ولد محم: أتحمل كامل المسؤولية حول ماكان من نقص واطلب الصفح

سبت, 03/03/2018 - 10:52

 قال رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيدي محمد ولد محم إنه ما كان نقص أو تقصير في تحقيق تطلعات وأهداف منتسبي الحزب فهم منه شخصيا، ومنه وحده، مخاطبا حضور الأيام التشاورية لحزبه بقوله: "أعتذر عنه أولا وألتمس تصحيحه وتجاوزه".

وهذا نص الكلمة: 

{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.

 

أيتها الأخوات، أيها الأخوة الحضور،

 

السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.

 

أرحب بكم جميعا أبلغ ترحيب وأصدقه.

منذ ما يقارب عقدا من الزمن، وفي ظرف استثنائي بكل المقاييس من تاريخ البلد، قرر مناضلون ومناضلات من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وبقيادة رجل من طراز وطني خاص مفعم بحب بلده والإيمان به هو الأخ الرئيس محمد ولد عبد العزيز، قرروا متوكلين على الله أن يطلقوا مشروعهم الوطني للنهوض بالجمهورية ومؤسساتها وقيمها ومفاهيمها، وبالمجتمع الموريتاني وحقه في تبوئ المكانة التي تليق به بين أمم العالم وشعوبه باعتباره أمة قدمت بتنوعها وثرائها إسهامات كبيرة للحضارة الإنسانية عبر التاريخ، وباعتبارها دولة تملك مخزونا هائلا من القدرات القيمية والحضارية و المقدرات البشرية والاقتصادية لتحقيق النهوض الذي يضمن رفاهنا واستقرارنا ومواصلة إسهامنا في تنمية وأمن محيطنا الإقليمي والقاري والدولي.

وقد ظلوا في مسيرهم يتحلون بإرادة من حديد وإدراك واع لواقع البلد وما ضيعته الأنظمة السابقة من وقت، وما أهدرته من جهد، جعل من هذا البلد الذي يملك قدرات هائلة وموقعا إستراتيجيا متميزا، بلدا من أكثر بلدان العالم تخلفا بفعل الفساد والاستبداد وانهيار المنظومة الأمنية مما حوله إلى مرتع للإرهاب والجريمة العابرة للحدود.

لقد كثف الاتحاديون قيادة ومناضلين جهدهم من أجل إنجاز هذا المشروع وتحقيق هذه الرؤية واقعا على الأرض يعيشه الناس ويلمسونه.

لقد بلغت الحريات الفردية والجماعية انتظاما وتعبيرا وإعلاما أقصى مدى، وأثمرت الحوارات المتعاقبة نهجا مميزا في التعاطي الديمقراطي مع أطراف العملية الديمقراطية يتعالى على مفاهيم المحاصصة في الشأن الوطني، كما أعطى نتائج تاريخية عززت من ديمقراطيتنا ومن ملاءمتها لحقائق واقعنا وخصوصياته.

وأثمرت الحرب على الفساد مسلكا وثقافة اجتماعية قبل أن توفر موارد، وتقلصت مفاهيم استباحة المال العام إلى حد أدنى، وتم بناء أقوى منظومة أمنية ودفاعية عرفها تاريخ البلد، وأبعد شبح الإرهاب بعيدا عن حدودنا بعد أن كانت شوارع نواكشوط ساحته الأولى.

وتم الدفع بالملف الحقوقي الموروث إلى دائرة الضوء، ودون تردد أو وجل تمت تسوية ملف الإرث الإنساني والمبعدين نهائيا، وانطلقت الحرب على الرق ومخلفاته وآثاره لنشيد أكبر ترسانة قانونية من نوعها تجرم هذه الظاهرة البغيضة وتحارب آثارها، كما تعززت تلك الترسانة بمجهود وطني خاص وبتمويل وطني صرف يستهدف الرقي بهذه الفئات وينتشلها من واقع التخلف والفقر.

وفيما كانت البلاد تعيش عزلة دبلوماسية خانقة، حققت الدبلوماسية الموريتانية قفزات نوعية هائلة، تقوم على الفاعلية والتوازن والندية واستقلال القرار الوطني واعتبار المصالح الحيوية للبلد فوق كل اعتبار، وعرفت كل مناحي الحياة نهوضا ونموا متسارعين تراجعت بفعله معدلات الفقر والبطالة، والدعوة مفتوحة للجميع للمقارنة بين ما كنا عليه في العام 2008 وما عليه اليوم واقع قطاعات مثل الصحة والتعليم والحالة المدنية والإسكان والمياه والكهرباء والمعادن والزراعة والصيد والطرق والموانئ والمطارات.

وجسد الاستفتاء الدستوري الأخير أكبر فرصة لتوجيه أكبر عناية واهتمام إلى الرموز الوطنية، وإلى إعادة كتابة التاريخ الوطني لبلادنا وفق رؤيتنا وما يحقق امتلاكنا له، ويعيد الاعتبار إلى مقاومتنا الوطنية ويجسد آيات العرفان بتضحياتها وبدماء شهدائنا الزكية التي بذلوها دفاعا عن هذا الوطن وأهله ولم تلق عبر التاريخ ما تستحق من عرفان وتكريم.

