حبذا لو لم يزيّن إلي –بضم ألأول -تناول هذا الموضوع حتي لا يقال :كذا وكذا ...فلا أخوض في :فاعل ولا مفعول .
يراد لهذا المبحث أن يكون تحليليا بمعني :يحلل ويدرس ويحاول الخروج بمعطيات ورؤي ما أمكن .
لا يعتقد أن ثمة حاجة إلي تعريف الحزب فهو تشكّل يجمع قوما حول برنامج معين يسعي الجميع إلي تحقيقه بهدف الحصول علي السلطة .
الحزب الحاكم :
تسمية تطلق علي الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الجمهورية الذي هو الحاكم الفعلي للدّولة :يخطط برامجها ويعين في وظائفها بيده خير وفير وليس علي كل شي ء قدير .
ولما كان الرئيس هو الحاكم أطلقوا علي الحزب الذي ينتمي إليه :الحزب الحاكم .
وجرت العادة أنه يعهد إليه عادة بالتحسيس والتهيئة لبرامج الدولة وإنجاح التوجهات العامة والعمل علي التعامل مع كل طارئ .
وفي الدول المتقدمة العريقة في الممارسة الديمقراطية يتولي الحزب الفائز تشكيل الحكومة بمفرده أو بتحالف .
الحزب الحاكم في الأعراف لديه زمام كل الذي يتبقي عن الرئيس بمعني أنه الحلقة رقم اثنين بعد القصر .
ورئيس الحزب من هذا المنطلق :مطلع علي التوجهات العامة ويرشد إلي الصالح و يقترح الترقيات بحسب الجدارة السياسية وهي تعني القدرة علي جذب الناس عندما يدعون-بالتركيب للمجهول- إلي أنشطة من ورائها الدولة والنظام .
في موريتانيا :
لا يتناول الناس مفهوم الحزب الحاكم إلا بعض الأحيان وعند ترتيب أحزاب الأغلبية وهم علي علم وإدراك بان التسمية تلك المقتبسة من الخارج لا تعطي حزب الاتحاد ومن قبله الحزب الجمهوري أية سلطة اللهم ما ينجم عن علاقة خاصة لرئيس الحزب وبعض القطاعات الحكومية .
في المقابل لدي رئيس الحزب صورة عامة عن ما تريد الدولة وعن علاقاتها الخارجية وتعاملها مع الجبهة الداخلية :هو إذا أذن حاضرة ولديه وعي بما يجري .
في الاعتقاد كذلك أنه أي رئيس الحزب تلبي-بضم التاء- طلباته المعقولة في ظل المتاح من الخير فلا يجرأ وزير علي معاملته بالرفض بالنظر إلي الثقة التي يودعه الرئيس .
وظائف الدولة وخيرها وترقياتها بيد من ارتضي الشعب بالأغلبية وتنال –بضم الأول- من الرئيس في المقام الأول ويليه رئيس الحكومة فرئيس الحزب.
إن سلطة رئيس الجمهورية مهيمنة علي باقي السلط ولو أنها مفصولة بعضها عن بعض .
وعندنا كذلك أن المرء بشخصيته وفكره لا بمنزلته ومسؤوليته :تجد الشخص المتوسط الوظيفة في القطاع ومع ذلك هو من يحكم ويسيطر .
الحزب المحكوم:
يحكم –بضم الأول وتسكين الثاني -الحزب من خلال هيئاته كالمجلس الوطني والمؤتمر واللجنة التنفيذية إلي غيره وكذلك تفعل العلاقات والقرب من الرئيس فعلها .
حاكم محكوم :فاعل مفعول .
الحزب الحاكم اسم فاعل لكن بدور اسم المفعول به والمفعول فيه –إن صح التعبير –فوظائف النحو غير مطردة وكثيرا ما يقع فيها التعدي فيقوم بعضها بدور الآخر استثناء.
نعلم أن اسم المفعول يأتي بمعني فاعل وأنهما يتحدان في الصورة أحيانا ولا نري ما يمنع من سحب ذلك علي موضوعنا .
الحزب والحكم :من يحكم من ؟
من ناحية الوزن هناك تعادل بل تلحظ التساوي في كل شي ء :تعداد الحروف ,الدلالة علي الاسم إلي غيره .
لكن الواقع الطاغي قضي بأن يكون الحزب ورئيسه تابعين للرئيس فذلك هو الطبيعي .
الحزب إذا من الناحية الموضوعية محكوم وهو أداة من ضمن أخر :أمنية واقتصادية وثقافية من خلالها ينفذ النظام سياساته .
علي أن الحزب وقت الاقتراع والانتخاب تكبر قيمته فهو الممتد في كامل الجمهورية ويمكنه القيام بالتعبئة الشاملة .
الأغلبية والصراع علي التسمية :
تري الأغلبية أن كل حزب فيها بمثابة حزب حاكم في حين يظن آخرون أن حزب الاتحاد هو حزب الدولة .
وثمة قراءة أخري مؤداها أن الأحزاب كالدول متساوية لا فضل لأحدها علي الآخر إلا لجهة الأصوات المتحصل عليها والتي تدل علي شعبية المذهب .
حاولت من خلال هذا المكتوب إثارة بعض الأفكار والمفاهيم أمام أهل الفكر لحثهم علي مزيد من التحليل والإنارة والتنظير للمساعدة في بلوغ الفهم الصحيح للثقافة الحزبية.
أما السؤال الذي يحتاج جوابه إلي متخصص فهو:
هل يمكن للحزب أن يكون حاكما ومحكوما ؟
أدام الله عافيته علي الجميع ...
محمد يحيي ولد العبقري