تناقش صحف ومواقع عربية إعلان الولايات المتحدة أنها تدرس ردا عسكريا على ما يشتبه بأنه هجوم كيميائي في سوريا.
ويطرح معلقون تصورات لتبعات الضربة الأمريكية المحتملة، وتأثيرها المحتمل على موازين الصراع في سوريا.
"الجنون السياسي"
يقول علي قاسم، في افتتاحية صحيفة "الثورة" السورية: "يبدو أن المسافة الفاصلة بين الرعونة والحماقة في اللغة هي غير تلك التي تكون في السياسة، بدليل أن موقف الرئيس ترامب لم يكتفِ بإلغاء تلك المسافة، بل راكمت من نقاط تلاقيها إلى حد التطابق، ليتحول الناتج إلى خلطة لا تخلو من الجنون السياسي والهوس بالقوة التي تحاكي من خلالها الغطرسة الأمريكية أبشع فصولها، في مقاربة قد تكون الأكثر فظاعة في تاريخ البشرية".
ويتابع: "حالة الاستلاب التي يمارسها الرئيس ترامب داخل إدارته كما هي خارجها على مستوى المنطقة عبر أدواته الطيّعة والمستعدة لمجاراته بعدوانه وحماقته، كما هي على مستوى شركائه في منظومة العدوان في بعدها السياسي والإعلامي والدبلوماسي والدعائي على نطاق المسارعة إلى مجاراة الأمريكي في نزوات مسؤوليه من دون استيعاب لكثير من المنزلقات التي توصل العالم إلى أتون صراع قد يعرف البعض متى يبدأ".
ويقول عبد الباري عطوان في "رأي اليوم" الإلكترونية اللندنية: "كُنّا نَعتقِد أنّ العُدوان الذي يَعتزِم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شَنَّه ضِد سوريا في أيِّ لَحظة سَيكون ثُلاثِيا، أي بِمُشاركة كُل من فرنسا وبِريطانيا إلى جانب أمريكا، لكن بَعد التَّهديدات الإسرائيليّة التي صَدَرَت اليوم 'بإزالة الرئيس بشار الأسد ونِظامِه من خَريطَة العالَم في حال شَنْ إيران هُجوما انتقاميا على إسرائيل انطلاقا من الأراضي السُّوريّة'، باتَت لدينا قناعة بأنّ دولة الاحتلال الإسرائيلي سَتكون في قَلب التَّحالُف الأمريكي الجَديد، وأداة رئيسيّة من أدَوات هُجومِه، وأنّه من غير المُستَبعد أن تكون إيران وحزب الله على قِمّة قائِمَة الاستهداف أيضا".
ويضيف الكاتب: "نَأسف أن يَقِف بعض العَرب في خَندق العُدوان على سوريا، مِثلما وَقفوا في خَندَقِه ضِد العِراق وليبيا واليَمن، ولكنّنا على ثِقَةٍ أنّ هذا الوَضع العَربيّ المُزري المُتخاذِل لن يَطول بِإذْن الله.. والأيّام بَيْنَنَا".
وفي "الرياض" السعودية، يقول أحمد الجميعة: "المشهد يوحي أن عملا عسكريا مقبلا في سوريا بمشاركة جماعية من حلفاء أمريكا، ولن يكون محدودا في أهدافه؛ فالرئيس ترامب على محك جديد من المواجهة ليس كسبا لأصوات داخلية، ولكن حتى تبقى أمريكا أولا، ويعني أن المهمة سوف تتجاوز التنسيق مع قوى الأرض المهيمنة روسيا؛ لتصل إلى أهداف عسكرية دقيقة لن تطيح برأس النظام، أو تغيّر في موازين المعادلة المتوافق عليها بعد قرار الانسحاب الأمريكي، ولكنها ستضع حدا للنظام السوري، ورسالة لحلفائه من أن أميركا موجودة، وقريبة، ولن تغادر من دون أن يكون لها كلمة.. وموجعة أيضا".
وفي "الغد" الأردنية يطرح محمد أبو رمان بعض التساؤلات عن الضربة المحتملة: "هل هي لتغيير موازين القوى في داخل سوريا؟ قطعا لا، لأن المعارضة المسلحة السورية المعتدلة التي كان يعوّل عليها ملء الفراغ انتهت، ولا توجد على الأرض قوات بديلة، سوى القاعدة وداعش والأكراد، وجميعهم غير قادرين على ذلك، لذلك لا علاقة للمسألة بالحسم العسكري أو بتغيير المعادلة العسكرية، فقد فات الأوان".
ويتابع: "هل هي لإضعاف إيران وتحجيم نفوذها؟ بالتأكيد ذلك غير ممكن بضربة جوية، أيّا كان مداها وحجمها! هل هي لتوجيه رسالة إلى الروس والإيرانيين والسوريين بأنّ أمريكا موجودة؟ إذا الرسالة ضعيفة ومحدودة، وغير فعّالة، لأنّ ما تريده هذه الدول حقّقته فعلا، بل قد تؤدي هذه الضربة إلى أضرار جسيمة بما تبقى من مناطق التهدئة، المحاطة بالتفاهمات الأمريكية - الروسية".
"لم يعد من خيار آخر"
وتتوقع "الديار" اللبنانية أن "تسير الأمور بصورة كبيرة نحو توجيه ضربة عسكرية أمريكية إلى سوريا، وذلك بعد تعهد الرئيس الامريكي دونالد ترامب برد قوي، ردا على اتهام سوريا بقصف مدينة دوما في الغوطة الشرقية بالأسلحة الكيمائية".
وتتابع: "الغريب في الأمر أن القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جاء بعد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أمريكا، والتي استمرت 19 يوما، وأجرى الرئيس الأمريكي ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في آخر يوم قبل سفره محادثات طويلة في وجود صهر الرئيس الامريكي ترامب، السيد كوشنير الإسرائيلي، وإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تعهد في دفع 150 مليار دولار إلى الجيش الأمريكي وإلى الولايات المتحدة إذا قامت الضربة العسكرية الأمريكية في تصفية المراكز الإيرانية كلها في سوريا وإنهاء الوجود الإيراني في سوريا".
ويقول خيرالله خيرالله في "المستقبل" اللبنانية: "يبدو أنّ الكلام عن الانسحاب 'السريع' كان من أجل تغطية مزيد من التورط في سوريا في وقت بات معروفا أن إيران تحاول تثبيت أقدامها فيها. زاد الوجود الإيراني في سوريا عمقا واتساعا بعدما فشل الروسي في كبحه تلبية للوعود التي سبق له أن قطعها لكثيرين، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة وجهات عربية معنية مباشرة بسوريا. ما يهمّ هذه الجهات عدم قيام 'الهلال الفارسي' أي خطّ طهران - بيروت، مرورا ببغداد ودمشق".
ويتابع: "في ظلّ الضغوط الداخلية من جهة والإصرار على أن يكون مختلفا كلّيا عن باراك أوباما من جهة أخرى، لم يعد من خيار آخر أمام ترامب غير الإقدام على عمل في سوريا. تقوم كلّ فلسفة إدارة ترامب على ضربة لنظام بشّار الأسد تصبّ في إضعاف إيران وإفهام روسيا، في الوقت ذاته، أنّ ليس في استطاعتها متابعة لعبة تخدم المشروع التوسّعي لطهران على حساب الشعب السوري ومدنه وتركيبته الاجتماعية".