هناك قاسم مشترك بين ثلاثة من الفرق الأربعة المتأهلة للدور نصف النهائي لكأس العالم غير القرب الجغرافي فيما بينها.
وتضم منتخبات فرنسا وبلجيكا وانجلترا عددا كبيرا من اللاعبين المولودين لآباء أو أمهات من المهاجرين.
وتشير الأرقام إلى أن 16 لاعبا من بين الـ 23 لاعبا الذين يمثلون فرنسا في كأس العالم كان أحد أبويهم على الأقل قد ولد خارج فرنسا. وولد اثنان أخران على الجزر الفرنسية على البحر الكاريبي التي تعتبر جزءا من الأراضي الفرنسية.
وتقول الإحصائيات أيضا إن 11 لاعبا في منتخب بلجيكا وستة لاعبين في منتخب انجلترا كان أحد أبويهم على الأقل من المهاجرين. وهناك أربعة لاعبين آخرين في منتخب انجلترا ينحدرون من منطقة البحر الكاريبي، ومن بينهم رحيم سترلينغ المولود في جامايكا.
ولم يكن هذا التنوع الثقافي في المنتخب الفرنسي بالشيء الجديد.
ويُنظر إلى المنتخب الفرنسي الفائز بكأس العالم عام 1998، وهو اللقب العالمي الوحيد للديوك الفرنسية، على أنه رمز لنجاح الاندماج في المجتمع الفرنسي، وكان يطلق عليه اسم "فريق قوس قزح".
وبسبب هذا التنوع الثقافي، تحظى فرنسا بتشجيع الكثير من البلدان الأخرى وهي تنافس على لقب المونديال.
وينطبق نفس الأمر على منتخب بلجيكا، الذي يضم 11 لاعبا أحد والديهم على الأقل من المهاجرين، بما في ذلك روميلو لوكاكو وفينسنت كومباني - والديهما من الكونغو - كما لعب والد لوكاكو باسم منتخب زائير في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
ويقدم هذا صورة مختلفة تماما عن منتخب بلجيكا المشارك في كأس العالم عام 2002، ولم يضم انذاك سوى لاعبين اثنين فقط من أصول غير بلجيكية.
وتقام بطولة كأس العالم 2018 في ظل انقسام سياسي واجتماعي وثقافي عميق في بلجيكا، التي تضم إقليمين ولغتين رسميتين هما - والونيا (اللغة الفرنسية) وفلاندرز (اللغة الفلمنكية).
لكن المنتخب البلجيكي يضم لاعبين من كلا الإقليمين ومديرا فنيا إسبانيا، وهو ما يعد بمثابة رمزا للوحدة. ونظرا لأن معظم لاعبي المنتخب البلجيكي يلعبون في انجلترا فإن اللغة المشتركة بينهم هي اللغة الإنجليزية.
وقال يان أرتسين، مشجع بلجيكي، لبي بي سي قبل المباراة التي حققت فيها بلجيكا الفوز على البرازيل: "أنا لست في كأس العالم لكي أتحدث عن السياسة. هذه البطولة هي مناسبة للاحتفال كأمة واحدة وتشجيع فريق يمثل كافة أطياف المجتمع البلجيكي."
وقال ضاحكا: "الأشخاص الذين يدافعون عن الانفصال لا يدركون أن ذلك سوف يؤدي إلى إضعاف المنتخب بشكل كبير."
ويضم المنتخب الإنجليزي أيضا عددا كبيرا من أبناء المهاجرين.
وحقق المنتخب الإنجليزي بقيادة المدير الفني غاريث ساوثغيت نجاحا غير متوقع في كأس العالم بفريق يضم ستة لاعبين أحد والديهم على الأقل من المهاجرين إلى المملكة المتحدة.
وقال ساوثغيت: "نحن فريق يتمتع بالتنوع وصغر سن عناصره بشكل يمثل انجلترا الحديثة. لقد أمضينا بعض الوقت في إنجلترا غير قادرين على تحديد هويتنا الحديثة بالضبط. وبالطبع، سوف يتم تقييم أدائي بناء على نتائج كرة القدم أولا وقبل أي شيء أخر. لكن لدينا فرصة للتأثير على أشياء أخرى أكبر من ذلك".
لكن خبراء في العلاقات العرقية ينصحون بالحذر. ويحذر بيارا باوار، مؤسس منظمة "فير" المعنية بمواجهة قضايا العنصرية في كرة القدم الأوروبية، من أن الفرق ذات الخلفيات المتنوعة لا يكون لها تأثير دائم على الناس.
وقال لبي بي سي: "وجود تنوع في ثلاثة فرق من الأربعة فرق التي وصلت للدور قبل النهائي لكأس العالم هو لحظة رمزية إلى حد كبير، لكن التجارب السابقة أثبتت أن العامل الإيجابي يستمر لأشهر قليلة. ونرى منذ الآن لاعبا من أقلية عرقية في الفريق الإنجليزي، وهو رحيم ستيرلنج، يواجه بمفرده انتقادات في كل مباراة".
وأضاف: "لا أعرف ما إذا كان سترلينغ سيكون كبش فداء لو هزمت انجلترا في الدور نصف النهائي، كما حدث مع اللاعب ذو الأصول التركية مسعود أوزيل عندما خرجت ألمانيا من كأس العالم".