هل فشلت غوغل في التحدي الأخلاقي للتعامل مع الذكاء الاصطناعي؟

جمعة, 08/04/2022 - 11:12

تتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي باستمرار، وفي كل القطاعات وعلى شتى الأصعدة، وهو ما يفتح آفاقا جديدة للبشرية وطرقا مختلفة في العمل والحياة عن طريق الحلول التقنية المبتكرة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي للوصول إلى مستقبل متصل رقميا، حيث تعمل الآلات والبشر معا لتحقيق نتائج مبهرة لم تكن ممكنة من قبل.

ولكن هذا المستقبل المزدهر يحتاج أولا -وقبل كل شيء- إلى تحديد إستراتيجية أخلاقية للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، بحيث تعظم هذه الإستراتيجية الفوائد وتقلل من السلبيات التي من الممكن أن تترافق مع تطبيق هذه التكنولوجيا المتطورة.

وفي الحقيقة، فإن وضع إستراتيجية أخلاقية للتعامل مع الذكاء الاصطناعي شيء، وتنفيذ هذه الإستراتيجية وتطبيقها على أرض الواقع شيء آخر مختلف تماما، فهناك العديد من الشركات التكنولوجية الكبرى التي تتباهى بأنها تملك منظومة أخلاقية شاملة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي، وخصصت أقساما كاملة لذلك، ووظفت كبار العلماء من أجل هذا الهدف، ولكن عند التطبيق على أرض الواقع اختلف الحال، ولم تلتزم هذه الشركات بالإستراتيجيات التي وضعتها لنفسها، ولعل أكبر مثال على ذلك هو شركة "غوغل" (Google).

غوغل بين النظرية والتطبيق

عملت شركة غوغل لسنوات طويلة على تقديم نفسها بوصفها مؤسسة مسؤولة في التعامل مع الذكاء الاصطناعي بصورة أخلاقية تراعي مصالح عملائها في أنحاء العالم كافة، ووظفت في مراكز ومختبرات أبحاثها علماء وأكاديميين مرموقين، مشهود لهم في هذا المجال، كما نشرت الشركة العديد من الأوراق البحثية الرائدة في طرق التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وشاركت في أكبر المؤتمرات العالمية المتخصصة في هذا المجال.

ومع كل ذلك، فإن سمعة الشركة قد تضررت بشدة في الفترة الأخيرة بطريقة لا رجعة فيها، حيث تكافح الشركة الآن من أجل إقناع الناس والحكومات بطرق تعاملها "الأخلاقية" الجيدة مع كمية البيانات الضخمة التي تملكها، بحسب موقع "ذا فيرج" (The Verge) المتخصص بالتقنية.

فلقد أثار قرار الشركة فصل العالمتين تيمنيت جيبرو ومارغريت ميتشل -وهما اثنتان من كبار باحثيها في مجال أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وكانتا تدرسان الجوانب السلبية لمحرك بحث غوغل الشهير- موجات كبيرة من الاحتجاجات داخل الشركة العملاقة وخارجها.

وسجل علماء وأكاديميون استياءهم الشديد من هذا القرار التعسفي بطرق مختلفة، فقد انسحب اثنان منهم من ورشة عمل كانت تنظمها غوغل، ورفض عالم ثالث منحة مقدارها 60 ألف دولار من الشركة، وتعهد رابع بعدم قبول أي تمويل منها في المستقبل.

كما استقال اثنان من كبار المهندسين في الشركة احتجاجا على معاملة جيبرو وميتشل، وتبعهما مؤخرا أحد كبار موظفي الذكاء الاصطناعي في غوغل وهو مدير الأبحاث سامي بنجيو الذي أشرف على مئات الموظفين العاملين في هذا المجال في الشركة، وفق ما ذكر التقرير السابق لموقع ذا فيرج.

ودفع فصل غوغل لجيبرو وميتشل الآلاف من موظفي الشركة للاحتجاج، وكانت العالمتان قد دعتا في وقت سابق إلى مزيد من التنوع والشمول بين طاقم البحث في غوغل، وأعربتا عن قلقهما من أن الشركة بدأت في فرض رقابة على الأوراق التي تنتقد منتجاتها.

وقال سكوت نيكوم، الأستاذ المساعد في جامعة تكساس الذي يعمل في مجال الروبوتات والتعلم الآلي، "إن ما حدث يجعلني أشعر بقلق عميق حول التزام غوغل بالأخلاق والتنوع داخل الشركة، وما يقلق أكثر هو أنهم أظهروا استعدادا لقمع العلم الذي لا يتوافق مع مصالحهم التجارية".