إنك، حين تزور موقع معهد الانعتاق، تكتشف أنهم قد بدؤوا بدق ناقوس حرب أهلية محتملة في موريتانيا: فهناك «تقرير متكامل ومروع، تم إنجازه من طرف شبكة سي أن أن (CNN) سنة 2012 يفيد أن موريتانيا، وهي إحدى دول غرب أفريقيا، تشكل “آخر قلاع العبودية” في غرب أفريقيا “، وأنه لا يزال 10% على الأقل من السكان مستعبدين؛ وهي نسبة مماثلة لنسبة العبودية عشية الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1860؛ وأن هناك أكثر من 000 340 موريتاني مستعبدين، وأنه، في تاريخ البلد، تمت مقاضاة شخص واحد فقط بسبب العبودية.»
http://fr.stoppingslavery.org/
ففي الـ 8 سبتمبر المنصرم، أعطت الدولة الموريتانية لمؤسسي هذه الجمعية الناشئة ما كانت تفتقر إليه من أسباب الدعاية لتصبح ذات مصداقية: المشاركة المباشرة على الأرض بدعوة من جمعية موريتانية هي نجدة العبيد (SOS Esclavage)، كما وفرت لها سلاحا فتاكا على نحو غير متوقع، ألا وهو حجة أن سلطات موريتانيا الاستعبادية اتخذت قرارا الإبعاد في حق هؤلاء الناشطين؛ فقد أصبح البلد، إلى حد الساعة، سيء السمعة، ذاع صيته بفعل الاحتراف التواصلي لهذا النوع من المنظمات، وبفعل عدم الكفاءة أو التواطؤ السافر للنظام الموريتاني في هذه القضية، كما سنبين ذلك في ما يلي، مدعوما بالبراهين …
أولا، أود أن أقول إنه يوجد من بيننا مواطنون موريتانيون كثر ومتعلمين تربطهم روابط الدم وما إلى ذلك من الروابط الأسرية والمهنية والحميمية بمواطني موريتانيا التعددية، موريتانيا التي ندافع، منذ عشرات السنين، عن جذورها، وواقعها ومستقبلها عبر إعلام ميزته المواطنة والاستقلالية والالتزام، وسنظل بالمرصاد لأعداء الهوية الطبيعية لموريتانيا ذات الأصول المتعددة.
والآن وقد تم تشويه صورة بلادنا بعار العبودية في إطار الحملة المنظمة من قبل ناشطين موريتانيين في الخارج، وبفعل تقارير صادرة عن منظمات غير حكومية تنشط في مجال حقوق الإنسان، وأيضا بفعل تقارير تصدرها قوة أجنبية انطلاقا من سفارتها في موريتانيا، فإننا نعتقد أن من واجبنا أن نوفر للقراء ذوي النيات الحسنة، العناصر الضرورية مدعومة بالبراهين، لنسلط الضوء على ديناميكية التضليل التي تستهدف بلادنا، خاصة أن الأدلة على ذلك متوفرة.
هل الرق ما زال موجودا في موريتانيا؟ كان ودنا أن نجيب بنعم، لكن يبقى أن نعرف الشكل الحالي للرق ونسبته. الآن سنقوم بما كان يجب أن تفعله الدولة الموريتانية رسميا أو تقوم به جمعيات الموريتانيين في الداخل والخارج، حتى نفضح مدى التلاعب الجلي والكذب حيال هذه المسألة. يظهر ذلك مكتوبا بأحرف بارزة في التقارير الرسمية لدولة أجنبية عظمى. إن هذه الأرقام يتم استخراجها من العدم، إن لم نقل إنها تشكل جزء من دعاية بعض المنظمات الراديكالية المشهورة بكل شيء سوى بالمصداقية. هذه المنظمات تتحدث في تقاريرها عن 10 إلى 20% من العبيد في موريتانيا، غير أنها غير قادرة على تبرير هذه الأرقام بأي شكل من الأشكال. ويأتي أحد مراسلي شبكة سي إن إن (CNN) ويكرر نفس الأرقام ليحصل على جائزة ليفينغستون (Livingston) تقديرا لإخراج صحفي رديء طابعه التقريبية، وكأنه أنجز تحفة إعلامية. إنك تجد في هذا العمل الخطأ ملفوفا ببراعة إلى جانب الخطأ لا لشيء سوى إضفاء طابع مقنع عليه كعمل سينمائي. أيضا، تم استخدام هذه الأرقام من قبل صحفيين في الخارج، وما أكثرهم..، متشبثين بهذا العمل الصحفي الذي هو أشبه ما يكون بنصف رواية من رديء الخيال العلمي. وانتهى المطاف بهذه الأرقام على واجهة معهد الانعتاق كتأكيد مقدس كفيل بإقناع النفوس الحساسة وإعطائها فكرة عن مدى انتشار العبودية في موريتانيا.
لم يبادر أحد بمتابعة موضوع التضليل هذا لتحديد بدايته قبل أن يبدأ تأثيره كرة الثلج: فقد كتب مراسل شاب في شبكة سي إن إن، في تقرير له عن موريتانيا بعنوان: “آخر حصون العبودية ” أن نسبة العبيد في موريتانيا تبلغ ما بين 10 إلى 20%. وقال على موقع شبكة “سي ان ان” إنه نقل هذه الأرقام عن مقررة الأمم المتحدة غولنارا شاهينيين (Gulnara Shahinian) التي تزور موريتانيا لدراسة قضايا كهذه.
http://edition.cnn.com/interactive/2012/03/world/mauritania.slaverys.las...
أما صحفيو المؤسسات الصحافة الأجنبية الهامة، فقد نقلوا هذه الأرقام الكبيرة من نفس المصادر، حيث أعلن البعض، من أمثال نيكول فيشر دي فوربس (Nicole Fisher de Forbes) أن أعداد العبيد في موريتانيا تبلغ الـ 500 ألف.
https://www.forbes.com/sites/theapothecary/2013/07/18/mauritania-modern-...
