جرت العادة في قريتنا على القيام بزيارة سنوية إلى المقابر وقضاء عدة أيام بداخلها
لوجود بعض الصالحين بها وكنوع من الطقوس التي اعتاد عليها الناس منذ زمن بعيد ، وكانت المقابر تبتعد عن القرية بعدة كيلو مترات ، قابعة في أحد السهول بالقرب من جبال كبيرة ، كما كانت مصفوفة بجانب بعضها البعض لتظهر من بعيد وكأنها قرية مهجورة محاطة بالغموض والاثارة.
وفي زيارتي الاخيرة مع عائلتي إلى المقابر تذكر والدي أشقاءه الذين خطفهم الموت مبكراً، فجلس بجوار قبورهم يبكي، وخلال ذلك مرّ جارنا صالح بالقرب من المقابر، فسمع صوت بكاء أبي فاقترب منه وبدأ يُربِتُ على كتفه قائلاً : لا تبكي وتنتحب كثيراً يا أخي فالبكاء لن يفيد بشيء مثلما قال "عفريت المؤاساة" .
عفريت المؤاساة !! يا لها من عبارة غامضة مخيفة، لها رنينٌ غريب على قلبي وأذني ، نظرتُ إلى جارنا صالح في دهشة ويبدو انه فهمني على الفور وبدأ يجيبني قبل أن اطرح سؤالي , حيث قال صالح : ”
أنتم تعلمون أنه كان لديّ ابنٌ فقدته وهو في ريعان شبابه، وقد ظللتُ لسنوات طويلة آتي إلى هنا وحيداً أجلس ساعات طويلة بجانبه وأبكي على قبره ، وذات مرة تُوفي أحد الاقارب وذهبتُ مع العائلة لدفنه، وكعادتي تركتُ الجميع في المقبرة لدفن الميت وذهبتُ بعيداً متجهاً نحو قبر ابني، على الرغم من عَتمة الليل الموحشة ورائحة الموت ورهبة المكان ، وعندما وصلت إلى القبر ألقيتُ بجسدي فوق قبر ابني وأخذت أبكي وأنوح ” .
واستطرد الجار صالح قائلاً : ” وهنا سمعت صوتاً من خلفي يقول : ” مرت سنوات عديدة وأنت تأتي إلى هنا يا صالح وتبكي على ابنك ، يكفي بكاءً , فإنه لن يفيدك البكاء بشيء “، ثم شعرت بهذا الشخص يقترب مني وأنا لا زلت غارقاً في دموعي وقال : هيا ناولني يدك لأساعدك على النهوض ، ظننتُ في البداية أنه أحد عائلة المتوفي قد تبعني وجاء خلفي ، ولكن عندما وضعت يدي على هذا الشخص إخترقَ ذراعي جسده ، وكأنني اتَّكأتُ على هواء .. انتصبتُ واقفا في ذعر شديد , وإذا بي أرى أمامي...
أكمل بقية القصة بالضغط هــــــــــــــــــــــــنا