يحكى ان أمرأة تشكوا الفقر والجوع، كانت تملك عقدا من الذهب، عزيز عليها، لذلك لا تريد بيعه، وكان لديها نخلة في بداية ثمرها، لذلك كلما جاعت هرعت الى العقد واخرجته لكي تبيعه وتشتري الطعام، تنظر الى النخلة، فترى فيها الطلع فتردد هذه الكلمات " ما ابيع طوقي(العقد) والملكح بالنخل، أربعين يوم والبشير(الرطب) يدير" فترجع الى البيت وتخفي عقدها، وتنام وهي جائعة على امل انتهاء الأربعين يوم، فتأكل الرطب وتحافظ على عقدها، استمرت هذه الحالة الا ان توفاها الأجل من شدة الجوع، فخسرت حياتها والطوق.
كذلك نحن كشعب كثير منا ينتظر ان يحصل التغير ونحن جالسين في بيوتنا، وننتظر ان نواكب التطور الحاصل في العالم ونحن قد اعطينا عقولنا إجازة، والأكثر من ذلك ننتظر ان يأتي الأمام المنتظر ليحكم بالعدل ويملئ الدنيا قسطا وعدلا.
جميع تلك الأمنيات أدت بنا ان نصبح اتكاليين، نتهرب من المسؤولية, نلقي باللوم على الأخرين, حتى شعاراتنا التي نرفعها في المظاهرات والتي نطالب فيها بالأصلاح, تكون دائما بألقاء اللوم على الأخرين في أي فشل يحصل في البلد, أما مطالبنا دائما ما تكون مطالب شخصية, بعيدة جدا عن المطالب الوطنية, فلم نجد هناك مطالب بإعادة النظر في قانون الانتخابات, او أصلاح النظام القضائي, أو حتى تنفيذ القصاص بمن كان خائن لشعبه ووطنه, أو تغير الوزراء الفاسدين او الذين لم ينجحوا في عملهم, فاغلب المظاهرات كانت تتلخص بفرص العمل, وفي أحسن احوالها تطالب بتوفير الكهرباء والماء.
في حين ان هذه المطالب كانت تتحقق تلقائيا ان تم محاكمة الفاسدين من الوزراء والمواطنين على حد سواء، وتطهير القضاء من الفساد والرشوة.
نحن ننتظر المرجعية ان تتدخل في كل شيء، بل اغلب الشعب في الانتخابات الأخيرة كان ينتظر توجيهات المرجعية ليحدد خياره القادم، لكن عندما أعطت المرجعية التوجيهات اغلبنا خالفها، واتخذ الخيار الأصعب الذي منحته للشعب مع تحذير مبطن من عواقب هذا الخيار.
بالرغم من كون المرجعية وضعت الخيار بيد الشعب، وحملته كامل المسؤولية، بل واعطته كامل الصلاحيات لكي يمتلك زمام الأمور بيده، ويكون هو صاحب القرار، من خلال الخطبة التي سبقت الانتخابات البرلمانية الأخيرة من خلال قولها" من حق الشعب ان يحدث التغير المنشود، والتغيرات التي يرغب من خلال اتباع الطرق القانونية والدستورية" نجد اليوم هتافات المتظاهرين تلقي باللوم على المرجعية، بانها كانت السبب في وصول الفاسدين الى السلطة، وهذا خلاف للحقيقة، انما من اوصلهم هي اصابعنا البنفسجية التي اختارتها.
أن انتظار الأمام ليحكم بالقسط هو هروب، ومطالبة المرجعية بتحديد خياراتنا هو هروب أيضا، لذلك يجب ان نتحمل مسؤولياتنا، فأن اخطأنا نعترف ونعمل على تصحيح الخطأ، وأن نجحنا نكون قد تقدمنا خطوة في الاتجاه الصحيح.
لنغادر أحلامنا المميتة، ونترك الاتكالية، ونتعامل مع واقع نعيشه فعلا، ان أردنا ان نصنع حياة كريمة لنا، ومستقبل مشرق لأجيالنا القادمة، ولا نتعكز على أمل لا نعلم متى وأين يتحقق، فبعض الأمل موت.