لا تنسوا المرحوم محمد الأمين ولد محمد الأمين من صالح الدعاء

جمعة, 23/06/2017 - 15:42

"مسيه"، أي "سيدي " باللغة الفرنسية، هو اللقب الذي اشتهر به، المغفور له بإذن الله، محمد الأمين ولد محمد الأمين، طبلة مشواره المهني، حتى انه ظل اسما عائليا سائر المفعول لأسرته، إلي يومنا هذا، رغم أن المرحوم واري الثراء منذ أكثر من عقدين من الزمن.

 

لقب عرف به بصفة خاصة في مقاطعة أوجفت، في ولاية آدرار، التي سخر لها كل ما أوتي من قوة و سعة، خدمة في تنميتها المحلية، منذ أن تم تكليفه الرسمي بمزاولة مهنة التدريس النظامي فيها، كأول معلم موريتاني بعيد الاستقلال، للمساهمة في نشأة الأجيال المستقبلة للبلاد.

 

عمل المرحوم أكثر من ابن لتلك المقاطعة ولم تكن المهمة التربوية بالأمر اليسير في مجتمع بدوي لايرغب أهله إطلاقا في إدخال أبنائهم في التعليم الحديث.

 

وهو ما جعل بعض الأهالي، المتحفظين من المصير الذي ينتظر أبنائهم، يرافق التلاميذ إلي باب القسم و الاطلاع علي ما يجري من النوافذ، بتابع بحيرة ما يجري.

 

 ومن هنا، انطلقت اللقب الأجنبي الأنف الذكر، بعد أن اخبر بعض الإباء المتتبعين للشأن التربوي، إن سمع ولده ينادي مرات عديدة المرحوم ب"مسيه"، متبنين من ذلك التاريخ  ذلك اللقب بدل اسمه المدني الرسمي.

 

ولم تكن المدرسة في تلك الفترة، عديمة الإرادة والمعدات، بل وفرت عكس ذلك، كل الشروط الأخلاقية والمادية لإنتاج مثقفين أكفاء، وطنين و متحمسين في نيل المعارف و مستعدين لمنافسة زملائهم في باقي الوطن في تقلد المراتب العليا.

 

اشتهر المرحوم محمد الأمين ولد محمد الأمين بكرمه المثالي. فكان منزله مفتوحا ليل نهار، أمام الوافدين إلي المدينة من الفري والبوادي النائية للتزود أو للعلاج أو للتوقف في أسفارهم.

.

ولم تقتصر طريقة تدريسه علي تقديم المادة بل شملت الجانب التطبيقي الذي مكن تلاميذه من التألق والتفوق في مشوارهم التربوي، بفضل معلم كان يجمع في آن واحد شمائل المدرس المقتدر والأخ الودود و الصديق و المسعف وغيرها من الخصال الحميدة.

 

فكان يحضر العلاج للتلاميذ ويشرف علي غذائهم لإحاطتهم بتدريس نوعي، مكتمل في كل أبعاده، الشيء الذي آتي أكله بعد ذلك، حين تقلد أبناء المقاطعة اسمي مناصب الدولة الناشئة.

 

فكان بمثابة الأسرة الثانية للتلاميذ، الذين يجدون فيه الحنان و العناية، حيث أنهم يشتاقون العودة إلي الأقسام في أسرع وقت لكسب المعارف المتدفقة من رجل يحرص كل الحرص علي تأدية الرسالة التربوية النبيلة علي أحسن وجه وبأمثل وأيسر الطرق الاستيعابية.

 

ومن الذين تعلموا علي يده وتألقوا، اطر كثيرين، محامون ومعلمون وضباط سامون وفنيون في الطيران وإداريون....

 .

ونذكر منهم هنا علي سبيل المثال لا للحصر، الشيخ محمد يحي ولد عبد القهار، اللواء السابق محمد ولد الهادي، والفني الكبير في الطيران عبد الرحمن ولد الحمد والإداري المحنك المرحوم احمدو ولد محمد سلطان و العقيد المغفور له محمد ولد احمد عبد والمحاسب سيد احمد ولد بكاي والعقيد أباه ولد صمبة وغيرهم من خيرة ما أنتجت موريتانيا العصرية الوليدة من أبناء، استطاعت ان تواكب بسواعدهم ومعارفهم العولمة المتسارعة بعد الاستغناء التدريجي و المحكم عن المستعر.

 

وساهم المرحوم محمد الأمين ولد محمد الأمين في كل الأنشطة التي قيم  بها في مقاطعة اوجفت في إطار تمنيتها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وفك العزلة عنها.

 

فأصبح كثير من الممرات الرملية والجبلية الوعرة آنذاك (تورفين، اسكنجيل، تونكاد، تيمنيت وغيرها)، طرقا سهلة و متطورة بفضل جهود أبناء المقاطعة، بتشجيع و نصح و توجيه وعون معنوي ومادي من المرحوم.

 

طرق تم تشييدها بعناء كثير حيث كان الرجال يجلبون  الماء علي رؤوسهم من مسافات بعيدة، كل حسب دوره، في جو من التآخي والمساواة والاحترام المتبادل والعزيمة علي رفع التحديات.

 

ليس كل هذا، إلي القليل من الكثير في شأن شخصية وطنية يكل المقاييس، لاستحق اطلاقا النسيان، خاصة من أبناء مقاطعة أوجفت، المقاطعة التي سخر الغالي والنفيس لكي تصل إلي هي عليه اليوم من عبقرية لدي التلاميذ و إنتاج للأهالي وحضور متميز في شتي مقاليد الحكم.

 

محمد ولد محمد الأمين

[email protected]