ناقش عدد من الصحف العربية التقارير الأخيرة التي تحدثت عن وجود أسواق لبيع وشراء الرقيق في ليبيا.
وأظهر مقطع بثته قناة "سي إن إن" الأمريكية هذا الأسبوع شبانا أفارقة يباعون في المزاد العلني بليبيا ليكونوا عمالا في المزارع.
تقرير "صادم"
وتحت عنوان "تجارة العبيد في ليبيا"، يقول عبد الباري عطوان في رأي اليوم اللندنية "لم يَخطر في بالنا مُطلقًا كعَرب، أن نَعيش يومًا، وفي القَرن الحادي والعشرين، نَرى فيه تجسيدًا حيًّا لتجارةِ الرّقيق في بُلداننا، وعلى أراضينا، ومن قِبَل الذين يَدّعون أنّهم يَنتمون إلى هذهِ الأمّة العَريقة، والعقيدة الإسلاميّة السّمحاء، التي كانت أوّل من حاربَ هذهِ الظّاهرة المُخجلة".
يضيف عطوان "اليوم تأتينا الصّفعة من ليبيا التي شَهِدت ثورةً من المُفترض أن تكون قد حرّرتها، وأسّست نِظامًا دِيمقراطيًّا عادلاً يتساوى فيه المُواطنون ويَعم الرّخاء، وتَسود العَدالة الاجتماعيّة، بعد الإطاحة بنظامٍ ديكتاتوريٍّ مُتسلّط، ولكن بعد سَبع سنوات من الثّورة ها هي ليبيا الجديدة تُفاجئنا، ليس بالفَوضى الدمويّة، وسَطوة الميليشيات، وهُروب نِصف سُكّانها بَحثًا عن الأمان في دُول الجِوار، والمَنافي، وإنّما بتِحوّل العاصمة طرابلس، أو أحد مَزارِعها، إلى سوقٍ للنّخاسة يُباع فيه، وفي المَزاد العَلني، "العبيد" الأفارقة، وبأسعارٍ مُتدنّيةٍ لا تَزيد عن 400 دولار للرأس".
ويختتم الكاتب بالقول "اللّوم لا يَقع على هؤلاء السماسرة والتجار فقط، وإنّما على الذين أوصلوا ليبيا إلى هذا الوَضع اللإنساني المُؤسف، وعلى رأسهم جامعة الدول العربيّة التي وَفّرت الغِطاء الشّرعي لغَزو حلف الناتو، وإعطائه الضّوء الأخضر لتدمير البِلاد، وقتل ثلاثين ألفًا من أبنائها، دون أيِّ ذَنبٍ ارتكبوه".
وعلى المنوال ذاته، تؤكد صحيفة الخليج الإماراتية في افتتاحيتها أن التقرير "كان بالفعل صادماً"، مؤكدة أن "المهربون الذين يجلبون الناس إلى السواحل الليبية هم من يبيعونهم بعد أن أخفقوا في إدخالهم إلى أوروبا عبر البحر، فيعودون إلى السواحل الليبية لبيعهم أجراء وعبيداً لمن يرغب في شرائهم، وبالتالي امتلاكهم، تماماً كما يمتلك المشتري أي قطعة أثاث أو سيارة أو جرار زراعي، أو حيوان أليف."
وتضيف الخليج " مأساة المهاجرين الأفارقة عبر ليبيا إلى أوروبا ليست جديدة، فالمئات، بل عشرات الآلاف منهم يفرون من بلدانهم إلى ليبيا، همزة الوصل مع أوروبا، لكن الجديد أن حالات وفرص الوصول إلى أوروبا لم تعد متاحة، كما كان عليه الحال في السنوات القليلة الماضية، فأوروبا بدأت تغلق حدودها للحد من التدفق الهائل للمهاجرين الأفارقة وغير الأفارقة، خاصة القادمين من الدول العربية التي تشهد أوضاعاً شبيهة بالدول الإفريقية."
كما أفردت جريدة الصحافة اليوم التونسية وغيرها الكثير من الصحف مساحات كبيرة للحديث عن رود افعال الدول الأفريقية لهذا التقرير، إذ أشارت هذه الصحف إلى قيام حكومات النيجر وبوركينا فاسو باستدعاء سفيري ليبيا في بلديهما للتعبير عن استياءهما من هذه التقارير والمطالبة بإجراء تحقيق في مثل هذه المزاعم.
وبالمثل، يقول الصادق دهان في موقع اخبار ليبيا الالكتروني "لماذا اذا نستغرب أن تمارس تجارة بيع وشراء الانسان (اسودا كان او أبيضا) - (ذكرا كان أو أنثى) على الحدود الليبية او على اراضيها؟ لا يجب ان نعتبر الأمر جللا قبل ان نعتبر كل ما ورد في القائمة أعلاه نكبات إنسانية متكاملة الأركان تجري في عصر الفضاء تحت مرأى ومسمع من المجتمعات التي تتدعي التحضر."
ويضيف دهان "الحقيقة في شكلها البسيط أن الهجرة غير القانونية هي الاسم العصري لما كان يعرف بتجارة (الرقيق) في العصور الغابرة، والمسؤول الأول والأخير على عذابات المهاجرين الأفارقة اليوم وفي تلك العصور هم الغرب (أوروبا الغربية وامريكا)."
ويؤكد الكاتب أن "هذا النوع من التجارة الرائجة في أوروبا ليست معروفة في ليبيا ولم تكن من ضمن نشاطاتهم في (100 سنة) الماضية على الأقل، اما المؤكد حتى اليوم هو أن عصابات تهريب الأطفال والقاصرين وتجارة الأعضاء والنساء والمخدرات منبتها أوروبا وأمريكا، وهي اختراع و(ماركة مسجلة) باسم شركات أوروبية وامريكية"