ووهاهو معهد الانعتاق الذي لم يتم إنشاؤه إلا بعد صدور تقرير الـ CNN، يعرض على واجهة موقعه هذه الأرقام التي تبدو لأول وهلة وكأنه لا يمكن تفنيدها، ولا حتى التشكيك في صحتها، وهي في الحقيقة كاذبة خاطئة! فأنا قرأت تقرير السيدة غولنارا شاهينيان المذكور، والذي يحيل إليه مراسل CNN: فهي لم تورد في تقريرها الأرقام المذكورة إطلاقا، ولم تعط أي تخمين!
بل إنها، على العكس من ذلك تماما، كانت تستشهد قائلة:« كما يقول بوبكر مسعود، رئيس نجدة العبيد (SOS Esclaves)، أنه ما من رقم معروف لأعداد العبيد في موريتانيا» (ص 6)، وتذهب إلى أبعد من ذلك فتقول « إن هناك اعتقاد سائد مفاده أن عدد العبيد قد يكون بدأ في التناقص بفعل القوانين والبرامج المتتالية التي نفذتها موريتانيا بهدف القضاء على العبودية”.
http://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/—ed_norm/—declaration/documents/newsitem/wcms_146481.pdf
لكنك، عزيزي القارئ، لن تستطيع أن تقرأ أفكارا كهذه لدى هؤلاء الذين جعلوا من موريتانيا البلد الاستعبادي رقم 1 تناسبيا مع عدد سكانه.
لقد تم في هذا المنوال، تداول نسبة مزيفة للعبودية تتراوح بين 10 و 20% وهي لا وجود لها في تقرير مقررة الأمم المتحد، السيدة غولنارا شاهينيين. هذه النسبة تناقلتها تقارير أمريكية في الموضوع متوخية الحيطة بإخفاء المصدر المنقولة عنه بالرغم من أن النسبة المذكورة مقدمة من طرف جمعية غير حكومية يعتبرونها إلى حد الساعة محترمة. إن الأمر لا يعدو كون الصحفي الشاب وجد حيلة تمكنه من إثارة إحساس الجمهور من خلال اللعب على جهل المشاهدين الأجانب وجميع خيوط سوء النية المهنية التي تستعين بهذه الأرقام الكاذبة والتي هي من نسج الخيال. لم يرد على لسان معهد الانعتاق، ولا على لسان مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية (IRA)، ولا على لسان أي من أجهزة الدولة أن هناك مؤشر للرق للعام 2016 يتحدث عن احتمال وجود نسبة 1% من العبيد في موريتانيا مع أنهم، مثل غيرهم، غير قادرين على تبرير هذه النسبة المزعومة.
https://www.globalslaveryindex.org/index/#
يتحدث أكثرهم رواجا عن نسبة 20%، ويقول بدلاؤهم الإعلاميون بوجود 500.000 من العبيد، وآخرون اختصاصيون أكثر، يعلنون عن نسبة 1%، بينما تتحدث الدولة الموريتانية عن ما يقارب نسبة 0% تقريبا.
https://www.globalslaveryindex.org/index/#
لم يكن ذلك كله يستدعي الاهتمام ولا أية عناية ما دام عديم التأثير، إلا أن الدعاية أصبحت، من الآن فصاعدا، مدعومة كل الدعم من طرف دول لا يستهان بها. فهناك، على الأقل دولة عظمى قادرة على فعل أي شيء إذا كان ذلك يندرج ضمن مصالحها الإستراتيجية في المنطقة.
بفعل تقديم عربون لإنتاج تقرير صحفي تم إنجازه بإتقان ليصدقه الأجانب، وبتقديم أرقام هائلة بزعم أنها واردة في تقرير أممي في حين ظهر أن لا وجود لها في التقارير الرسمية لمنظمة الأمم المتحدة، وبفعل ظهور نفس الأرقام في تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية مع إخفاء المصدر، الذي هو دراسة صادرة عن منظمة غير حكومية يعتبرونها محترمة، وبعد تقديم عديد السندات المشكوك في صحتها كلا لا بعضا، ها هو معهد الانعتاق، الذي تم إنشاؤه في فترة لاحقة لصدور تقرير شبكة سي إن إن (СNN)، يحصل على جائزة قدرها 5 ملايين دولار بموجب قانون أمريكي يسمح للحكومة بدعم الدول والمنظمات غير الحكومية التي تكافح الاسترقاق، وليست هذه سوى البداية.
خلال الفترة ما قبل حادثة نواكشوط في الـ 8 سبتمبر / أيلول 2017، التي تم خلالها استبعاد الأعضاء المؤسسين لمعهد الانعتاق، ومعهم عدد من الشخصيات التي يعتقد أنها حسنة النية، لكن تم التغرير بها كالأطفال في شيطنة ملف الاسترقاق في موريتانيا، في تلك الآونة لم يكن لدى هؤلاء الأعضاء حصيلة لأي عمل ميداني. وكانت واجهة موقعهم الالكتروني، ومعها المقالات الصحفية المؤيدة بالأرقام المقدمة من طرفهم والتي مصدرها الأساسي تقرير سي إن إن والمقالات المستلهمة منه، والمشكوك في صحتها أصلا وفي صحة كل ما هو مؤسس عليها.
