دور العلماء مالهم وما عليهم..الفقيه يمهل ولد عبد الله

جمعة, 10/03/2017 - 19:48

بسم الله الرحمن الرحيم

و صلى الله على نبيه الكريم وعلى آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين

 

إسهاما منه في تطبيق توصيات المؤتمر الإسلامي حول العنف و التطرف المنعقد في نواكشوط بتاريخ: 8 مارس  2017 م

تطرق الفقيه و المصلح المعتمد في مقاطعة آمرج بولاية الحوض الشرقي

يمهل ولد عبد الله إلى:

 

" دور العلماء مالهم و ما عليهم"

 

فالحمد لله الذي جعل صدور العلماء أوعية كتابه، و آذانهم موارد سنن نبيه صلى الله عليه و سلم، وهمتهم مصروفة إلى تعلمهما والبحث عن معانيهما، طالبين بذلك رضي رب العالمين، و متدرجين به إلى علم الملة و الدين. 

    وبعد ، فلما كان كتاب الله هو الكفيل بجميع علوم الشرع، الذي استقل بالسنة  والفرض، ونزل به أمين السماء إلى أمين الأرض، وحوي كل شيء لقوله جل وعلى "ما فرطنا في الكتاب من شيء" وقوله " ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " وقوله "تبيانا لكل شيء" وغيرها من الآيات، رأيت فيه فوائد وهممت بأن أقيدها لأن آفة العلم عدم التقييد وشرطي في هذه الكتابة إضافة الأقوال إلى قائلها والأحاديث إلى مصنفيها لِما في الأثر (من بركة العلم أن يضاف القول إلى قائله ) وكثيرا ما يأتي الحديث مهملا لا يعرف من أخرجه من الأئمة الثقات، فيبقى من لا خبرة له في ذلك حائرا لا يعرف الصحيح من السقيم ،و معرفة ذلك علم جسيم. وأشير هنا إلى جُمل من ذلك في هذه الكتابة , والله الموفق للصواب وأسأله أن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وان ينظر إليها بعين الرضا والصواب إن كانت على الحق , وإلا فلا , فإني والله معترف بجهلي و قصوري ولكني توكلت على الله في ورودي وصدوري , مع أني لست بأهل لهذا بالنسبة لهؤلاء الجهابذة من العلماء , بل لا أساوي شراك نعل أحدهم , إلا أنني قصدت التمسك بأذيالهم ، لِما عُلِم ـ بالمشاهدة ـ من حال هذه الأمة , ولأنه من تصدى للشيء لا يمنع منه , وإن ارتفع غيره إلى المرتبة العليا.

فكن أيها الناظر في هذا التقييد , إن أمعنتَ النظر السديد , وعلمتَ أنّ من كتبها قد قصُرَ باعه وضاق ـ من الذنب ـ ذرعه , فاعذُرهُ رعاكَ الله , فإن الصواب المحضَ والتنزيهَ عن الخطأ من الصفات التي اختُصّ بها مَن لا شريك له في افعاله واقواله سبحانه.                           

     المسألة الأولى: في فضائل العلماء إذا عملوا بما علموا والعكس

 قال جل وعلا (يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)،وقال ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وقال (وما يعقلها إلا العالمون)،وقال (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا) وقد جاء في التفسير أن المقصود بالحكمة الفقهُ في دين الله عز وجل.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)

قال الإمام الرهوني في حاشيته على شرح الزر قاني على مختصر خليل :

 يجب على من تعلم العلم أن يعمل به فإن لم يعمل به كان حجة عليه يوم القيامة، وجاء في الأثر : لولا العلماء لهلك الجهال ، والعلماء ورثة الأنبياء إذا عملوا بما علموا لأن الوارث لا يرث إلا إذا كان على دين من يرثه هذا في المال وأحرى الأنبياء ,لأن المال لا يورث منهم ولا يرثونه , والعلة في ذلك أن يتمنى أحد موتهم وقيل أيضا لا يرثون أوساخ الدنيا لارتفاع منصبهم الشريف.

