يعتبر الدكتور جاه الحسين أول طبيب نفساني موريتاني متخصص في الأمراض العقلية. بدأ العمل داخل المستشفى الوطني منذ شهر نوفمبر سنة 1975 بعد عودته من دراسات عليا قادته إلى السينغال وفرنسا. قبل نجاح الدكتور جاه في تمكين العديد من المجانين من استعادة قواهم العقلية، كان الناس يذهبون بمرضاهم إلى الحجّابَه حصريا، ولربما حمل قلة من المترفين المتحضرين مرضاهم إلى دكار والرباط.
أمضى جاه سنوات في محاولة إقناع سلطات البلد بأهمية هذا الطب وتفهم متطلباته، كما أمضى سنوات أخرى في محاولة إقناع المواطنين بأهمية العلاج النفسي على يد متخصصين. تمكن جاه من إقناع مدير المستشفى بمنح جانب من المبنى لمصلحة الأمراض النفسية، وهناك طلب بنصب خيام لاستقبال مرضى البيظان بغية جعلهم في ظروف تلائمهم نفسيا.
وصلت أعداد المجانين في "طب جاه"، وتحت خيامه، إلى 30 مصابا تارة. كان الشفاء السريع والتعافي المتواصل لمرضى جاه يزيد من وقع حملة التوعية بضرورة معاودته بدل الحجّابَه. وخلال سنوات قليلة، اكتسب جاه سمعة لا تصدق فانتشر صيته وأصبح مستشفاه قبلة لعشرات "الضيوف" الثقلاء. ناضل جاه بكل ما يملك من علاقات وتأثير من أجل بناء مركز صحي خاص بالأمراض النفسية، فتحقق له ذلك سنة 1978 عندما اكتملت الأشغال في ذلك المبنى الذي سيصبح بعد فترة، وبفضل جهوده أيضا، "مستشفى الأمراض العقلية والعصبية".
لقد كوّن الدكتور جاه الحسين عدة ممرضين فأصبحوا، بفضل تجربته وكفاءته، فننيين في الصحة النفسية.
بعد تقاعده سنة 2004، أمضى جا الحسين أربع سنوات عاكفا على كتاب نشره، سنة 2008، تحت عنوان "الطب النفسي في بلاد الحجّابَه" تناول فيه مختلف مراحل إدخال هذا "الفن" إلى البلاد، كما حلل فيه الخصوصية الموريتانية وتجاربه الشخصية في هذا المجال، وكيفية التعامل مع المرضى الذين تتحكم فيهم عقليات تقليدية.
يقول جاه الحسين ان كثرة المجانين، في أوساط معينة، تعود إلى عادة الزواج بين الأقارب المنتشرة في المجتمعات الموريتانية المغلقة.
محمد فال ولد سيدي ميله