انفردت صحيفة الفاينانشال تايمز بين صحف الاثنين البريطانية بنشر تقرير عن مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بوصفها مؤشرا على التحديات التي تواجه رؤية التحديث وتنويع النشاط الاقتصادي في المملكة العربية السعودية.
ويرى كاتب التقرير، أحمد العمران، أن حكاية تطوير هذه المدينة التي يصفها بالنائمة تشكل تحذيرا بشأن التحديات التي تواجه ولي العهد السعودي الشاب الأمير محمد بن سلمان في برنامجه الطموح لتحديث المملكة المحافظة، بما في ذلك خططه لإنشاء مدينة استثمارية كبرى بتكلفة 500 مليار دولار على الساحل الشمالي الغربي للبلاد تعرف باسم نيوم.
ويقول التقرير إن مدينة الملك عبد الله أنشئت قبل عقد كجزء من مشروع بقيمة 30 مليار دولار لإنشاء ست مدن جديدة لتنويع اقتصاد البلاد المعتمد على النفط وجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير 1.3 مليون فرصة عمل وإضافة 150 مليار دولار لإجمالي الناتج المحلي.
ويضيف أن مدينة واحدة فقط من هذه المدن الست، هي مدينة الملك عبد الله، قائمة اليوم بعديد سكان لا يتجاوز 7000 نسمة فقط، على الرغم من أن الهدف المرجو كان أن يصل عديد سكانها إلى مليونين في عام 2035.
معاناة في جذب الاستثمارات
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من توفير حريات اجتماعية في المدينة أكثر من المدن السعودية الأخرى، إلا أن المدينة الواقعة على بعد 145 كيلومترا إلى الشمال من جدة، تبدو هادئة تماما وخالية.
وكان الهدف أن تكون هذه المدينة مركزا للخدمات اللوجستية والصناعية، بيد أن معاناتها في جذب المستثمرين والسكان تؤشر معركة طويلة تواجهها المملكة في جذب الرأسمال الأجنبي في مجالات خارج قطاع الطاقة.
ويرى التقرير أن ذلك النموذج يوضح التحديات التي يواجهها الأمير محمد لإنجاز خطته الإصلاحية "رؤية 2030"، التي تهدف إلى تقليل دور الدولة المهيمن وتوفير 450 ألف فرصة عمل في القطاع الخاص بحلول 2020، وتخفيض نسبة البطالة في البلاد من 12 في المئة إلى 9 في المئة خلال الفترة ذاتها.
ويشير التقرير إلى أن مشروع نيوم، هو المشروع الأبرز في خطة ولي العهد السعودي الذي كشف عنه في مؤتمر استثمار ضخم بالرياض في أكتوبر/تشرين الأول، بعنوان "مبادرة مستقبل الاستثمار" وضم نحو 3000 من كبار المصرفيين والمستثمرين ومدراء الشركات التنفيذيين.
ويضيف أن نيوم أكثر طموحا بكثير من المدن الاقتصادية الست التي اطلقت في العقد الأول من هذا القرن، وستمتد "نيوم" على مساحة 26 ألفا و 500 كيلومتر مربع وتهدف لجلب الاستثمارات في التقنيات الجديدة، وبضمنها الطاقة المتجددة وصناعة البشر الآليين، فضلا عن المساهمة بمبلغ 100 مليار دولار في إجمالي الناتج القومي بحلول 2030.
ويرى الامير السعودي أن المشروع سيمول من الإنفاق الحكومي عبر صندوق الاستثمارات العامة (صندوق ثروة سيادية بقيمة 230 مليار دولار) فضلا عن استثمارات القطاع الخاص.
ويشدد التقرير على أن خطط تنويع اقتصادي مشابهة قد جُربت مرات عديدة وتعثرت، لكن المسؤولين السعوديين يصرون على أنهم تعلموا الدروس من الماضي.
وينقل التقرير عن وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، قوله "سنتعلم. إذا نفذنا شيئا ما واعتقدنا أنه لم يكن كما خططنا له، سنعدل في خططنا".
وتساءل الجدعان " هل أنا واثق؟ نعم ... أرى النتائج وزخمها".
ويرى التقرير أن الشركات السعودية تظل مترددة جراء حالة اللايقين لديها وهي تعاني من اقتصاد راكد وإجراءات التقشف الحكومية، كما أظهرت الشركات الأجنبية ترددا أيضا في الاستثمار خارج قطاع الطاقة.
ويشير التقرير إلى أن الرياض لم تعلن سوى صفقة كبرى واحدة لمشروع طاقة شمسية مع مصرف "سوفت بانك" الياباني خلال جولة بن سلمان التي استمرت لأسابيع في بريطانيا والولايات المتحدة.