http://fr.stoppingslavery.org/dans-la-presse.html
جزهن سوتر (John Sutter)
بالإمكان التحدث لمدة ساعة عن تقرير سي إن إن (CNN) لتفكيك وإظهار جميع الخيوط الدفينة لأن الصحفي الشاب، صاحب التقرير، يوهمنا بأنه كان على موعد مع جحافل من العبيد، جحافل من العبيد لم توفق منظمة إيرا في الالتقاء بهم خلال تنقلها عبر البلاد. كما يخيل إلى من تابع التقرير، أن الصحفي الشجاع وجد نفسه في كوريا الشمالية، وأنه ارتطم بأرض بلد مغلق، حيث يتم إخفاء أنماط من العبودية الجماعية تمارسها سلطة البيطان. يدخل الصحفي متنكرا مودعيا القيام بإجراء دراسة لمكافحة الجراد بالوسائل التكنولوجية. المشهد الأول: الشجاعة. يلتقي بمنظمة نجدة العبيد (SOS Esclaves) وتحذره هذه الأخيرة من محاولة الالتقاء بأمة معروفة خشية، إن فعل، أن تقوم السلطات بمصادرة الكاميرا. والغريب في الأمر أن المقابلات مع العبيد متوفرة في كل مكان، ولا يوجد عليها من حظر، اللهم إذا خشيت السلطات سوء استغلالها كما أثبتت النتائج ذلك.
https://www.youtube.com/watch?v=5yQlOPD8mNo
لم تعثر البعثة على العبيد في نواكشوط، وحينها قررت الذهاب إلى إنشيري ولبراكنه بحجة إجراء دراسات حول تحرك الجراد. الصحفي الشجاع يتحدث عن الاستفادة من لحظات نادرة ليختفي عن نظر الوكيل الحكومي الذي كان يراقبه. هنا نرى مشاهد من الناس البائسين كما نستطيع أن نجد نفس المشاهد في نواكشوط، وفي أحزمة الفقر الموجودة في كل مكان، إلا أن المكان بعيد جدا، ولا ترى بالجوار سوى الرمال. مجال الكاميرا ضيق جدا. هناك ينتهز الفرصة ليطرح الأسئلة بسرعة: هل يوجد عبيد في الجوار؟ …
كم كان ذلك سهلا! هناك نساء يقلن إن الأطفال الجياع يأكلون الرمل. هذا بؤس أم عبودية، أم كلاهما؟ إلى أين ذهب السادة ليتسنى للغرباء الاقتراب من عبيدهم؟ نفترض أن الناس الذين تم تقديمهم بأنهم عبيد، عبيد فعلا، فلأمر ممكن لأن العبودية ربما لا تزال موجودة لكن، هل بالإمكان التحدث عن 10 إلى 20% من العبيد؟
ولإعطاء فكرة عن درجة جهل سي إن إن بموريتانيا وما يجري فيها، يكفي أن نلقي نظرة على ما قالت عن المجموعات العرقية في هذا البلد. فهي تذكر أن بها 4 مجموعات أثنية دون أي ذكر للعرب أو حتى العرب ـ البرابرة، يشيرون إلى أن هناك “البيظان الاستعباديين” مضيفين أن هناك “البيظان السود”، وأن هؤلاء عبيد سابقون، ويشير التقرير إلى أن بقية السكان هم من “السود الأحرار” (البولار، السوننكيه والوولف)، وفي الأخير يخبرنا أن هناك فئة أخرى متميزة عن “البيظان السود”، هي فئة الحراطين. تهانئنا له!!
http://edition.cnn.com/interactive/2012/03/world/mauritania.slaverys.las...
بعد توغله متخفيا في هذه الـ “كوريا الشمالية”، وبعد مغامرتي إينشيري ولبراكنه بحثا عن العبيد، وبعد أن أثبت أن العبودية مستشرية بشكل واسع ومخفي، اختتم التقرير بالبطل برام، زعيم إيرا، الذي يظهر وكأنه محرر جموع العبيد، ومعه لافتة تذكرنا بحركة حقوق الإنسان في الولايات المتحدة وكأن هناك وجه شبه بين الوضعيتين.
إنها مهزلة إعلامية تم نشرها بشكل واسع النطاق!!
بالمناسبة، عن أي عبودية يتحدث التقرير؟ إنه يوهم المتلقي بوجود أسواق لبيع العبيد في موريتانيا. في الأيام الماضية، قال زعيم الرابطة السنغالية لحقوق الإنسان إن العبودية في موريتانيا تتم ممارستها بشكل مفتوح. أشير هنا إلى أنني لا أشاطر برام الرأي في دعايته المبالغ فيها، وإنما أتبنى ما قاله بوبكر ولد مسعود، رئيس نجدة العبيد على أثير إذاعة فرنسا الدولية سنتي 2009 و 2015 حين قال إنه لا توجد أرقام للعبودية في موريتانيا، وحيث تكلم عن العبودية المنزلية التي لها خصوصيات نفسية معقدة، مضيفا أنها لم تعد موجودة إلا في المناطق النائية.
http://www.rfi.fr/contenu/20091107-boubacar-messaoud-president-sos-escla...
http://www.rfi.fr/emission/20150430-boubacar-messaoud-mauritanie-il-y-es...
وكما هو جلي من خلال تقرير شبكة سي إن إن، يستحيل العثور على عبيد بالمعنى السليم للكلمة، إلا في حالات قليلة عانى أصحابها من العنف وجميع أشكال الإساءة. لهذا الغرض،علينا أن نبتعد عن المدن الكبرى ومناطق معينة من البلاد، وأن نتوجه إلى مناطق أخرى نائية، تكون مقطوعة عن العالم، حيث يكون البؤس الحقيقي سيد الموقف. في تلك المناطق يوجد أشخاص يعملون لصالح آخرين دون أن تكون لهم أجور يتقاضونها، فهم لا يحظون سوى بما يسد رمقهم كخدم، لا أزيد. هنا نجد قرى آدوابه الشهيرة، وهي قرى أحفاد العبيد القدامى، حيث يتم نعتهم بأنهم عبيد القبيلة كذا، تماما كما يتم نعت أي وزير في الحكومة. فعلى سبيل المثال، وزير العدل الحالي من أم تنتمي لطبقة العبيد، وقد اضطر إلى استصدار حكم قضائي ليتسنى له الانتساب إلى والده.
