العصفور والشجرة

أحد, 16/10/2016 - 19:07
ولد بوجرانة

من مأثور الحكايات أن عصفورا هبط في يوم قائظ على غصن شجرة وارفة الظلال، وبعد أن انزاحت الشمس عن كبد السماء وآلت حرارة الجو إلى اعتدال، هم العصفور بالمغادرة، وطلب من الشجرة أن تتماسك لحظة إقلاعه عن الغصن..

 

ردت الشجرة بأنها لم تشعر بهبوط العصفور عليها أصلا..

 

ذكرتنا هذه الحكاية بما ورد عن منتدى الديمقراطية بإعلانه النفير يوم 29 اكتوبر الجاري لمواجهة ما سماه "التلاعب بدستور البلاد".

 

وردت الدعوة لهذا النفير في ذيل بيان سياسي هزيل نسب للجنة الإعلامية للمنتدى، حمل في ثنايا سطوره القليلة هجوما لاذعا على رئيس الجمهورية ومؤسسات الدولة، بيان تقيأ فيه المنتدى كل رصيده من عبارات البذاءة والعهر السياسي وما هو بقليل.

 

قد يفضي الإفلاس السياسي والأخلاقي إلى الشعور بالمرارة، وقد تؤدي هذه الأخيرة بالمرء للخروج عن وقاره سيما وإن كان قليل الوقار أصلا، كحال القائمين على المنتدى "الوطني".

 

قبل سنوات قليلة جيش المنتدى ساكنة نواكشوط لإسقاط النظام عبر مسيرات دورية عمادها جمهور هزيل من الفضوليين والمتبضعين بأسواق العاصمة، ووقودها فتاوى وخطابات حماسية، وشعارات براقة رفعها آخرون خلف الحدود، وآلت بدولهم إلى التجزئة والتقسيم والحروب الأهلية..

 

فشل المنتدى الذي كان منسقية في الأصل قبل أن ينقسم على نفسه بسبب الصراع على واجهة مشروع سياسي تدميري أفلس وهو طور التشكل، وما تبقى منه اليوم عبارة عن حزبين فقط أحدهما يقاطع الحوار ليشارك في مخرجاته، والثاني خبير بالكولسة واللعب تحت الطاولة، ويتقن دبلوماسية الغرف المظلمة على ما سواها.

 

أما بقية المكونات فهي أحزاب مجهرية لا تبصرها العين المجردة، وهي بميزان القوى السياسية لا تغير في المعادلة، وبالتالي فسيان إن هم حضروا وإن هم غابوا.

 

إن الرأي العام الوطني الذي خبر المنتدى لسنوات طويلة، وعايش وشاهد واستمتع بمكاسب النظام التي لا تخطئها العين في شتى المجالات، قد وصل مرحلة من النضج والوعي السياسي والثقافي ما يجعله عصيا على الانجراف والانحراف وراء الدعايات السياسية التي تحاول النيل من الوطن ومقوماته وقيادته الحكمية، لذلك فإننا ننصح ما تبقى من المنتدى بالبحث عن فرص عمل وهوايات جديدة علها تكون أجدى وأنفع من محاولات استغفال المواطنين والاتجار بهم في سوق النخاسة السياسية المفلسة..

 

سيدي محمد بوجرانه