وينقل التقرير عن ستيفن هيرتوغ، الخبير في الاقتصاد السياسي لدول الخليج في كلية لندن للاقتصاد، قوله إنه "من غير الواقعي أن نتوقع قيام القطاع الخاص ببناء بنى تحتية أساسية وصيانتها".
ويشير التقرير الى أن المسؤولين في مدينة الملك عبد الله يقولون إنهم متفائلون من أن خطط الأمير محمد الإصلاحية ستضخ حياة جديدة في منشآتهم، وإن نحو 30 شركة أجنبية ومحلية تعمل الآن في المنطقة الصناعية في المدينة، وثمة عدد مماثل في طور الانتقال إليه.
وينقل التقرير عن فهد الرشيد، الرئيس التنفيذي لشركة "إعمار المدينة الاقتصادية"، المطور الرئيسي للمدينة، قوله "رؤية 2030 هي دعوة لاقتصاد ما بعد النفط، ونحن في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية نعتقد أننا نموذج لاقتصاد ما بعد النفط".
صوت الشباب التركي
وتنشر صحيفة التايمز تقريرا من مراسلتها في تركيا تحت عنوان "الشباب التركي سيقف ضد انحدار أردوغان إلى الحكم الأوتوقراطي".
وتتحدث المراسلة مع عدد من الشباب الأتراك، قبيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجرى الشهر المقبل، والتي من المتوقع أن تقود إلى تعديلات دستورية تبعد تركيا عن نظام الديمقراطية البرلمانية التي رسخها مؤسس تركيا الحديثة كمال اتاتورك قبل نحو قرن.
وتتجه تركيا بدلا من ذلك إلى أن تُحكم عبر رئيس يمتلك صلاحيات تنفيذية واسعة وله وحده سلطة تصديق القوانين وانتقاء مجلس الوزراء وحل البرلمان.
ويقول التقرير إن هذا النظام الجديد من بناة أفكار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ويخشى معارضوه من أنه قد يستخدمة لتعزيز "نزعته التسلطية المطردة".
ويشير التقرير إلى أن كل المرشحين الأساسيين الثلاثة للرئاسة ضد أردوغان، وهم محرم اينجه والقومية العلمانية ميرال اكشينار، والمرشح الكردي صلاح الدين دميرتاش، تعهدوا بإلغاء نظام الحكم الرئاسي وصياغة دستور جديد يعتمد من جديد النظام البرلماني.
ويخلص التقرير إلى أن تصويت الشباب التركي سيكون حاسما في هذا الانتخابات مع وجود نحو 1.5 مليون ناخب شاب من المتوقع أن يدلون بأصواتهم لأول مرة في 24 من يونيو/حزيران، لاسيما وأن نسبة البطالة بين الشباب تفوق العشرين في المئة، ويضطر العشرات من الشباب المتعلم إلى الهجرة من بلادهم بحثا عمل في الخارج، بحسب التقرير.
مظاهرة ضد منع الافطار العلني في رمضان
وتنشر الصحيفة نفسها تقريرا آخر عن مظاهرة انطلقت أمام وزارة الثقافة التونسية السبت تطالب بحرية تناول الطعام والشراب والتدخين للمفطرين في شهر رمضان.
ونقلت موفدة الصحيفة عن إحدى منظمات المظاهرة قولها : "نريد أن تبقى المقاهي والبارات مفتوحة"، وتضيف "يجب أن يحترموا حرية فكرنا، كي نتمكن من العيش في بلادنا معا، مسلمين وغير مسلمين. وهذا ما نطالب به".
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من تبني تونس للديمقراطية على الطريقة الغربية، لكنها لا تتوفر على حق عدم الالتزام بالتقاليد والأعراف الدينية. وتظل القوانين التي تحدد أوقات عمل المقاهي والمطاعم خلال شهر رمضان غامضة، فالدستور التونسي يشير إلى أن تونس بلد مسلم، لكن المادة السادسة منه تنص على ضمان حرية الفكر للمواطنين، الأمر الذي يراه التقرير تناقضا.
ويقول التقرير إن وزير الداخلية التونسي، لطفي براهم، حض الأقلية من غير الصائمين على احترام نسبة 99 من التونسيين الملتزمين بصيام رمضان، بحسب وصفه.
ويضيف أن الشرطة شنت بناء على توجيه الوزير حملات دهم على المقاهي التي فتحت أبوابها في رمضان في المناطق التي يرتادها السواح الأجانب.
وترى كاتبة التقرير أن التطرف يظل تحت السطح في تونس، التي تمتدح بوصفها من أكثر البلدان تقدمية في المنطقة. إذ قاتل آلاف التونسيين في صفوف الجماعات الجهادية المسلحة، في ليبيا وسوريا والعراق.