الآن حصص الحق/د.محمد ولد بادي

جمعة, 21/10/2016 - 18:05

الآن حصحص الحق وانقشع الباطل وزال الالتباس والوهم، وبان لكل المشككين في نية رئيس الجهورية بعدم الترشح لمأمورية ثالثة سوء ظنهم وخطأ  تفكيرهم، فهل يا ترى سيستفيد هؤلاء من أخطائهم ويعتذرون لشعبهم ويتصالحون مع وطنهم ويقدرون اللحظة الحرجة التي يمر بها بلدهم ويعودون إلي رشدهم وصوابهم، وينحــــــون خلافاتهم الشخصية مع الرئيس جانبا، ويغلبون المصلحة الوطنية علي الحزازات النفسية ـ التي باتت وللأسف تتحكم في  أفعالهم ـ ؟ 

لماذا لا ترجع معارضتنا الوطنية غير المشاركة في الحوار  إلي كلمة سواء مناطها الوطن وحقيقتها المواطن وآلياتها صناديق الاقتراع؟

 لماذا لا تترك معارضتنا الوطنية المكابرَة والمزايَدة، وتدعنا نراها ولو لمرة واجدة، تفعل شيئا جميلا ومنصفا يمت للواقع وللسياسة باعتبارها فن الممكن بصلة .

سيحترمها التاريخ إن هي فعلت ذلك ويقدرها المواطن وربما يسمح لها وينسي غباءها إن هي فعلت شيئا صائبا.

لا أحب أن أجلد المعارضة ولا أن أنتقص من شأنها لأنني مؤمن بالديمقراطية والتي تقتصي  بالضرورة أن يكون للنظام معارضة تنتقده وتوجهه إن هو أخطأ وتبين له الصحيح من الخطأ. 

ولكنني لم أتخيل ولا أعتقد أن أحدا  يمكن أن يتخيل أن النظام يمكن أن يمكن تقدميا وتنويريا أكثر من معارضته مثلما هو الحال في موريتانيا .

كيف لنظام يتمتع بالسلطة وأغلبية أكثر من مريحة في البرلمان ويحظي بدعم معظم شعبه، أن يكون هو من يدعو للحوار ويطرق كل الأبواب ويطمئن جميع الفرقاء، وتكون المعارضة في المقابل هي من يتحجج ويتعلل ويضع العراقيل ويصطنع الصعوبات وتتفنن في طرح الجزئيات غير المهمة  وتتمترس خلف كل صغيرة وكبيرة، كل هذا فقط ذريعة لئلا تشارك في حوار وطني شامل.

إن هذا الأمر يبدو عجيبا ولا يصدقه عقل لديه إلمام ولو قليلا بالعمل السياسي.

إنني متأكد من أن كل المعارضات العربية والإقليمية والتي بعضها  في وضعية لا تقارن ولا يمكن  أن تقارن بوضعية معارضتنا الوطنية، حيث إن الأخيرة تنعم بالكثير من الحرية: حرية الرأي وحرية العمل وحرية الحركة كما تسير بلديات عديدة ولها مشاركة بحجمها في الجمعية الوطنية.

إن تلك المعارضات لو دعيت من قبل أنظمتها إلي حوار وطني شامل دون قيد أو شرط للبت النداء وسعت إليه سعيا ولثمنت  وشكرت الجهة التي دعت للحوار وهذا لعمري هو الوعي السياسي وهو من أدبيات السياسة وقواعدها.

لكن بعض معارضتنا الوطنية أمرها محير لذوي الرأي والبصيرة وللمحلل السياسي .

ها هو الحوار قد  أنتهي وقد كانت نتائجه نصرا لكل المشاركين فيه الذين أبلوا جميعا بلاء حسنا وقاربوا وسعوا إلي أن يأتوا بعمل ينفع الناس ويمكث في الأرض، وقد كان سعيهم مشكورا وخطأهم مغفورا وعملهم جبارا فلهم جزيل الشكر وعظيم الامتنان من كل الموريتانيين ومن كل الوطنيين.

أما فخامة رئيس الجمهورية فقد قام بعمل عظيم سيدخل به التاريخ، ليس فقط التاريخ الوطني، بل التاريخ العربي والإفريقي، باعتباره من الزعماء العرب والأفارقة  القلائل التي حافظوا علي وعودهم لشعبهم ولم تغرهم السلطة والجاه في عدم الوفاء بالتزاماتهم. 

وهذا لعمري شرف يكفيه.

كلمة أخيرة :

أقول لمعارضتنا الوطنية التي لم تشارك في الحوار لقد أخطأتهم التقدير وأسأتهم قراءة اللحظة، لكن لم يفت الأوان وثمة دائما وقت للتراجع وتصحيح الأخطاء، فأن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي، فاعترفوا أن مخرجات الحوار الوطني كانت في مستوي الإنتظار وأنكم تثمنونها ومستعدون للعمل علي  تحقيقها، وبذلك تتصالحون مع ذواتكم وتحترمون التاريخ والشعب وتسجلون موقفا تاريخيا سيكون بحدّ ذاته تاريخا وسيكون فيما بعد تراجعا ملهما للأجيال الآتية .فالعودة إلى الحق فضيلة كما يقول الفلاسفة.

د.محمد ولد بادي