إن العوامل النفسية، كالعادة، جد معقدة، وليس بالمستطاع إعطاء فكرة عن ديناميكية ما دون الإشارة إلى بعض الاستثناءات أو الفروق الدقيقة. كيف يمكن أن نفسر أن بداخل هذه الجمهورية التي تم تعريفها في التقرير بأنها استعبادية، يوجد ناشطون بهذه الدرجة من التهذيب، وهم من صلب سلالة الرقيق؟ كيف يمكن، على سبيل المثال، أن نتصور أن هذا الشيخ “البيظاني” الذي عثر عليه طاقم سي إن إن، يمكن أن يعلن، وهو يبتسم، أنه لا يدفع أجور أشخاص يذكر التقرير، في موقع آخر، أنهم عبيد؟ هل يعقل أنه كان على علم بطبيعة السؤال؟ التقرير كله على هذه الحال. لقد تم إنتاج هذا التقرير بطريقة محكمة، حيث تم السرد بالإنجليزية والفرنسية والحسانية، وكانت الترجمة جيدة، لكن المونتاج يوحي بأكثر وأكثر … تم ذلك كله بشكل يثبت أنه حقا عمل أحد أبناء الصحافة الأمريكية، فأمريكا بلد يعد في طليعة البلدان الرائدة في مجال ” الصناعة الإعلامية”.
بقي أن نعلم أن هؤلاء العبيد يشكلون تجسيدا لما يسمى ببقايا العبودية في ثقافة بلد فيه يولد البعض أحفاد السادة وغيرهم أحفاد للعبيد. إنها ثقافة زمن قد ولى، ثقافة قديمة تطفو هنا وهناك، في زوايا نائية. بعض هؤلاء لم يعد بإمكانهم ترك أرض السيد لأنهم لن يجدوا عنها بديلا يوفر لهم وسائل العيش، والبعض الآخر ما زال تحت وطئة غسل الأدمغة المبني أساسا على ما يسمى بالحجج الدينية، وبعض آخر لا يزال راضيا بعبوديته لأن عائلة من أسيادهم السابقين لا تزال تمثل كل شيء بالنسبة لهم. يورد التقرير حالة من الصنف الأخير تمثلها حالة عبد جمال ولد اليسع السابق، أحد مؤسسي نجدة العبيد.
من ناحية المونتاج، يعتبر المقطع ملفتا للانتباه، بحجة أن الشخص الذي يأخذ الكلام لا نراه أبدا يستمع إلى سؤال موجه إليه، حتى نعرف ما إذا كان يعتبر نفسه عبدا أم لا. إنك تسمع فقط إجابته بشأن الحرية. لقد اتصلت بجمال واستفسرته عن الموضوع، وأكد لي أنه حتى وإن لم يظهر ذلك مباشرة في الريبورتاج، فإن السؤال تم طرحه بصفة مباشرة. لم أستطع أن أصدقه: هناك خطأ مهني، لأنه بإمكان من يتابع الريبورتاج أن يعتقد أن هناك فبركة متعمدة … لنترك الصحفي يستفيد من وضعية الشك.
دعونا نعود إلى عبد جمال السابق: عندما سئل هذا العبد السابق عن ما جناه من الحرية، رد قائلا إنه لم ير لها أية فوائد. وبدلا من الأخذ في الاعتبار بنبل هذه الإجابة التي تثبت جيدا أن العبد السابق كان يعامل بشكل جيد لحد أنه يذكر سادته السابقين مستخدما عبارة “أهلي!”، أي عائلتي أو ذويي بالمعنى الواسع للكلمة، في حين أن إحدى نساء الرقيق، سبق التعرف عليها قبل صدور تقرير سي أن أن، تحدث عن سادتها مستخدمة عبارة “عربنا”، وهو مصطلح مرادف لمصطلح “سادتنا” لأن كلمة “عرب” لها 3 دلالات في الحسانية: فتطلق على الإثنية العربية، وعلى المحارب، وأيضا على السيد. اعتبرا صحفي سي أن أن ، وجمال أيضا، أنها ردود تعتبر كارثية تدل على أن العبدين يعتبران أن في العبودية نبل، وهو دليل واضح على أنهما تعرضا للسلب الفكري، فهما غير قادرين على استيعاب فوائد الحرية.
وعلى كل حال، فإن الصحفي، بطلبه المساعدة من جمال، لم يوفق في اختيار من يدله على الرقيق التعساء في حي أمير تكانت الأسود، عبد الرحمن، الابن الوحيد لأمة فلانية مستعبدة كانت جارية والده، الأمير بكار ولد سويد أحمد، المحارب، المحارب الأسطوري، الذي استشهد حاملا سلاحه في وجه الاستعمار الفرنسي. إن إمارة إدوعيش، وتعني في الثقافة الشعبية (ادخل وعش)، هي الإمارة البربرية الوحيدة التي بقيت صامدة إلى جانب نظيراتها العربية بعد حرب طاحنة بين العرب والزوايا وخسرها هؤلاء الأخيرين.
http://chezvlane.blogspot.it/2014/05/la-mere-de-lemir-du-tagant-abderrah...
إن الأجانب، حين يطلعون على محتوى هذا التقرير، تتاح لهم الفرصة ليكتشفوا كيف يتعايش العبيد والحراطين مع أسيادهم القدامى. يكتشف الأجانب أيضا أنه بالإمكان تعايش الشيء وضده في نفس المكان. هنا تثار مسألة نبل الروح: مصير له علاقة وطيدة بالمناطق التي تستقبلهم، وبطبيعة القبائل وكرمها. من هنا تأتي أهمية اختيار الحكومة لوزير أول يكون، على الأقل، غير منحدر من المناطق النائية المشهورة في جميع أنحاء موريتانيا بسبب “آدواب” البؤس والإقصاء.
