سأحكي لكم اليوم قصة إدماني التي قد تدخل ـ ذات يوم ـ موسوعة "جينس" للأرقام القياسية كأغرب إدمان عرفته البشرية على مر التاريخ.
وبالرغم من تقدمي في العمر ,ومحاولاتي الدائبة لإخفاء هذا الادمان والتستر عليه ,إلا أنني رأيت أن من حق أصدقائي ومواطنيَّ وأبنائي عليّ أن يعرفوا مني هذه القصة الغريبة.
نعم..سأروي حكاية الادمان ,وكيف ومتى بدأت , فقد سافرتُ في وقت مبكر من حياتي خارج الوطن وعشت حوالي نصف عمري مغتربا.
طفتُ أثناء تلك الغربة بعدد كبير من دول العالم : متعلما أو عاملا أو سائحا ,زرت معظم القارات ,تنقلت بين أعرق المدن والمتاحف والحدائق ,تعرفت على لغاتٍ ولهجات لم أسمع بها أو عنها قبل ذلك ,صعدت ناطحات السحاب حتى رأيت المزن تمر أسفل مني ,سافرت من خلال أكبر وأجمل طائرات ومطارات العالم ,كنت شاهدا على تطور دول بعد إنشائها من الصفر تقريبا حتى أضحت تضاهي في عمرانها وتقدمها أعرق الحضارات وأكثرها رقيا وازدهارا.
رأيت مُدنا بُعثت من تحت الانقاض ,وأخرى قامت وازدهرت بعد الحروب والدمار ,جسورٌ عُلِّقت ,وطُرقٌ مُهدت ,ومصانع شُيدت ,شاهدتُ عقولا تُخطط وأيادٍ تبني وترفع ,وطموح للبناء ليس له حدود.
عشتُ كل ذلك بنفسي وشاهدته بأم عيني ,وكنت بين الفينة والاخرى أعود الى وطني الذي لم تتغير معالمه ,رغم السنين ,رغم الثروات الهائلة , رغم المساعدات المتدفقة من الشرق والغرب ,نفس الرتابة ,نفس الشوارع المتهالكة ,نفس المباني المُهترئة ,نفس النفايات المتراكمة كالجبال.!!
نعم!! واقع مزرٍ لا أملك له تغييرا ,وليس باليد حيلة ,كما يقال, ومع ذلك فكنت أفرح وأُسَرُّ حين أشاهد مسؤولا مختلسا أو تاجرا محتكرا يشيّد قصرا جميلا ليسكنه أو يؤجره أو أرى مشروعا يقام من طرف الحكومة ـ مهما كانت تفاهته وحجمه ـ وأعتبر ذلك لبِنة مضافة ستساهم في نهضة البلد ورقيّه ولو بعد مئات السنين.
وبعد أن عدت من الغربة بصورة نهائية ,عدت بتلك الاحلام أو الاوهام ـ كما يطلق عليها البعض ـ ,أحلم بأن أرى بلدي كما رأيت بلدانا أخرى أقل شأنا وأضعف موردا ,بلدان تطورت وازدهرت وأصبح لها شأن وذكر بين دول العالم ,وكنت وما زلت الى اليوم..
تابع بقية قصة الادمان وتعرف على تفاصيلها بالضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــا