كان لإحدى الأمهات عينٌ واحده وقد كرهها ابنها لِما كانت
تسببه له من إحراج أمام زملائه ، فكان يرى شكلها مقززا ، وكانت هذه الأم تعمل طاهيةً في المدرسة التي كان يدرس هو فيها لتُعيله و تُساعده على إكمال دراسته.
أما هو فكان دائماً يحاول أن يخفي عن أصحابه أن تلك الطاهية هي أمه خوفاً من تعليقاتهم وخجلاً من شكلها.
في أحد الأيام صعدت الام إلى فصل ابنها كي تسأل عنه وتطمئن على تحصيله الدراسي ، أحسَّ الولد بالإحراج والضيق الشديد نتيجة لما فعلته أمه ، فتجاهلها ورماها بنظرة مليئة بالكره والحقد , وفي اليوم التالي أبدى أحد التلاميذ سخريةً من ذلك الولد قائلاً له : يا ابن الطاهية ذات العين الواحدة ، حينها اشتد ضيقه كثيراً وتمنى لو كان بإمكانه ان يدفن نفسه أو يدفن أمه ليتخلص من العار والخجل الذي يسببه له شكلها.
وفي البيت واجهَ الولد أمه بعد السخرية التي تعرض لها من زميله قائلاً لها : متى ستموتين وتختفين من حياتي كي أتخلص من الإحراج الذي أتعرض له بسببك؟ فقد جعلتِ مني أضحوكةً و مهزلةً بين زملائي.
سكتت الأم حينها وغادر الولد المكان دون أن يأبهَ لمشاعرها , وكان يكرر ذلك التوبيخ لأمه كثيراً , وبعدما أنهى دراسته الثانوية بتفوق، حصل على منحة دراسية لإكمال دراسته في الخارج ، فذهب و درس و تزوج هناك وكان سعيداً في حياته بعد أن ابتعد عن أمه التي كانت مصدر الضيق الوحيد في حياته.
وبعد بضع سنين قررت الأم أن تسافر لترى ابنها و أحفادها ، لكنها تفاجأت كثيراً من ردة فعلهم ، فقد سخر منها بعض أحفادها، و آخرون خافوا منها وبدأوا بالبكاء فانزعج الابن من أمه و أمرها بأن تخرج من بيته خوفاً وحرصا منه على أبنائه ، فخرجت دون أن تبدي أي تعليق والحزن يملأ قلبها ثم غادرت عائدة لبلدها.
و في يوم من الأيام اضطر ظروف عمله الذهاب إلى بلده الاصلي الذي عاش فيه طفولته مع أمه , ومن باب الفضول قرر أن يزور بيته القديم ، و ما إن وصل اليه حتى أخبره الجيران بأن أمه قد توفيت ، فلم يذرف أي دمعة و لم يحرك ذلك الخبر ساكناً فيه , وقد كانت وصية الأم لأحد الجيران أن يقوم بتسليم ابنها ظرفاً إن قُدِّرَ له أن يراه في يوم من الأيام ، فقام ذلك الجار بتسليم الظرف للابن حينها ، و لما فتحه وجد فيه رسالةً كتب فيها :
اضغط هنــــــــــــــــــــــــــــا لمتابعة القصة الحزينة