لا مراء في أن الحق أحق بالاتباع؛ فبالحق وعلى العدل قامت السماوات والارض.
إن مما لا شك فيه أيضا أن الحق واضح جلي لا يمكن أن يلبس ثوب الباطل إلا من ذوي النفوس المريضة والدعايات المغرضة و الأغراض الهزيلة؛ ظنا منهم أن ذلك ينطلي على من كانت له ذرة عقل أو تمييز أو إدراك.
قديما وقف من هم من ضئ ضئه أمام الخليفة العادل الراشد-كرم الله وجهه- وقال له في أقدس مكان (المسجد) كلاما ظاهره حق وباطنه مبطن خبثا ونتانة واتهام وزيفا، فقال حينها مقولته الخالدة؛ ذكرا والمنتشرة تداولا (كلمة حق أريد بها باطل)، مازال أتباع أولئك يتناسخون ويتكاثرون كالفطر، يكثر ظهورهم عندما ينجح غيرهم حسدا منهم وبغضا ونفثا لخبث انطوي عليه الكنه-نسأل الله السلامة-
كان حري بهؤلاء أن يتنافسوا بشرف مع المتنافسين ويثبتوا إيمانهم؛ لأن الله هو الرافع الرزاق وهو الذي يهب ما يشاء لمن يشاء.
ثم إن البلاد لها قيادتها التي تمتلك القرار والرؤية وميزان السيادة، و لايملى عليها من أمثالهم من القاصرين فكريا، المفتقرين لأدنى مستوى من العقل والبصيرة، والأيام شاهدة عليهم بذلك، وكلامهم وتصريحاتهم "الصغيرة" كل لحظة وحين؛ هي طريق معرفتهم ومعيار تقويمهم.
إن ظاهرة التعددية الحزبية التي تتسم بها الساحة السياسية في بلادنا محمدة رغم كونها -في ذات الوقت- تنتج مظهر سلبيا من جانب آخر، ذلك الذي يتعلق بوجود (أحزاب سياسية)
لا يمكن أن تلتصق بها الصبغة السياسية؛ بفعل عدم وجود أي مشترك إيجابي بينها وبين الأحزاب السياسية، لا من ناحية الهيكلة أو الأشخاص أو طبيعة القيادات، بل إن قيادات بعض هذه الأحزاب لا حظ لها في السياسة إلا من خلال إحداث ظواهر صوتية مزعجة، من باب خالف تعرف، و أكثر التلفيق تكن في السياسة عريق، وتجرأ في تهجمك على الرئيس والوزير تكن أنت المسؤول!!، وهذا لعمري طيش أخلاقي وطفولة سياسية تطبعها الضحالة على تلوث.
نسي هؤلاء أن لكل خبر قصة وأن لكل حكاية ما وراءها من بحث وتحقيق وتعرف على طبيعة الأحداث، وما كل الناس يسلم بكل ما روي له، وبحسب ابن آدم من الكذب أن يحدث بكل ما سمع.
صحيح أن النقد يحدث تقدما إيجابيا لكن ذلك مرهون بالنقد البناء، المبني أولا على الصدق والتحري، عكس النقد المبني على التلفيق؛ الذي مؤداه عدم إجازة الحصول على صفقات تراض هيئت ذات زمان ورفضت لا حقا؛ لما تغير المسؤول واستبدل أصحاب القرار بآخرين!!
إن عدم إبقاء موظف في مكانه لا يعني الظلم البتة بقدرما قد يعني التجديد والترشيد و التحسين..
المواطن الموريتاني لم يعد بتلك السذاجة التي تجعله يصدق كل ما يسمع، أو تنطلي عليه كل الحيل أو يعجب بكل المسرحيات وإن ساء إخراجها.
إن الذين يدخلون خلسة من باب خالف تعرف عليهم أن يدركوا أن المذمة من ناقص شهادة بالكمال.