ناقشت صحف عربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، محاولات الأحزاب والائتلافات السياسية في العراق تشكيل حكومة جديدة عقب الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 12 مايو/آيار.
وكان تحالف "سائرون للإصلاح" بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر قد تصدر النتائج النهائية للانتخابات بحصوله على 54 مقعداً من بين 239، يليه تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري، ثم "النصر" بقيادة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
"حكومة مسخ"
وكتب شملان يوسف العيسى في الشرق الأوسط اللندنية مقالا بعنوان "العراق والولادة العسيرة"، يقول فيه: "الأمر المؤكد أن الحكومة العراقية الجديدة ستأخذ في الاعتبار قبل تشكيلها المتغيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر في عراق المستقبل، فداخلياً أثبت الشعب العراقي رغم تجربته القصيرة مع الديمقراطية الوليدة أن لديه مقدرة عالية على التغيير ورفض كل الأفكار والطروحات الدينية والمذهبية التي روّجها بعض السياسيين العراقيين لخداع الناس وتغطية فسادهم".
ويضيف العيسى: "المعضلة الرئيسية التي ستواجه رئيس الحكومة العراقية القادم هي تحديد الضمانات الدستورية للتعددية وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص للجميع والتوزيع العادل للثروة وتحقيق التنمية الشاملة والتأكيد على الوسطية في المجتمع وتنمية الروح الوطنية. أما العلاقة مع الخارج فمطلوب من العراق تبني سياسات تخدم مصلحة العراق العليا بعيداً عن الطروحات الدينية والمذهبية".
أما زيد العلي في الأخبار اللبنانية فوصف مشاورات تشكيل الحكومة بـ"عملية طويلة ومؤلمة"، مضيفاً أنه "في الدورات السابقة، طالت مفاوضات تشكيل الحكومة لمدة أشهر بسبب قيام السياسيين بمقايضة المناصب، متجاهلين تماماً الأولويات في السياسات العامة والوعود التي أطلقوها أثناء الحملات."
ويؤكد العلي أن البرلمان المقبل يضم الكثير من الأحزاب الصغيرة، مضيفاً: "ستتألف الحكومة المقبلة من ائتلاف مكون من عدة ائتلافات، ويجعل هذا الاتفاق على برنامج متماسك أمراً مستحيلاً. فهل تستطيع حكومة مسخ كهذه القيام بالتحسينات التي يتوق إليها العراق، والتي هو بأمسّ الحاجة إليها؟"
وفي رأي اليوم اللندنية، يوجه عبد الجبار العبيدي بعض النصائح لمقتدى الصدر حول تشكيل الحكومة الجديدة، إذ يقول: "نأمل وبلا إطالة أن يكون من تختارونه لهذا الموقف العصيب من أهل البلاد ممن يمتاز بالخلق المتين، والأمانة والصدق، وصفاء النية، والبعد عن الخداع مع الجماهير، وأن لا تكرروا معكم من خان وغدر من فصيل أحراركم من السابقين".
ويضيف العبيدي: "نريد من سماحة السيد أن يحول المبادئ إلى تشريعات، واختيار الوزير الأول ممن يعتمد عليه بتطبيق الفكر العلمي والوفاء للوطن، ومن المتحمسين لحرية القول، ووضع حدٍ للجمود الفكري المتبع في عراقنا اليوم، وتحرير المرأة من كابوس التخلف … من هنا ستكون البداية لخروج الوطن الى عصر جديد."
"حكومة أبوية"
وينتقد بعض المعلقين العراقيين الدعوات التي أطلقها مقتدى الصدر لتشكيل ما وصفه بالحكومة الأبوية في البلاد.
ففي مقالٍ له بعنوان "النظام الأبوي والنظام الديمقراطي قطبان لا يلتقيان"، يقول شه مال عادل سليم في موقع دواروز الكردي الناطق بالعربية: "باختصار شديد، إن العراق بحاجة إلى دولة مؤسسات، وأن يكون الجميع تحت حماية القانون على قدم المساواة دون أي تمييز في المعاملة، فلا ينبغي أن تقوم في المجتمع البشري أي فوارق نابعة من اختلاف الجنس أو الدين أو الأصل او اللغة".
ويختتم الكاتب بالقول: "أخيرا أقول: إن الأبويّة نقيض الديمقراطية الحقيقية، تستأثر بالسلطة والفكر وتطبق القانون بشكل انتقائي بالضبط كما هو اليوم في العراق."
ويؤكد يؤكد علي شمخي في الصباح الجديد العراقية، بالمثل، أن أصحاب هذه الدعوات لم "يستفدوا من تجارب الحكومات السابقة وما آلت إليه هذه الأشكال والنماذج وما أنتجته من تقاطعات وشلل في الأداء البرلماني والحكومي".
ويضيف شمخي: "لقد أثبتت تجارب أكثر من ثلاث دورات انتخابية أن الحرص الشديد والالتزام التام بتمثيل جميع المكونات وجميع الأحزاب وجميع ألوان الطيف السياسي العراقي في الحكومات المشكلة بأن هذا الاتجاه يعوق كثيرا أداء رئيس الوزراء ويبطئ الأداء داخل قبة البرلمان وداخل مؤسسات السلطة التنفيذية".