لقد أبدع الموريتانيون في مجال التأليف، فألفوا في عدة مجالات علمية مختلفة مئات المؤلفات ــ أو ربما لآلاف ــ التي هي غاية في الجودة والإتقان في كثير منها، سواء الورقية منها أو الرقمية ــ كما هو معروف ــ بيد أن الإبداع لا يظهر فقط في الكتب الرقمية والورقية الموريتانية فحسب، وإنما يظهر أيضا فيما يسمى بالكتب الوهمية، وهي إبداع موريتاني محض ـــ حسب العلم ـــ وأشهرها على الإطلاق كتاب "ظاهرلي" لأنه كتاب شامل لكافة المجالات العلمية، وهنا نفرق بين ظاهرلي المسبوقة بأدلة وبراهين بغية الاستنباط ، وبين ظاهرلي المجردة ، فتلك بالذات هي "كتاب ظاهرلي" الذي نقصده، ونظرا لتلك الأهمية السالفة الذكر للكتاب قررت قراءة في ثناياه للتعرف على سلبياته وإيجابياته، وذلك انطلاقا من العناوين التالية :
أولا : مؤلفة الكتاب :
إن مكانة المؤلف هي التي تعكس قيمة الكتاب العلمية، والكتاب الذي بين أيدينا تم تأليفه من طرف مؤلفة لها مكانتها الكبيرة وشهرتها العالية في المجتمع الموريتاني ، آلا وهي المؤلفة المدعوة بـ (الجرأة الموريتانية) وهي مؤلفة بارعة لها العديد من المؤلفات المنتهية في الدقة، نذكر منها كتاب الغش ، وكتاب النفاق ، وكتاب الفساد....وهي مؤلفات حفظها الموريتانيون عن بكرة أبيهم وطبقوا ما فيها كل التطبيق ـــ إلا من رحم ربك وقليل وقليل ماهم ــ ولذلك نرى آثارها السلبية جلية على مجتمعنا الذي يكاد يكون لا يتقن غيرها.
ثانيا : تمفصولات الكتاب :
يقع الكتاب فيما يزيد على عشرين فصلا، ذلك لأن المؤلفة لم تترك مجالا علميا إلا وخصصت له فصلا كاملا ، فهناك فصل للعلوم الشرعية ، وفصل للعلوم السياسية ، وفصل للعلوم اللغوية ، وفصل للتاريخ ، وفصل للجغرافيا ، وفصل لعلوم الفلك ، فضلا عن الرياضيات والفيزياء والكمياء ......ولكن نصيب الأسد من الكتاب كان لفصلا العلوم الشرعية والعلوم السياسية، إذ لا تكاد تطرق أيا من مواضيع هذان الفصلان في مجلس إلا ووجدت بسرعة فائقة من يقرأ من هذا الكتاب قراءة سريعة.
ثالثا : إيجابيات الكتاب :
للكتاب عدة إيجابيات دفعت بالكثيرين إلى القراءة منه، بل ولاعتماد عليه كليا ــ كما عند البعض ــ ونذكر منها :
التوفر : فهو كتاب سهل الاقتناء متوفر للغاية ولا تنفد طبعاته.
سهولة المطالعة : كل شخص يستطيع أن يقرأ منه وفي أي وقت وفي أي مكان، سواء كان أميا أو متعلما.
الشمولية : فهو كتاب ـــ كما ذكرنا ـــ شامل لكل العلوم : الشرعية ، والإنسانية، والتجريبية...
رابعا : سلبيات الكتاب :
لا يخلوا أي كتاب من انتقادات من طرف المؤلفين والباحثين ، ولكتابنا عد الحصى من الانتقادات والملاحظات ، وهي انتقادات واردة كلها ووجيهة للغاية ، وذلك هو الفرق بينها وبين أي انتقادات لأي كتاب آخر، ومن تلك الانتقادات التي تشكل سلبيات خطيرة على قارئه :
غياب المصادر والمراجع، فهو كتاب ليست له مصادر ولا مراجع، وبالتالي من يقرأ منه عمدا إنما يفتري افتراءا .
أقعد كثيرون عن العلم بفعل الاتكال عليه .
من يعتمد عليه كثيرا ما يقحم بحجج وبراهين من طرف المتعلمين ، فيبهت نتيجة لجهله.
الفتاوى الصادرة منه هي فتاوى زور وبهتان ، وتضر بالمجتمع ضررا كبيرا.
لا يمكن تخيل الإثم الذي يرتكبه من يقرأ منه .
يعود صاحبه على الكذب والزور والعياذ بالله.
تلك السلبيات هي غيض من فيض ، وهي تضر بالمجتمع من كافة النواحي.
فهل سينتهي الموريتانيون عن قراءة "كتاب ظاهرلي" نتيجة لسلبياته الجمة ؟.
لا أعتقد ذلك، لأن مؤلفة الكتاب هي الجرأة الموريتانية التي لا تراعي إلا ولا ذمة ولا خلقا ولا دينا.....
محمـــد محفوظ الحارث