أولت صحف عربية وإقليمية اهتماماً بجولة نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، بمنطقة الشرق الأوسط.
ومن أبرز ما جاء خلال الجولة تأكيد بنس أمام نواب البرلمان الإسرائيلي (كنيست) أن الولايات المتحدة ستنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس بحلول نهاية عام 2019.
"لا أهلًا ولا سهلًا"
لم ترحب الصحف الفلسطينية بزيارة نائب الرئيس الأمريكي للمنطقة، بل حث بعضها الدول العربية والإسلامية على عدم استقبال أي مسؤول أمريكي.
في هذا الإطار، كتب مصطفى اللداوي في "فلسطين أونلاين" مقالاً بعنوان "لا أهلًا ولا سهلًا بنائب الرئيس الأمريكي".
وقال اللداوي "واضحٌ أن نائب الرئيس الأمريكي قد جاء إلى المنطقة رغمًا عن أهلها، وبالضد من إرادتها، ولهذا ينبغي على الحكومات العربية والإسلامية جميعها، أن تكون حاسمةً في موقفها، وقاطعةً في قرارها، وجادةً في سياستها، وأن تقف إلى جانب خيارات شعبها، وأن تعبر عن إرادته وتترجم مواقفه إلى سياساتٍ واضحةٍ، لا لبس فيها ولا خوف منها، وأن تصر على معارضتها للقرار الأمريكي، ومقاطعتها للإدارة الأمريكية، وأن تعلن عن عدم جاهزيتها لاستقبال أي موفدٍ أو مسؤولٍ أمريكي مهما سمت منزلته وارتفعت درجته، وأن تؤكد على وقف الحوار والتواصل معها، وعدم التعاون أو الاشتراك معها في مشاريع المنطقة، أو في البرامج المعدة والمناورات المشتركة، حتى تعود عن قراراتها وتتراجع عن مواقفها".
من جهته، قال رجب أبو سرية في "الأيام" الفلسطينية إن "مايك بنس، عرّاب الإعلان الأمريكي الخاص بالقدس، يحاول أن ينقذ ما يمكن إنقاذه في المنطقة من مكانة تتهاوى لواشنطن".
ومضى موضحا "فبعد أن استقبلت المنطقة رئيسه دونالد ترامب في شهر أيار من العام الماضي بالترحاب وبأجواء ألف ليلة وليلة، يمر بنس بالقاهرة وعمّان، كما لو كان لصاً، على عجل، دون أن يهتم به أحد، وكأنه يجري محادثات سرية، حيث لا يتم إعلان ما تم بحثه أو الاتفاق عليه، وحتى في إسرائيل ذاتها، اضطرت الدولة العبرية إلى أن تنشر حوله أكثر من ألف شرطي لحمايته من الغضب الفلسطيني".
ويرى الكاتب أن "مرور بنس في قلب الشرق الأوسط بهذا الشكل يظهر المدى الذي وصلته المكانة الأمريكية من تواضع وتراجع، ولو قارنا ما كان عليه دخول باراك أوباما عام 2009 بكلمته في جامعة القاهرة، ومرور بنس العابر في كل من القاهرة وعمّان، لأدركنا أن سنوات عجافاً تنتظر الوجود والتأثير الأمريكي في المنطقة".
"امتصاص ردة الفعل"
في الدستور الأردنية، يقول ياسر الزعاترة إن "حكايتنا مع مايك بنس، تبدو أسوأ من مثيلتها مع ترامب، وإن كان الثاني هو اختيار الأول، والوفيّ لبرنامجه في دعم الكيان الصهيوني. الاحتفال الذي حظي به بنس في الكيان الصهيوني، يعكس حجم الآمال التي يعقدها الصهاينة على الرجل الذي يستكمل حلقة الصهينة في فريق ترامب؛ بجانب الصهر العزيز، اليهودي الصهيوني جاريد كوشنر، وزميله الأكثر تطرفا جيسون جرينبلات، بجانب السفير الأمريكي، الصهيوني المتطرف أيضا؛ ديفيد فريدمان".
ويرى الكاتب أن "هكذا يكون الصهاينة قد نجحوا في امتصاص ردة الفعل على قرار ترامب. فلا الانتفاضة الشاملة في الداخل الفلسطيني بدأت عمليا، ولا الموقف العربي تصلّب، ولا شك أن بؤس الثاني نابع من الأول، ما يعني أن المسؤولية الكبرى تبقى فلسطينية، وإن ساهم فيها بؤس الوضع العربي من دون شك".
وفي "الأنوار" اللبنانية، يقول رؤوف شحوري إن "مايك بنس لم يحضر مفاوضا أو محاورا أو ملاينا، بل جاء حاملا سيف العقوبات والحرمان من المساعدات، وانزال الحرم السياسي والاقتصادي ضدّ كل من تسول له نفسه التمرّد على من نصّب نفسه ديّانا للبشرية في البيت الأبيض".
ويضيف الكاتب "لم تعد قضية القدس وفلسطين معركة بين أنظمة عربية واسرائيل، وانما تحوّلت الى مقاولة تتولاها أمريكا بمساعدة شركاء لها في المنطقة والعالم، لتنفيذ مجزرة بحق الفلسطيني، وتوجيه طعنة الى قلب المعتقدات الدينية في العالمين الاسلامي والمسيحي".
ومضى قائلا "المعركة الحقيقية اليوم تجري بين معسكرين، أحدهما غاصب ومتجبّر ومستكبر بقيادة رجل مهووس حملته الصدفة الى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ويضم مهووسين من أمثاله في اسرائيل والمنطقة من جهة، والثاني معسكر يضمّ شعوب المنطقة العربية والاسلامية، والأحرار في العالم المسيحي من جهة ثانية. ولم ينتصر ظالم في التاريخ إلاّ موقّتا، وكل احتلال الى زوال".
بدوره يقول عماد عريان في "البيان" الإماراتية إن "الخطوات المتوقعة من الطرفين في المستقبل من شأنها أن تفرض واقعاً في منتهى الخطورة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، مثل هذه التطورات ستجعل لحل الدولتين، حتى في حالة التفاوض بشأنه وبحث آليات تنفيذه، حلاً أجوف لأنه سيبنى على أسس واهية بعدما التهمت الدولة الصهيونية الجانب الأعظم من الأراضي الفلسطينية التي من شأنها أن تؤمن حداً أدنى من مقومات دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار والاستقرار، وعلى رأسها بالقطع القدس الشرقية التي يعتبرها الكثيرون لب الصراع لمكانتها المقدسة أولاً وباعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية المنشودة ثانيا".