إنك لن تجد من يلفت انتباه الصحافة الأجنبية إلى تلك الفروق الدقيقة، ولا من يحذر المنظمات غير الحكومية الأجنبية، ذات السمعة الحسنة والعاملة في مجال محاربة العبودية من الوقوع في ميدان الحرب المشخصنة التي يشنها بعض المحليين المثقفين ضد السلطة الموريتانية غير مكترثين بما قد تلحقه تلك الحرب بصورة البلد.
لقد استشرت هيمنة السلطة منذ سنة 1978، ومارست على المدنيين سياسة الاحتقار، والإذلال إلى حد أنها، وبعد أن أصبحت شيئا ما متحضرة، لا تزال إلى حد الساعة متشبثة بثقافة الهيمنة والاحتقار تجاه خصومها السياسيين، وقد لا يكون ذلك عن حسن نية. في المقابل، أصبح المدنيون يتشبثون بنفس الأسلوب، مستخدمين نفس الوسائل، ولاعبين على نفس الأوتار تقريبا، وهم يعتقدون أن التأثير على صورة البلاد سيجبر السلطة على التغيير من أساليبها السياسية. خطأ. فالسلطة تبدو وكأنها تسخر من تلك الصورة المشوهة للبلد بوصفها إياه بأنه استعبادي. وعلى العكس مما كان متوقعا، فإن عملا من هذا القبيل يسمح للسلطة بأن تتحدث عن مؤامرات دولية تحاك ضد “البيظان البيض”، ما يتيح لها فرصة إهمال بعض السياسات الاجتماعية فتقوم بإقصاء الحراطين على المدى القصير، وقد تذهب إلى أبعد من ذلك، بإقصاء أغلبية أطفال الحراطين الذين هم في سن الـ 10 بذريعة عدم حصولهم على بطاقة الهوية لأنهم الأقل حظا أمام الإدارة علما بأنه، حتى البيظاني الأبيض ذي النفوذ الواسع، يجد صعوبات جمة في الحصول، في الوقت المناسب، على بطاقة الهوية لأطفاله.
إضافة إلى ما سبق، فإننا نتهم أيضا بعض موظفي السفارة الأمريكية بتعمد التضليل الإعلامي لكونها لم تزود الوزارة الوصية عليها بالمعلومات الصحيحة المتحصل عليها مباشرة من انواكشوط، وإلا فما معنى كل هذه الأرقام الكاذبة الواردة في التقارير الأمريكية الرسمية؟
إننا ندعو جميع الموريتانيين، وأصدقاء موريتانيا إلى أن يتوخوا الحذر تجاه الأرقام والمعلومات التي يتلقونها في هذا الموضوع، وأن يعبروا عن تفاجئهم بكون أحد مؤسسي معهد الانعتاق، باكاري تانديا، وهو عضو في إيرا، سونينكي من مدينة كيهيدي، ومع ذلك يسمح لنفسه بالتحدث فقط عن المشاكل المتعلقة بالعرب البربر بينما تعتبر مدينته، كيهيد،عاصمة للعبودية المنزلية”. ويتعلق الأمر خصوصا بالأوساط البولارية، حسب عمل تم إنجازه من قبل أحد “الأفريقانيين”، كمارا عثمان، الذي يطلعنا على خدع العبودية الحديثة، في دراسة له بعنوان: “أوجه من العبودية: الجواري الصغار في كيهيدي”
http://chezvlane.blogspot.it/2016/06/kaedi-capitale-de-lesclavage-domest...
وكذلك، تناول أحد المؤرخين، عبد الرحمان انكايدي، وهو معروف بالنزاهة الفكرية والشجاعة، موضوع مخلفات العبودية في الوسط الفلاني، مجتمعه الذي ينحدر منه، وذلك في عمل بعنوا:”القوالب النمطية والمخيال الاجتماعي في مجتمع الهالبولار”.
https://etudesafricaines.revues.org/1463
وفي ما يخص مجتمع السوننكي الموريتانيين: فما من باحث لديه من الجرأة ما يخوله كتابة أي شيء عن العبودية أو مخلفاتها في مجتمعهم؟ لن تجد من يستطيع القيام بذلك، وإن كانت مقررة الأمم المتحدة التي سيئ استخدام تقريرها من قبل مراسل سي أن أن، قد كتبت: “… وهكذا، فإنه في مجتمع السوننكي، لا يسمح للعبيد أن يكونوا في الصف الأول في المساجد، ولا يمكن دفنهم في نفس المقابر مع سادتهم.
ويذكر أن الحديث عن العبودية في المجتمع الزنجي الأفريقي أقل كثيرا منه في مجتمع البيظان، ذلك لأن العبودية لدى الزنوج تأخذ شكل التقسيم الطبقي الاجتماعي، إضافة إلى أنه من الصعب اكتشافها لكونها في مجموعة عرقية متجانسة، على عكس العبودية في مجتمع البيظان”.
http://www.ilo.org/wcmsp5/groups/public/—ed_norm/—declaration/documents/newsitem/wcms_146481.pdf
إذا كانت المعلومات المتعلقة بمخلفات العبودية لدى مجتمع العرب البرابرة مرسومة على كل الشفاه، فإنه يندر الحديث عنها في المجتمع البولاري، ونادرة للغاية في المجتمع السوننكس، إلا أن بعض الباحثين تمكنوا من إظهار درجة التطور لدى السوننكي في ما يتعلق بالعبودية.
http://chezvlane.blogspot.it/2013/08/plus-que-les-maures-voici-les.html
ما يبعث على القلق، هو أن معهد الانعتاق، بفعل قدرته الهائلة على التضليل، قد يفلح في تضليل الأمريكان من ذوي النيات الحسنة، تماما مثلما نجح في تضليل الأمريكان في القمة. وهذا ما شاهدناه على مستوى مجلس الشيوخ حيث تمكن معهد الانعتاق من الحصول على خمسة ملايين دولار، ناهيك عن التبرعات الخاصة التي يمكن الحصول عليها مباشرة وعلى الموقع إلى حين يصل ضغط اللوبينغ إلى آذان المانحين الأثرياء. قد لا يطول الانتظاره.
