ناقشت صحف عربية الأزمة الراهنة في اليمن بعد اندلاع معارك بين القوات الحكومية والانفصاليين في مدينة عدن جنوبي البلاد.
وتخوف كتاب من إمكانية دخول اليمن في "حرب أهلية جديدة"، بينما وجه آخرون اتهامات للإمارات والسعودية بتحويل عدن إلى "ساحة حرب بالإنابة".
"حرب أهلية جديدة !"
ويتهم أبو بكر عبد الله في صحيفة "الثورة" اليمنية السعودية والإمارات بتأجيج الأزمة في اليمن.
ويقول: "ماراثون الاستقطاب والفرز وإعلان الانشقاقات والتخندق استمر بوتيرة عالية بين مليشيا المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات ومليشيا الفار هادي المدعوم من السعودية في تفاعلات استبقت الحلول الملغومة لتحالف العدوان بانتقال عدواها إلى المحافظات المجاورة لعدن لتتضاءل معها فرص الحل السلمي وسط مخاوف جدية من خطر انزلاق المحافظات الجنوبية كلها في نفق الحرب الأهلية".
ويقول عبد المنعم إبراهيم في أخبار الخليج البحرينية إن اليمن بدا "كما لو كان سيدخل في حرب أهلية جديدة .. لكن ساحتها هذه المرة هي مدينة عدن التي تعتبر العاصمة المؤقتة للحكومة الشرعية برئاسة هادي .. حيث سيطر الانفصاليون في جنوب اليمن على مقر الحكومة بعد مواجهات عسكرية مع القوات الموالية للسلطة الشرعية، وقتل فيها 15 شخصاً على الأقل. واتهم رئيس الوزراء أحمد بن دغر الانفصاليين بقيادة انقلاب في عدن، داعياً التحالف العربي، وخصوصاً السعودية والإمارات، إلى التدخل لإنقاذ الوضع في المدينة".
ويتساءل الكاتب إن كانت السعودية والإمارات ستتمكنان من "نزع فتيل الحرب"، ويجيب: "اليمن وهو يخوض حرباً شرسة مع المليشيات الحوثية المدعومة من إيران بالسلاح والمال مطالب بأن يتفرغ لهذه المهمة الأساسية لدحر الحوثيين الانقلابيين .. وألا ينشغل الحلفاء بحروب أهلية جديدة في الجنوب".
اليمن ودروس العراق
أما عبد العزيز السويد فيقارن في صحيفة "الحياة" اللندنية بين ما يحدث في اليمن والدروس المستفادة من العراق.
ويقول: "إذا لم يتحد اليمنيون على هدف واحد يتركز على تخليص اليمن من الميليشيات الحوثية الإيرانية أولاً ثم يمكن بعدها طرح كل الملفات للنقاش، فإن مصيرهم ومصير وطنهم لن يختلف كثيراً عن العراق وربما سيكون أكثر سوءاً، بل إن الشعب اليمني سيطيح بكل هذه الطبقة السياسية إذا لم تتخلص من انتهازيتها الحزبية والنفعية، وهذا ينطبق على الساسة في شمال اليمن وفي جنوبه".
ويقول خالد السليمان في "عكاظ" السعودية إن الحرب في صنعاء وليس في عدن.
ويضيف: "النزعة الانفصالية عند بعض سكان الجنوب اليمني قديمة وليست جديدة، واليمن في مراحل عديدة من تاريخه كان مجموعة من الممالك والسلطنات، ومناطق النفوذ المتقاسمة، لذلك ليس مفاجئاً أن تظهر دعوات لانفصال اليمن الجنوبي على وقع انهيار الدولة اليمنية عقب الانقلاب الحوثي!"
"ساحة حرب بالإنابة"
وتقول جريدة "رأي اليوم" اللندنية في افتتاحيتها: "عدن تَحوّلت إلى ساحَة حَرب بالإنابة بين السعوديّة والإمارات مع احترامِنا لنَفي الدكتور قرقاش .. الانفصال باتَ وشيكًا ولكن دَولة الجنوب التي نَعرفها جُغرافيًّا ودِيموغرافيًّا قد لا تَعود .. واحتمال عَودة ̕السَّلطنات̔ غير مُستبعد .. والشَّعب اليَمني هو ضَحيّة صِراع الفِيلة".
وتنفي "الرياض" السعودية الاتهامات الموجهة للمملكة، وتقول في افتتاحيتها: "المملكة ليس لديها مصلحة في اليمن سوى أن يكون بلداً آمناً مستقرًا يحكمه أبناؤه المخلصون، لا أولئك الذين باعوا ضمائرهم لمن لا يريد الخير له، تريد لليمن الخير كل الخير، من أجل ذلك هي تقف إلى جانبه في المحنة التي يمر بها وتوشك على الانجلاء بحول الله وبقوته".
وتوجه الصحيفة، في المقابل، الاتهامات لإيران، قائلة: "في الوقت الذي تقوم به المملكة بأدوار عدة في اليمن تؤدي في نهاية المطاف إلى أمنه واستقراره وازدهاره كدولة عربية لها ثقلها في محيطها الطبيعي، نجد أن الميليشيا الحوثية الإيرانية تقوم بالعكس تماماً، فكل تصرفات تلك الميليشيا تنم عن أن مصلحة اليمن ومستقبل الشعب اليمني لا يعنيها في شيء، بل إن دمار اليمن ورميه في أحضان إيران هي الاستراتيجية التي يعمل من أجلها".
أما صحيفة "العربي" اللندنية فتوجه الاتهامات لدولة الإمارات العربية وتشير إلى أن "الانقلاب" الذي حدث في جنوب اليمن هو نتاج الدعم الإماراتي "للتمرد الجنوبي".
وتقول: "وبذلك تكون الخطة الإماراتية قد استكملت حلقاتها أمس مع سيطرة الموالين لها على مقر الحكومة المعترف بها، محاصرة بذلك الحكومة الشرعية بين فكّي الانفصاليين في الجنوب، والحوثيين في الشمال".
وتتساءل: "إذا كان دعم الإمارات للتمرّد الجنوبي يصبّ، بالضرورة، في مصلحة الحوثيين، ألا يعني ذلك أنه يصبّ في مصلحة إيران، التي تزعم أبو ظبي أنها تقاتل نفوذها في اليمن؟"
وعن ذلك السؤال تقول: "التفسير الرائج لتخبّط الموقف السعودي في الدفاع عن حلفائه في اليمن هو الانشغال بعملية توريث عرش المملكة لوليّ العهد محمد بن سلمان ... وبالتالي فلا يمكن فصل ما يجري في الداخل السعودي عن الخارج، فالأخطاء الاستراتيجية في داخل السعودية تستتبع وتتكامل مع الأخطاء الاستراتيجية خارجها".