حذرت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية من تواصل المظاهرات جنوب العراق احتجاجا على البطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية.
ورأى بعض الكُتّاب أن رقعة المظاهرات قد تتسع وأن الأمور قد تخرج عن السيطرة ما لم تتحل الحكومة بالحكمة في التعامل مع الوضع.
وبدأت الاحتجاجات في البصرة ثم امتدت لاحقا إلى محافظات جنوبية أخرى مثل ذي قار وميسان والنجف وبابل، بينما تصاعد التوتر بعد مقتل متظاهر الأسبوع الماضي إثر إطلاق نار خلال تفريق مظاهرة.
كما اقتحم مئات العراقيين مطار مدينة النجف وأوقفوا الحركة الجوية الجمعة قبل أن تعود لتسير بشكل طبيعي.
"تصعيد المطالب"
نبدأ من صحيفة القدس العربي اللندنية التي قالت: "يبدو أن وعود رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي وصل البصرة الجمعة، بأن زيارته إلى المدينة جاءت لـ'خدمة الأهالي'، لم تفلح في إقناع المتظاهرين الغاضبين بإيقاف حراكهم الاحتجاجي المستمر منذ أكثر من أسبوع، بل أسهم ذلك في انتقال التظاهرات إلى المحافظات الأخرى".
وفي العرب اللندنية، حذرت باهرة الشيخلي من أن "الوضع في العراق يتطور بصفة خطرة، وليس مستبعدا أن تشارك فيه المدن الغربية والشمالية في البلاد، فالطبقة السياسية العراقية، كما قال أحد المتظاهرين، وزعت ظلمها بالتساوي على العراقيين جميعا ولم تكن عادلة إلا في هذا التوزيع".
وأضافت الكاتبة: "إذا كان العراقيون قد بدأوا مظاهراتهم بالمطالبة بتوفير الخدمات، التي يعلمون أن الحكومة غير قادرة على توفيرها، فإنهم سيرفعون سقف مطالبهم إلى التغيير الشامل للنظام السياسي في العراق".
وبالمثل، دعا صادق الناشر في صحيفة الخليج الإمارتية إلى "التحلي بالحكمة لمواجهة تطورات الأوضاع في البصرة"، محذرا من أن "خلاف ذلك سيدفع بالمحتجين إلى تصعيد مطالبهم بشكل أكبر، وحينها قد تخرج الأمور عن السيطرة، وسيصبح الممكن تحقيقه اليوم صعباً في الغد، والخشية أن تتحول البصرة لتصبح شرارة لمواجهات مشابهة في أكثر من منطقة عراقية".
من جانبه، أشار جاسم الشمري في صحيفة عربي 21 الإلكترونية إلى أن "إجهاض المظاهرات في العراق واحدة تلو الأخرى، مرة بالوعود بالآمال غير الصادقة، وأخرى بالترهيب وثالثة بالإجهاض عن طريق المندسين.. كلها سبل لتأجيل العلاج الحقيقي، وهو ضرورة أن تكون هنالك ثورة شعبية سلمية شاملة تنهي هذه المرحلة الشاذة من تاريخ العراق، وإلا فإن الخراب سيبقى هو سيد المواقف، سواء على مستوى الحريات أو الخدمات، أو غيرها من ضروريات الحياة الإنسانية الحرة الكريمة!"
"غايات شخصية وحزبية"
في سياق متصل، تساءل عبد الكاظم حسن الجابري في جريدة صوت العراق الإلكترونية: "هل توقيت التظاهرات في محله؟ وهل الحكومة المنتهية الولاية قادرة على توفير ما عجزت عن تقديمه خلال خمسة عشر عاما؟!"
وحذر الكاتب من أن "هذه المشاكل وفي هذا الوقت بالذات ستجعل المتربصين بالعراق... يحركوا أصابعهم الخفية لتفجير الوضع في مناطق الجنوب والوسط الآمنة كليا، وسيبدؤون بتحريك خلاياهم من تيارات دينية فكرية منحرفة ومن فلول البعث ومن إرهابيين لتنقض على الوضع الآمن في الجنوب، أيضا سيدخل على الخط أولئك المنافسين السياسيين، الذين فقدوا الحكم في الدورات السابقة، ليحركوا جيوشهم الالكترونية وأصابعهم الخفية لتحريف التظاهرات عن مساراها وأيضا للتشويش على الوضع العام للبلد لغايات شخصية وحزبية ضيقة".
أما سلام السعدي فقال في صحيفة العرب اللندنية "الاستقرار يحتاج إلى عملية إعادة إعمار واسعة وتذليل مصاعب العيش التي تعصف بملايين العراقيين، وخصوصا الذين نزحوا من منازلهم وعادوا ليجدوها مدمرة أو لم يتمكنوا من العودة، هذه عملية عسيرة للغاية إذ لا يبدو أن تمويل إعادة الإعمار متاح حتى الآن ولا تبدي الحكومة العراقية اهتماما خاصا في ظل انشغال مكوناتها بالصراعات الداخلية وبالانتخابات. وبصورة عامة هنالك حاجة ماسة لتحقيق نقلة واضحة في الظروف الاقتصادية والمعيشية لجميع العراقيين وليس السنة فقط".