ناقشت صحف عربية دور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الشرق الأوسط، وسياسته الخارجية التي وصفها كتاب بأنها محاولة منه ليقول للعالم "ها هي روسيا العظمى عادت" خاصة في ظل إعلانه منذ أيام عن ترشحه للانتخابات الرئاسية في مارس المقبل.
"روسيا العظمى عادت"
يقول نديم قطيش في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية إن بوتين حول السياسة إلى "عرض متواصل للرجولة السياسية على المسرح الدولي، وتحولت نشرات الأخبار والبرامج السياسية إلى دراما تلفزيونية يعيش من خلالها المواطن الروسي فخراً وعزاً".
ويضيف: "ففي حميميم، بدا بوتين وكأنه يقول للعالم: ها هي روسيا العظمى عادت، وها هو بشار الأسد رئيس رغماً عن العالم (أمريكا وأوروبا تحديداً)، نتيجة تدخلي العسكري في هذه الأزمة. وها أنا أعلن تفوقي، وأقدم نموذجاً تدخلياً مختلفاً عن النموذج الكارثي الأميركي في العراق، أو الأوروبي في ليبيا".
ويري عمر الرداد في صحيفة الرأي اليوم اللندنية أن سياسات بوتين الأخيرة ومواقفه تشير إلى تعاظم الدور الروسي في المنطقة.
ويقول: "جولة الرئيس بوتين أرسلت الرسالة الأهم للشرق الأوسط بأن روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفييتي، وإنها شريك على قدم وساق مع أمريكا ، في معالجة قضايا المنطقة والإقليم ،لكنها شريك يمكن الاعتماد عليه وعلى مصداقيته، وتمتلك رؤى حازمة وغير منحازة، في ملفات سوريا والعراق وليبيا وفلسطين، يعتقد كثيرون أنها نتجت عن استثمار روسي لتردد أمريكا وأوروبا في اتخاذ مواقف أكثر جدية تجاه ملفات الصراع في المنطقة".
وعن بوتين، يقول محمد قواص في صحيفة العرب اللندنية إنه أعاد "روسيا بقوة إلى مصر بعد عقود على ̕ إهانة ̔ طرد الخبراء السوفيات من قبل الرئيس المصري الراحل أنور السادات عام 1972. باتت موسكو شريكة للقاهرة في القطاع النووي (مفاعل الضبعة)، كما باتت مصر أرضا ودودة تستقبل قواعدها العسكرية الطائرات العسكرية الروسية، وبالتالي صارت لموسكو إطلالات متعددة على خرائط العالم".
ويضيف: "أضحت روسيا حاضرة بقوة وأضحى العالم بأجمعه، بما في ذلك الولايات المتحدة، مُسلّما بالنفوذ الروسي في المنطقة، مستسلما خصوصا للوظيفة الروسية في مقاربة المسألة السورية".
من ناحيته، يشير وليد شقير في صحيفة الحياة اللندنية إلى احتمالات "الخيبة من بوتين بعد ترامب" على الرغم من مؤشرات بروز الدور الروسي.
ويقول الكاتب إن "الغموض" الذي يهيمن على الدور الروسي في سوريا ولا سيما تجاه تسوية أزمة اللاجئين ستفضي إلى "الخيبة من بوتين".
ويضيف: "في حال سوريا، تزيد مواقف بوتين المتناقضة من قناعة قلة تجرؤه على القول، على رغم كل المظاهر باقتراب الحل السياسي، إننا أمام التمهيد لمرحلة جديدة من الأزمة وليس التسوية، فليست المرة الأولى التي يعلن فيها الكرملين عن سحب قوات له من سورية. سبق أن فعل ذلك في ربيع عام 2016 حين أعاد العديد من المقاتلات والقاذفات ثم أعادها وضاعف العدد".
"البراعة في إضاعة الفرص"
على صعيد آخر، أبرزت صحف عربية اجتماعات مباحثات جينيف 8 السورية التي اختتمت أعمالها في العاصمة الكازاخستانية أستانا أمس.
ووصفت معظم الصحف المحادثات بأنها فشلت في تحقيق أي تقدم جديد في الملف السوري.
تحت عنوان "مراسم جنيف"، يصف علي قاسم في صحيفة الثورة السورية المباحثات بأنها "دبلوماسية البراعة في إضاعة الفرص".
ويقول: "يبدو جلياً أن اللعب الأممي بات خارج الوقت المستقطع، وفي بعض تجلياته يبدو خارج الوقت بدل من الضائع، حين استمرأ سياسة بيع الأوهام التي كان محكوماً فيها، ونتيجة تراكمات جولات ضاعت، وزاد من ضياعها رتابة الأداء الأممي، وفي أحيان كثيرة تواضع الأداء الشخصي، وافتقاد المقاربات الخلاقة، واحتكام الدور الأممي في أوقات كثيرة لتجاذبات الأكاذيب الغربية ومنظومتها السياسية التي أوصلت جينيف إلى متاهة اللهاث خلف الوقت، وهو الذي بالغ في سياسة إضاعته".
وعلى نفس المنوال، تصف هبه محمد المحادثات في القدس العربي اللندنية بأنها "فشل سياسي جديد".
وتقول: "لا يعول السوريون الكثير على البيان الختامي للجولة الثامنة، او حتى على مخرجاتها، لا سيما بعد رفض وفد النظام السوري عقد مباحثات جدية وجلوسه بشكل مباشر مع وفد المعارضة".
وتضيف الكاتبة: "لعل ̕ جينيف 8 ̔ سيضاف إلى سجل خيبات السوريين الأسود، ولكن ليس بسبب أداء ممثليهم في هذه المرة، بل بسبب تواطؤ دولي أجمع على اعادة تثبيت بشار الأسد ونظام حكمه".