ولقد واجهنا أيضا وحاربنا على كل الصعد دعوات الكراهية والعنصرية ودعايات التفكيك والتمييز.

وبحق وبصدق قل له نظير، فقد كان عملكم رائعا، وكانت قيادة الرئيس محمد ولد عبد العزيز أكثر من رائعة.

أما في الشأن الحزبي الداخلي، فقد كثف الاتحاديون مناضلين وقيادة جهدهم رغم إكراهات التأسيس وشراسة خصم مستعد لأن يكون كي شيء سوى أن يكون معارضة ديمقراطية، ورغم ضعف نزعة الانتظام والتنظيم والانضباط، فأسسوا بنيتهم التنظيمية على كافة التراب الوطني مكنت الحزب من أن يكون الوحيد المتواجد في كل نقطة بالبلد مما أثمر حضورا يفوق النصف بالجمعية الوطنية، وقد لعب فريقنا البرلماني دورا متميزا تنظيما وأداء، وحقق عملا يستحق التنويه والإشادة، كما أثمر عملكم أيضا حضورا قويا في المجالس البلدية إذ تسيرون اليوم 141 مجلسا بلديا من أصل 218 إلى جانب حضور رقابي هام في باقي المجالس، وظلت الانضمامات إلى الحزب تترى، ولم يعرف الحزب أي انسحاب يذكر.

وقد فرض الاتحاديون المتواجدون في الأسلاك والنقابات ومختلف التجمعات حضورهم القيادي بقوة وبروح تشاركية عالية مع مختلف الفرقاء السياسيين دون استثناء وفي جو من الشفافية يعترف به الجميع.

كما فرضوا حضورهم الإعلامي بخطاب وطني متميز، يجمع ولا يفرق ويوحد ويسدد ويقارب بغية العبور الآمن باتجاه المستقبل.

لقد رسم شبابنا وسطروا عنوان الغد المشرق بما قدموا من عمل جاد وتضحيات كبيرة فتحية لهم منا جميعا.

وظلت المرأة الاتحادية عنوان البذل والعطاء في كل وقت وعلى كل جبهة فلهن جميعا كل التحية والتقدير والعرفان.

ومع اعتزازنا وفخرنا بما أنجزنا، فإن تطلعاتنا لا حدود لها، وطموحنا لا سقف له.

ومن هنا فإن وقفة تأمل ومراجعة مع الذات لا غنى عنها، لحظة مراجعة وتقييم وإعادة لكل الحسابات من أجل أن نعود أقوى مما كنا عليه، ولنتعلم من أخطائنا وعثراتنا، ولنسد كل الثغرات في جدران بيتنا، ولنبني حزبا قويا في الحكم لا قويا به، يستعصي على الكسر، ولا يرسم للعطاء السياسي حدا، وعلى لظى ونار النقد الذاتي ننقي معدننا النفيس من شوائبه ونواصل المسير بشكل لا يعرف التوقف.

لهذا، كانت مبادرة إنشاء هذه اللجنة الخاصة المكلفة من طرف فخامة رئيس الجمهورية بتشخيص واقع الحزب وتفعيل هيئاته لفتة كريمة من الأخ الرئيس المؤسس لهذا الحزب ومرجعيته الأولى لتعكس ما يوليه من أهمية لهذا الصرح الوطني الكبير، ورسالة واضحة منه في أن إكراهات الموقع الدستوري كرئيس للجمهورية ومهامه الجسيمة لن تثنيه يوما عن لعب دوره بوصفه الشخصية المرجعية الأولى للحزب والرئيس المؤسس كما يحلو لنا وصفه، والمناضل كما يحلو له أن يصف نفسه وموقعه، ومن هذا المقام أنتهز الفرصة لأتقدم إلى فخامته ببالغ الشكر والامتنان والعرفان بالجميل على حسن قيادته وحكيم توجيهه ومتانة عهده وجميل صحبته.

كما أجد الفرصة سانحة لأتقد بالشكر الجزيل إلى رئيس اللجنة وأعضائها لما بذلوا من جهد فائق وما عبروا عنه من التزام حزبي تجلى وسيتجلى مع الوقت في نتائج عملهم.

وفي الأخير، فإنني أتقدم بجزيل الشكر والعرفان بالجميل إلى كل رؤساء الحزب وقياداته المتعاقبة وكل مناضليه من كل المواقع وفي كل مكان، من هم معنا اليوم ومن رحلوا، على ما بذلوا من جهد وما قدموا من تضحيات ستظل في محفورة في ذاكرة كل اتحادي واتحادية.

وأما ما كان من نقص أو تقصير في تحقيق تطلعاتكم وأهدافكم فهو مني شخصيا ومني وحدي، أعتذر عنه أولا وألتمس تصحيحه وتجاوزه.

عاشت الجمهورية

عاش حزب الاتحاد من أجل الجمهورية