أملنا أن لا تخصص كل هذه الأموال لحركة إيرا الراديكالية، وإنما لأولئك الذين يكافحون من أجل التعويض للمتضررين عن التمييز السلبي الممارس من طرف الدولة في حق الحراطين: نجدة العبيد التي فتحت منشئات للمساعدة في إعادة دمج ضحايا العبودية الحديثة، العبودية المحلية التي تتمثل في العمل دون أجر، مثل ما هو موجود في كيهيدي، مدينة باكاري تانديا، أو الجمعية الجديدة لإبراهيم بلال رمظان، “مؤسسة الساحل” التي تعمل على المساعدة المباشرة للفقراء.
وفي غضون ذلك، نسجل انطلاقة معهد الانعتاق، كآلة جهنمية، مهمتها الأساسية خدمة بيرام الداه اعبيد.
http://salsa4.salsalabs.com/o/50837/l/fre/p/dia/action3/common/public/?a...
لا محالة، ستصل هذه المعلومات المضللة قمة الدولة الأمريكية، وستصل الرئيس نفسه عن طريق المسؤولين الأمريكيين المنتخبين والصحفيين الذين سيخيل إليهم أنهم على دراية تامة بالحقيقة في حين أن الأرقام المتوفرة لديهم أرقام كاذبة، وأنه تم تحريف الحقيقة: حينها ستكون موريتانيا عرضة لاضطرابات لا أحد يمكنه التنبؤ بما ستؤول إليه، إلا أنه يمكن بسهولة تصور العواقب الضارة لتلك الاضطرابات، نظرا لدرجة سوء نية الدافع الأصلي الكامن وراء هذا النمط من مكافحة العبودية.
https://www.corker.senate.gov/public/index.cfm/end-modern-slavery-initia...
سؤال: لماذا الدولة الموريتانية لم تفعل أبدا ما أفعله أنا للتو، ألا وهو فضح دينامكية الكذب؟ يمكن تفكيك تقرير سي إن إن ، حتى لا يبقى له أي أثر، كما يمكن تصوير فيلم بأكمله ووضعه على الانترنت لإثبات الخداع حول نسبة الرق وحتى طبيعته في موريتانيا، ناهيك عن التزييف الدقيق للمقابلات.
لم يتم القيام بأي مجهود، على العكس من ذلك، شرعت الدولة الموريتانية، على مستوى يصعب تحديده، في إقصاء المزيد من الحراطين تحت طائلة هذه المعركة المحتدمة باسمهم، مع أن الأمر لا يعدو كونه عبارة عن مزج للأنواع غير موفق. لا أحد يعرف من أجل ماذا بيرام يخوض كفاحه: أهو من أجل جحافل العبيد الذين لا عين رأت، وإنما أذن سمعت…؟، أم أن كفاحه يأتي نصرة لكوادر الحراطين المهمشين؟ إن الحصيلة على كل حال كارثية بالنسبة لمجتمع البيظان.
وإذا لم تتوفر الأرقام المتعلقة بالعبودية، فإن هناك حقيقة لا مراء فيها، لا تزال قائمة، وهي أننا نستطيع القيام بتعداد للحراطين الموجودين في مراكز السلطة: نسلط الضوء على إقصائهم من الحكومة، ومن المراكز العليا في الجيش، والمراكز العليا للشركات العامة، وفي المقاطعات، وما إلى ذلك، إلى أن نقوم بحصر ما يمكن أن نفعله من أجل تحقيق المزيد من العدالة الاجتماعية باسم الأخوة بين البيظان وعبر التمييز الإيجابي الذي بات قائما حتى في ظل نظام الرئيس عزيز، غير أن هذا الأخير لم يعد يريد أن يسمع عنه، ويفرض الآن التمييز السلبي؟
وكما أشرت إلى ذلك في مذكرة، أصبحت قضية العبودية في موريتانيا عملية احتيال خبيثة، ولم يعد يستفيد منها سوى العنصريون البيظان الذين تمكنوا من إقصاء الحراطين باسم ردة الفعل على التهديد الذي تمثله حركات مثل إيرا بينما توفي ناشط السلام الراحل محمد سعيد ولد همدي وهو في انتظار الحصول على مقابلة الرئيس عزيز لتسليمه وثيقة عن تهميش الحراطين.
http://chezvlane.blogspot.it/2013/05/texte-complet-du-manifeste-du-harta...
دأب عزيز على رفض استقبال ولد همدي، وإلى حد الساعة، لم يقم أحد بتحديث هذه الأرقام. لقد أصبحت مكافحة الرق عملية احتيال تعود بالفائدة على الزنوج الموريتانيين. إنها حقيقة يجب الإفصاح عنها، لأنه من حيث يخرج الحرطاني، يمكث الزنجي الموريتاني. هذا ما مكن من حظي منطقة الضفة بزنوج بارزين في الحكومة، وفي بعض القيادات العليا للجيش، وهي مناصب يبدو أنها محرمة على الحراطين في حين أن هؤلاء سلكوا طريق التهميش.
https://www.chezvlane.com/Aziz-les-hratines-et-les-negro-mauritaniens-la...
