أرأيتم كيف عاث الصينيون فسادا في شوارع نواكشوط فقشروها، و بعد مواراة أنابيب الصرف لأهميته القصوى، و لو بغير عقول و تخطيط و سواعد أبناء البلد، في جوف التراب تركوا الحفر و الأخاديد و لم يعيدوها إلى سيرتها الأولى.
فهل أنهم يشكون في عدم "تقانة" عملهم الذي قاموا به فلا يستعجلون إعادة تأهيل الشوارع؟
أم أنه في الصفقة المبرمة معهم يعهد أمر ذلك إلى مصالح الدولة المعنية التي تكون عندئذ قد وقفت تنتظر تمويلات إضافية، لعل و عسى، يجد فيها بعض "المستأذبين" من:
· الارستقراطية العشائرية،
· و " المافيوزية البورجزائية"،
· و سماسرة "المقاولة المدمرة"،
· و "أهل النهب"الأعمى" و "سوء التسيير"،
المتربصين جميعُهم بالبلد و في مسار لم يعرف التوقف منذ الاستقلال، فرصةَ للإنقضاض على هذه التمويلات؟
افتوني!
ماذا نسمي شعوبا تُحرك الزلازلُ أرضَها، تُسقط أو تبتلع ناطحات سحابها و تعيث في ببنيتها التحتية فسادا، فيشمر أبناؤها عن سواعدهم و يعيدوا البناء أقوى و أجمل مما كان؟
و ماذا نسمي شعوبا لا تحرك نفاياتها المنزلية العفنة عن أبواب منازلها و أرصفة شوارعها و أسواقها و أزقتها؟ شعوب تسكر برائحة فضلاتها و كأنه إكسير حياة و علامة ارتقاء في عالم الماديات.. شعوب تتباهي بالأحساب و الأنساب المخلخلة الطباع، المهلهلة الهندام الديني، الغارقة في الادعائية الكاذبة الخاطئة القاتلة.. شعوب يسرق فيها الأطر، و يكذب السياسيون، و ينافق "المُتمظهرون" بالدين، و تمرح "النساء" على ضعف الرجال و بهيميتهم، و يتطاول "الصبي" المدلل بمال حُصل من النهب و الاغتصاب، و "الشيخ" بعفن الوجاهة الجاهلة الظالمة؟ أفتوا إن كنتم للقول تعبرون، فقد أضنى سأم الانتظار؟
لماذا لسنا كغيرنا؟
لماذا لا يرفع في مآذن مساجدنا نداء إلى الصلاة نديا يطرد الشيطان بحلاوته و يجعل الآذان نصغي بوجل و الخطى تسرع في تلهف صاحبها إلى قضاء الفرض و استحباب الإتيان بالنوافل تقربا إلى الله و طمعا في هدايته؟
لماذا لا تتمتع رحاب مساجدنا كذلك بصمت المُخبتين قبل الصلاة و أثناء الخطب و بعد الصلاة إلا من صوت ناصح معلوم معروف و مقبول أمين؟
لماذا نصدر في مساجدنا أصواتا نشازا نستعرض بها خلافنا في الأدعية و مبلغ علمنا الطافح الذي يحدد مذهبيتنا و طرائقيتنا؟
لماذا نؤثر رفع الصوت في المساجد، و إبداء الحاجات قبيل و بعيد الصلاة دون تنسيق مع القيمين على الصرح؟
لماذا نأتي الصلاة بكل ثوب خشن وبمنطق ادعائي عفن يفند كل ما سواه و يرفع الصوت سوطا يُرغم آذان المصلين على سماع فحواه؟
و لماذا نحمل الحجارة و صرر الرمل في جيوبنا و لا نكترث لعيون الناس؟
لماذا ننتقد كل إمام و مؤذن و ينتقد كل منهما غيره و يخالفان في وقت الأذان و قيام الصلاة و القبض و السدل و التأمين جهرا و سرا؟
من أين لنا هذا الكبر الفوضوي الذي يفتقد إلى الخلفية التاريخية ذات الصبغة الحضارية الحافلة بالعمران الناطق بالقوة و التجارب السلطوية من أي نوع و بالفتوحات التي خلفت للتاريخ آثارا لا تندثر و لا يطمسها الإنكار و النفي؟.