفط الهائلة كسل مجتمعي خطير عبر تدفق العمالة الأجنبية حيث بدؤوا يعانون منها الآن ويبحثون عن بدائل".
من جهتها، تقول هيفاء زنكنة في "القدس العربي" اللندنية إن "الملاحظ في هذه التظاهرات أنها انتفاضة عفوية في المحافظات المحسوبة شيعية، بمشاركة رئيسية من الطبقة المتوسطة من محامين وجامعيين بالإضافة إلى الخريجين العاطلين".
وتقول إن العراق "على مشارف مرحلة جديدة، غير واضحة المعالم الآن، إلا أن الواضح، تماما، هو الغضب العارم الذي يشعر به المتظاهرون"، مضيفة أن "تغليف الفساد الإداري والمالي والأخلاقي، بمحاربة الإرهاب، واستناد الفاسدين على عكاز المظلومية، شارف على استنفاد صلاحيته".
وتمضي الكاتبة العراقية، قائلة "لن يكون مصير الحكام الحاليين، المستهينين بكرامة المواطنين، أفضل من المستعمر البريطاني، متمثلا بالحاكم العسكري كوكس، في عشرينيات القرن الماضي، الذي وصف العراقيين بأن 'تسعة أعشارهم من الإمعات'، فكانت ثورة العشرين التي علمته وامبراطوريته درسا لا ينسى".
ويصف ماجد السامرائي في "العرب" اللندنية ما يحدث في مدن وسط وجنوب العراق بأنه "انتفاضة حقيقة".
ويوجه الكاتب انتقادات لاذعة للحكومة العراقية ورئيسها حيدر العبادي بسبب طريقة تعاملها مع المظاهرات.
ويرى السامرائي أن الحل يكمن في استقالة حكومة العبادي و"تشكيل حكومة إنقاذ بقيادة نخبة من العسكريين الوطنيين الذين قاد قسم منهم المعركة ضد داعش، فهم قادرون على ضبط الأمن في البلاد والدعوة إلى انتخابات مبكرة بعد فشل الانتخابات المحلية وبإشراف مباشر من الأمم المتحدة".
ويقول إن "أحزاب السلطة الحاكمة تضع أي تنظيم سياسي معارض في خانة الإرهاب ولأن الحكومة ورئيسها لا يعترفان بالفشل، كما لم يلجأ حيدر العبادي إلى إقصاء وزراء الكهرباء والصناعة والزراعة والري باعتبارهم واجهة الأزمة أو إعلان استقالة حكومته، وبدلا عن ذلك يديرها بالتدابير الأمنية عن طريق تطويق مناطق التظاهرات، وقطع الإنترنت لمنع التواصل بين المتظاهرين".
ويحذر الكاتب العراقي من الحل الأمني، قائلاً إنه "سيقود إلى تداعيات خطيرة خصوصاً في العاصمة بغداد، إذا ما أدخل الحشد الشعبي كأداة لحماية الشارع لصالح الأحزاب النافذة".
منجهته، دعا سعد جواد في "رأي اليوم" اللندنية إلى أن "لا يلجأ الثائرون إلى التصادم مع القوات الأمنية وقوات الجيش، لأن الغالبية العظمى من منتسبي هذه المؤسسات العسكرية يعانون نفس معاناة بقية أبناء الشعب، وأن يعملوا على كسبهم، وسيجدون أن من يطلق النار عليهم ويقتلهم أو يجرحهم أو يروعهم هم أفراد المليشيات التابعة للأحزاب والشخصيات المشتركة في العملية السياسي".
"وباء التدخل الإيراني"
في "الشرق الأوسط" اللندنية، تقول أمل الهزاني "إذا أراد العراقيون اليوم إنعاش بلدهم بعد هذه العقود من الأزمات عليهم الوقوف ضد الممارسات الطائفية وفساد السياسيين والعمالة لإيران، لأنها هي من تعطل الكهرباء والماء والتوظيف وإصلاح الطرق".
وتستغرب الكاتبة كيف لبلد "كبير كالعراق الغني بموارده الطبيعية والبشرية يتعجب كيف أنه منذ عام 2003، بعد سقوط نظام صدام حسين، لم يستطع أن يقف على قدميه، بل وأصبح نموذجاً سلبياً للحوكمة".
وتنتقد الكاتبة السعودية ما تصفه بـ" وباء التدخل الإيراني" في دول المنطقة، حيث ترى أن "النموذج العراقي دلالة ظاهرة على رداءة حال الأرض التي تتعرض لتدخلات أجنبية انتهازية مع تواطؤ داخلي".
وفي السياق ذاته، يشير خير الله خير الله في "العرب" اللندنية إلى "إمكان استخدام إيران للعراق في عملية تستهدف التأثير على إمدادات النفط في العالم".
ويقول الكاتب "لا يبدو أنّ هناك أي أمل في الأفق بالنسبة إلى العراق، على الرغم من وجود شعور عام برغبة في التخلص من الهيمنة الإيرانية، حتّى لدى الشيعة".
ويشير الكاتب أيضا إلى ما يقول إنه "عملية تدمير ممنهجة للعراق" على مدار الستين عاماً الماضية.
ويقول الإعلامي اللبناني إن "أسوأ ما في الأمر أن إيران قد تكون في وضع يمكّنها من استغلال نفط العراق لمآرب خاصة بها. تبدو إيران وكأنها لم تشبع بعد من الدم العراقي ومن كلّ ما جنته إلى الآن من الاحتلال الأمريكي لهذا البلد".