ومن المفارقات أن سوننكيا من مدينة كيهيدي يعيش في المنفى هو من يسدد الضربة الأكثر فظاعة في هذا الموضوع، وهو المرشح لأن يكون رأس حربة مشاريع إيرا، وبموارد مالية ضخمة، كما سيحظى برصيد لا يستهان به من المفكرين والفاعلين في ميدان الاتصال. يكفي أن نقوم بزيارة لموقعهم لنرى كيف يتم تقديم الدعاية بطريقة جد مهنية، وليتضح لنا أن وراء الأكمة عقول راجحة لا تخلو من حسن النية، إلا أنها سقطت في أيدي الدعاية الكاذبة.
محمد سعيد ولد همدي
أما بالنسبة للدولة الموريتانية، فإنها إذا كانت تهتم بشد الروابط بين البيظان البيض والسود، فلها ذلك لأن الحالة الراهنة لا تخدم سوى الجبهة السوداء التي لا مبرر لها لكون الثقافة الزنجية الموريتانية ثقافة استعبادية أكثر من ثقافة البظان. حان الوقت لأن تعطي الدولة الموريتانية إشارات واضحة تبرهن على أن السلطات العمومية لا تعاني من مخلفات الاسترقاق، من خلال رفع التهميش عن كوادر الحراطين في الإدارة والجيش. وإذا كانت الأخوة موجودة، يجب أن تتجلى في قلب وقمة السلطة. يجب أن نكون قادرين على أن نقول: “انظروا إلى الحكومة، إلى الجيش، إلى المنتخبين، إلى المؤسسات العامة، الخ: من يستطيع أن يقول إن الحراطين، هؤلاء البظان السود، هؤلاء الإخوة، يتم تهميشهم؟ “.
من المؤسف أنه إلى حد الساعة، بإمكان السلطة الموريتانية أن تدعي كل شيء إلا ما ذكرناه آنفا! ذلك أن هدفها السياسي يبدو على النقيض مما نفكر فيه، علما بأن حماقة الإقصاء هذه سوف تتيح لأعداء البيظان فرصة تركيع مجتمعهم قبل أن يتم تفجيره بمساعدة قوة أجنبية عظمى تعرف من أين تؤكل الكتف في هذا المجال بالضبط، خاصة في مواجهة نظام خلق لنفسه أعداء كثرا داخل الحدود وخارجها. أن البيظان المؤيدين للسلطة الحالية، مهرجي التهميش، الساعين لأكبر استفادة ممكنة من الثروة والسلطة، بإمكانهم، حين تعصف العاصفة، الهروب ليعيشوا مثل الملوك في أرض الله الواسعة. أما الآخرون، هذه الكتلة الكبيرة من فقراء البيظان البيض والسود، وحتى الطبقة الوسطى التي ستجد نفسها بين نيران الأطراف، فلن يبق للجميع سوى عيونهم للبكاء حين تقرر دولة مثل الولايات المتحدة وضع حد لثقافة النفاق والكذب، التي تعبث بها أيدي محليين منحرفين وساذجين، سخروا أنفسهم لخدمة الظلم والتهريب والإفلات من العقاب.
حينها لن تبقى موريتانيا دولة مغاربية، وإنما إحدى دول أفريقيا السوداء كما تشير إلى ذلك في الوقت الراهن خرائط الخارجية الأمريكية.
http://chezvlane.blogspot.it/2016/07/explosif-rapport-us-juin-2016-la.html
وداعا، حلم موريتانيا المتعددة، موريتانيا الهجين بين العالمين، العربي ـ البربري والزنجي ـ الأفريقي، ذاك الحلم الجميل الذي وأدته حماقات حفنة من أخطر السماسرة اللئام المولعين بعودة المنبوذ، عودة الهمجية من أجل رجوع النظام الاجتماعي البائد …
معلومات تكميلية
وبخصوص النسب من 10 إلى 20% من العبيد في موريتانيا، والمعلن عنها في تقرير سي إن إن، وهي نسب تم تداولها على نطاق واسع، نود أن نلفت الانتباه إلى أن صاحب التقرير، جون سوتر، لما خشي أن يكتشف ما قام به من التلفيق وعدم جديته في التقرير، أورد في مقال آخر أن مقررة الأمم المتحدة أعطته هذه المعلومات قبل مغادرته. ترى، هل صحيح ما يدعيه هذا الصحفي؟ في هذه الحالة ينبغي الاتصال بالسيدة غبولنارا شاهينيان للتأكد من صحة ذلك. دعونا نفترض أن الأمر كذلك لكن، ما قيمة ما يسمى “معلومات خاصة”، بينما تقول المقررة رسميا في تقريرها أن الأرقام غير متوفرة؟ ونظرا لما سبق، فإنه لا عبرة بتلك المعلومات الخاصة. إن معلومات كهذه لا يجوز، بأي حال من الأحوال، استغلالها في تقرير دون الإشارة إلى أنها غير رسمية، ولا وجود لها رسميا في الوثيقة الصادرة عن المقررة.
http://www.huffingtonpost.com/john-d-sutter/where-slavery-is-most-com_b_...
بقى أن نعرف ما هي هذه المنظمة الشهيرة المحترمة التي استشهد بها تقرير وزارة الخارجية لسنة 2013 الذي وردت فيه نسبة 20%. لا يمكن أن تكون منظمة نجدة العبيد، لأن بوبكر مسعود صرح أكثر من مرة أنه ما من أرقام معروفة للعبودية في موريتانيا (انظر روابط إذاعة فرنسا الدولية أعلاه). ما هي إذن هذه المنظمة غير الحكومية المحترمة التي لا تريد الخارجية الأمريكية ذكر اسمها في تقريرها الرسمي؟
حسنا، إنه برام الداه اعبيد الذي يفك طلاسم هذا اللغز المستعصي، وحركة إيرا هي التي كانت وراء تلك النسبة الشهيرة، نسبة الـ 20% التي لم نر لها أي أثر في التقرير الرسمي لمقررة الأمم المتحدة، غولنارا شاهينيان.