ومن مهمة العلماء أيضا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

  قال القرطبي : قد وردت آيتان في  تحذير أهل القرءان والعلم من الرياء قال تعالى(واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) ، وقال تعالى( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).

 والعلم معرفة العلم على ما هو عليه , قاله القرطبي في تفسيره ،  و العمى بالعين والعَمَهُ بالقلب ،وفي التنزيل(فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)، لان العلماء همتهم الدراية و السفهاء همتهم الرواية.

 

قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويعلنهم اللاعنون)، واللاعنون هم الملائكة و المؤمنون، وبهذه الآية استدل العلماء على وجوب تبليغ علم الحق و تبيان العلم على الجملة ، وقال أيضا : ينبغي لحامل القرءان أن يتعلم أحكام القرءان فيفهم عن الله مراده وما فرض عليه فينتفع بما قرأ ويعمل بما يتلو، فما أقبح لحامل القرءان أن يتلو فرائضه عن ظهر قلب وهو لا يفهم ما يتلو، فكيف يعمل بما لا يفهم معناه , وما أقبح أن يسأل عن فقه ما يتلوه وهولا يدريه , فما مثل هذه الحالة إلا (كمثل الحمار يحمل أسفارا).

وقد قال الضحاك في قوله تعالى (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)، قال حَقٌّ على كل من تعلم القرءان أن يكون فقيها فيه ، و قال تعالى (فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم)الآية، قال القرطبي في هذه الآية التحذير من التبديل والتغيير والزيادة في الشرع , فكل من بدل أو غير أو ابتدع في دين الله داخل تحت هذا الوعيد الشديد و العذاب الأليم.

وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته من التفرق لِما قد علِم مما سيقع في آخر الزمان وأن هذه الأمة تفترق على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ،فإنا لله وإنا إليه راجعون، لقد وقع ذلك , وكيف لا وقد أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

ورُوي عن طلحة ابن عبد الله قال تذاكرنا في لحم صيد يأكله المحرم وقد ذبحه حلالا والنبي صلى الله عليه وسلم نائم فارتفعت أصواتنا فاستيقظ من ذلك فقال، فماذا تتنازعون فأخبرناه فأمرنا بأكله ولم ينكر عليهم جدالهم في المسألة ، وفي الخبر دليل على صحة الفتوى وجوازها وإن كان غيره أعلم منه ،ألا ترى أنهم كانوا يفتون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، انتهى من بستان العارفين.

وذكر الحطاب عن مالك انه ضُرب ضربا شديدا حتى نال منه ما نال , أي ضُرب لأنه أفتى عند قيام محمد بن العلوي بأن بيعة أبي جعفر لا تلزم لأنها على الإكراه , والأشهر أن ذلك في خلافة أبي جعفر المنصور وقد حذره من ذكرها ولكن مالكا خاف من قوله تعالى (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون) الآية.

والعلماء عند السلف قدوة حسنة ، قال سفيان : بلغنا عن سفيان بن عينة بلغنا عن ابن عباس رضي الله عنه لو أن حملة القرءان أخذوه بحقه وما ينبغي عليهم فيه، لأَحَبّهم الله، ولكن طلبوا به الدنيا فأبغضهم الله وهانوا على الناس.

وقال ابن المبارك "السفلة" من يأكل بدينه ، قال في الإحياء أما العالم الذي ينتفع الناس بعلمه في الفتوى والتدريس فترتيب أوراده يخالف ترتيب العباد، ولابد للعلماء من المطالعة ومعرفة الواقع والتعامل معه، وما أعظم الاشتغال بالعلم والتعلم.

ويجب على العوام تقدير العلماء والتعلم منهم واستشارتهم فهم الأمناء .

 

تم بحمد الله و عونه.

 

الفقيه/ يمهل ولد عبد الله   

المصلح المعتمد في مقاطعة أمرج