شبح منت أكليب المخيف

أحد, 09/04/2017 - 13:04

منت أكليب مواطنة بسيطة خرجت من بين الجموع ذات ليلة في قصر الضيافة بولاية آدرار لتقول بكل صدق و شجاعة ما كان رئيس الجمهورية ينتظره من أطر آدرار الذين غيبوا بفعل فاعل نصب لهم فخا فوقع فيه هو و سياسيي الولاية الذين يكرهون المبيت على أرضها.

منت أكليب تلك الصادقة العتيدة المحترمة و التي تدعم رئيس الجمهورية و تحب له الخير و تعرف تمام المعرفة أنهم يحاولون خداعه كما خدعوا من كان قبله، هي التي استطاعت فهم اللعبة و كشفتها سريعا و لم يبقى من بعدها سوى تجديد واجهة السياسة بالطرق الديمقراطية على مستوى الولاية و من طرف سكان الولاية الذين ما جاء بوصف حالهم أحدا أكثر من "منت أكليب".

خوفا من ظهور "منت اكليب" أو شبحها أو من ظهور شبيه أو شبيهة لها، اجتمع أطر الولاية كل بمجموعته الضيقة ليدعوا إلى قصر المؤتمرات دعما لمصداقية و شرعية الاسفتاء و التعديلات الدستورية، و رغم أن ذلك تحصيل حاصل بالنسبة لنا، فليس من العيب أن إذا دعينا لما لا نحب أن نجيب، أحرى أن ندعى لما نحب. إلا أن للأمر الذي دعينا له مدلولات و سياقات تأبى مكانتنا السياسية و مراتبنا المهنية و محبتنا لجهتنا و وطننا أن نتغاضى عن تلك المدلولات و تلك السياقات ذات المعاني المؤثرة سلبا على مبادئ و مفاهيم تعلمناها من خطابات رئيس الجمهورية و عرفناها من خلال ما قرأنا عن دورنا في ترسيخ دعائم دولة المؤسسات كمفهوم الوطنية و مفهوم "العاصمة للجميع".

و رغم أن التعبير بحد ذاته أمر يكفله القانون و تكفله الديمقراطية في أبسط تعريفاتها المتواترة، إلا أنه لكل تعبير مكانه المناسب و لكل مكان تعبيره المناسب، فلا يصح أن نعبر في العاصمة انواكشوط إلا بشكل جامع غير مميز بين مكونات الشعب أو جهاته أو أعراقه، لأن العاصمة تجمع أشكال البشر و تقف على الحياد من كل القضايا الجهوية و القبلية نظرا لتركيبتها الاجتماعية و السياسية المبنية أساسا على ولاءات رسختها مدلولات العلاقات الاجتماعية و المهنية التي تربط ساكنتها بشكل أكثر انسجاما من تلك العلاقات الاجتماعية ذات الطابع الجهوي أو القبلي أو الفئوي و لأن العاصمة ملك للجميع.

و لا أدل على ذلك من تساؤل بسيط يمكن أن يطرحه أي مار أمام قصر المؤتمرات اليوم ممن لا ينتمون لهذه الجهة التي تجتمع خارج نظام المؤسسات، حين يتساءل المارة عن المؤسسة أو الهيأة التي تنظم الحدث، فتجد نفسك و أنت مجبر على الإجابة لتقول هذا نشاط نظمته الجهة، لتذهب بذهن السائل إلى مدينة تقع في شمال موريتانيا لا يعلم إلا الله كم فيها من مواطن غير مقتنع بمن دعا لا ما يدعوا إليه الناس و كم فيها من جائع يبيت دون طعام، ما يجعله أحوج الناس لأن يجمع له الناس على أرضه لعله يقتات مما يقدمونه من طعام في تلك الأمسية السياسية ذات الطابع الجهوي على مستوى المدينة، فلا تجد سائلا يسأل ما هذا لأنه ليس في المدينة من لا يعنيه الحدث، أو لا يهتم له.

و هنا تبرز تساؤلات عندي ذات أهمية قصوى :

هذا الحدث سيتطلب أموالا طائلة تنفق في عدة مجالات منها النقل التصوير و الأشربة و غيرها من المصاريف، أليس الأولى بالحدث أن يكون في مكانه الصحيح و تحت سماء الأرض التي ينتمي إليها كل ألئك الأطر و الوجهاء و المثقفون و الأعيان و السياسيون و رجال الأعمال الذين يجتمعون اليوم في قصر المؤتمرات في أنواكشوط ليعبروا باسم أهل آدرار عن دعمهم و مساندتهم للاستفتاء و التعديلات الدستورية ؟

ألم يكن حريا بكل أولئك الذين أهدروا كل هذه الأموال أن يتوجهوا للجهة مباشرة و يعبروا عن رأيهم بشكل واضح و صريح بين ظهراني أهل آدرار الذين تحدثت عنهم "منت أكليب"؟

ألا يمكن القول بأن أهل آدرار يخشون من تنظيم الحدث في آدرار مخافة تعالي الأصوات المناهضة للوجوه "المحروقة" سياسيا و التي لا تزال تبصر بصعوبة جراء ما وقعت فيه من أخطاء سياسية زادت الشرخ بين أهل السياسة "الجهوية" و المواطنين على مستوى الجهة.

و رغم دعم أهل الحدث للتعديلات الدستورية و رغبتهم الشديدة في تمريرها و دعمهم الذي لا غبار عليه لرئيس الجمهورية الذي إنما اقترح المجالس الجهوية للقضاء على تموقع القيادات الجهوية خارج الجهة و بقائهم في العاصمة بعيدا عن أصحاب القرار من أهل الديار، فإن القراءة السليمة لاختيارهم مكانا غير عاصمة ولاية آدرار لا يصب في مصلحتهم و يسلط الضوء على توجسهم خيفة من الظهور علنا في المناطق التي يستشيط أهلها غضبا من طريقة تعاطيهم مع الحدث.

إن الجهة المنوط بها تنظيم الحدث مهما كانت، كان حري بها أن تختار للحدث مكانا يتناسب مع محتواه و مغزاه و يليق أكثر بارسال الإشارات و الرسائل السياسية "المعلومة سلفا" و التي يراد لها أن تصل إلى فخامة رئيس الجمهورية بكل سلاسة و أمانة رغم عدم حاجة الرئيس بها، و رغم عدم رغبته في أن ترسل إليه بهذه الطريقة و من هذا المكان العام لا الخاص، الوطني لا الجهوي.

و رغم التحديات التي تواجه ولاية آدرار و عاصمتها أطار من نسيان و اندثار و تدهور اقتصادي سببه الرئيسي غياب الأطر و الوجهاء و الاعيان عن المدينة و قبولهم التصريح باسم الولاية من خارج حدودها و بشكل يدعوا المتتبع لهذا الحدث أن يقرأه قراءة عكسية و يفهم منه تخوفا و تخوشا من القائمين على الحدث من ظهور "منت اكليب" مرة أخرى أو ظهور شبيهة أو شبيه لها يزيد الطينة بله.

خلاصة القول، أن الحدث ملزم لأهله و يحسب لانواكشوط فكما يعلم الجميع ليس من حق أحد أن ينوب عن أحد دون توكيل سياسي يعطيه حق الانابة و التصرف بكل حرية.

 

ذ/ محمد فاضل ولد الهادي

رئيس مبادرة العمل من أجل الوطن (أنواكشوط الشمالية)

رئيس مبادرة شباب أطار - القرار من الديار (ولاية آدرار)

ناشط سياسي و إطار بحزب الاتحاد من أجل الجمهورية