“لقد اقترح برنامج الأمم المتحدة للإنماء والاتحاد الأوروبي غلافا ماليا لإجراء تحقيق مستقل حول العبودية في موريتانيا، ولكن الحكومة تراجعت. فهي تخشى أن يكشف هذا التحقيق المستقل للعالم عن مدى انتشار الظاهرة في المدن والمناطق الريفية “.
في خضم ذلك، يضيف زعيم إيرا:”لكن منظمتنا، على الرغم من أنها لم يتم الاعتراف بها رسميا، وأنها مضطهدة، حاولت إجراء تعداد سكاني في شكل تقاطعات.
وقد سمح لنا ذلك التعداد بأن نكتشف أن 20% من السكان هم من العبيد المحليين الذين يعملون دون راحة، وبدون أجر، ودون رعاية، ومعرضون للاغتصاب، ويمكن تأجيرهم، ورهنهم، وبيعهم “.
http://afrique.le360.ma/mauritanie/societe/2016/12/16/8316-mauritanie-20...
لنصدق إذن ما اعترف به برام، علما بأن قوله، للأسف، بعيد كل البعد من قول الإمام مالك رحمه الله. فهو من أعلن على كل المنابر في الخارج، وفي شتى المناسبات، أن الفصل العنصري ساري المفعول في موريتانيا، وآل به الأمر إلى أن اتهم دول أفريقيا السوداء المجاورة بالجبن والتقصير تجاه مصير السود في موريتانيا:
“من المثير للدهشة أن العديد من البلدان الأفريقية شارك في الكفاح ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، دون أن يقف اليوم أحد منهم ضد السيطرة على السلطة من قبل أقلية عرقية في موريتانيا.”
http://www.seneweb.com/news/Politique/biram-dah-abeid-ldquo-ce-que-viven...
إنك، بمجرد أن تطأ قدماك الحيز الترابي لموريتانيا، ستتأكد من كون ما سبق مجرد مقولة كاذبة ووقحة.
أخيرا، سنة 2016، أعلن الأمريكيون عن أرقام رسمية إلا أنها، هذه المرة، تتعلق فقط بالأطفال المستعبدين داخل المنازل كما هو الحال بالنسبة لكيهيدي: “على الرغم من أن منظمات غير حكومية وثقت أكثر من 7100 حالة من الأطفال العاملين في المنازل مع ملاحظة وجود إشارات تفيد العمل الجبري، وعلى الرغم من أن الشرطة حددت أكثر من 649 ضحية للاسترقاق والتسول القسري للأطفال سنة 2016، لم تقم السلطات العمومية بالتحقيق في أي من هذه الحالات، كما لم تقم بإنقاذ الضحايا من وضعيات الاستغلال التي يواجهونها.”
https://mr.usembassy.gov/wp-content/uploads/sites/204/2017/08/MAURITANIA...
أخيرا، وعلى الموقع الإلكتروني لمعهد الانعتاق، بالإمكان، لإتمام الأرقام المغلوطة لـ سي إن إن ووزارة الخارجية الأمريكية، مطالعة نص مستنسخ على طريقة نسخة ـ لصق في صفحة الأدب، دون العثور على رابط يشير إلى المصدر، ما يوحي بأنهم طالعوا الكتاب. إنها أرقام حول موريتانيا، مقتطفة من كتاب كيفن باليس الصادر سنة 2004. كلام يحسبونه نصا منزلا لا تشوبه شائبة لكونه منسوبا لهذا الكاتب الكاذب. وباستثناء المصادر السالفة الذكر، فإنك لن تجد أي مصدر آخر يتحدث عن النسب. بإمكانك أن تقرأ التقديم التالي في موقع معهد الانعتاق:”يعد كيفن باليز أحد أبرز خبراء العالم في مجال العبودية المعصرة. تجدون أعلاه، مقتطفات تقشعر لها الجلود من كتابه الشهير: “أناس مفعول بهم” في موريتانيا».
http://fr.stoppingslavery.org/litteacuterature.html
source : http://www.thirdworldtraveler.com/Global_Secrets_Lies/Mauritania_DP.html
بيرام الداه اعبيد وباكاري تانديا
وأخيرا، هذه مقابلة مع باكاري تانديا الشهير الذي يروي كيف ولد معهد الانعتاق وديناميكيته. تجد في لهجة الرجل وأسلوبه، دليلا على أنه غادر البلاد لفترة طويلة. فقد أصبح أمريكيا حقيقيا لا يجد أية غضاضة في استخدام ضغط اللوبيات للوصول إلى هدف ما، لأنهم في الولايات المتحدة لا يعتبرون ذلك سيئا، على العكس مما يحصل في فرنسا. إنه يتحدث بصراحة عن قوة معهد الانعتاق من حيث الشبكة والموارد المالية، وما إلى ذلك. كانت تلك مقابلة أجراها معه سي عبد الله من حركة إيرا.
https://www.facebook.com/BABASYUS/videos/10154855830605638/
في موقع الخدمات الأفريقي، يقدم باكاري تانديا بأنه من أصل موريتاني، ما يعني أنه حصل على الجنسية الأمريكية، لذا تم إبعاده مع الآخرين من مطار انواكشوط، في الـ 8 سبتمبر. لم يبق له سوى أن يطلب من الرئيس عزيز ازدواجية الجنسية ليتسنى له التحدث رسميا بصفته موريتانيا، إلا أنه، لحسن الحظ، لا أحد قادر على أن يسحب منه موريتانيته.
http://www.africanservices.org/about-us/our-staff/26-about-us/staff-list...
أحمد ولد اسويد أحمد