خطاب وزير الثقافة بمناسبة تخليد ذكرى الاستقلال الوطني

اثنين, 29/11/2021 - 00:04

سعادة سفير الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالإمارات العربية المتحدة
-السادة سفراء و رؤساء وفود الدول الشقيقة و الصديقة؛
-السادة الإخوة كبار المدعوين من دولة الإمارات العربية الشقيقة؛
-السيدة مديرة جناح موريتانيا ب"أكسبو دبي"
-السادة المدعوون الأفاضل..
-أيها الحضور الكريم

نلتئم اليوم في زمان ومكان خاصين جدا.. نلتئم في ذكرى استقلالنا المجيد، ذكرى وجودنا المقدس، وعلى أرض إخوتنا الطيبين أرض الإمارات العربية المتحدة.. إنها لحظة من النادر أن تتكرر؛ حيث يتعانق الزمان والمكان بكل حفاوة وحرارة.
إنهما مناسباتان -إذن- وليست مناسبة واحدة؛ لحديث ذي شجون عن هذا الزمان الاستثنائي، وعن هذا المكان الاستثنائي أيضا.

نقف اليوم وقد طوينا واحدا وستين عاما من تاريخنا المجيد.. واحد وستون عاما كانت ثمار جهود عظيمة بذلها الجدود وبذلها المؤسسون في ظروف لا يمكن وصفها بشيء أقل من الصعوبة.

إن هذه اللحظة فرصة للعرفان بالجميل لأولئك الرجال الذين قضوا من أجل هذه اللحظة، ومن أجل هذه النشوة، رحمهم الله، وفرصة -كذلك- لاستذكار أولئك الذين ما يزالون ينتظرون، أطال الله أعمارهم.. والسياق -أيضا- يلزمنا التأكيد لهم أننا  ماضون قدما على ذلك الدرب؛ درب الاستقلال، ودرب البناء.

أما المناسبة الثانية؛ مناسبة المكان فليست -بالمطلق- غريبة على الزمان ولا نشازا معه؛ بل هي امتداد طبيعي له.. فالإمارات العربية المتحدة لم تكن غير فقرة من ذلك التاريخ الناصع المجيد؛ إذ كانت جزءا مضيئا ومشرفا من رحلتنا الطويلة مع التأسيس ومع البناء.

أيها الجمع المحترم، 

إن الحديث الرسمي عن العلاقات بين الدول تحكمه مقاييس وقواميس محددة، لكننا حين نتحدث عن علاقاتنا بدولة الإمارات العربية المتحدة نتحدث من قلوبنا وعقولنا دون المرور  بتلك المقاييس أو القواميس بالضرورة.

فعلاقتنا بالإمارات العربية المتحدة تتميز بأبعاد عديدة ووطيدة ومتميزة؛

بعد تاريخي يتعلق بدولة شقيقة تجمعنا بها أواصر القربى والثقافة والدين والمذهب.
بعد تنموي؛ يتعلق -هو الآخر- بدولة غدت أنموذجا تنمويا، وما فتئت تفتح لنا القلب وتمد لنا اليد من أجل شراكة تنموية هادفة وجادة.

إنها علاقة صلبة غذتها قواسم الأنفة والأصالة بين الشعبين؛ لتظل تتعزز وتنمو خلال خمسين عاما، وعلى أساس متين من المحبة والأخوة، بدأه  المرحومان الشيخ زايد والأستاذ المختار ولد داداه، وقيادة بلدينا اليوم على دربهما سائرة، برا بهما وبحق المشتركات من أخوة ودين وتنمية وانفتاح..

لقد ظلت الإمارات  العربية المتحدة قبلة للتميز والريادة ، وخلقت خلال عقود وجيزة مكانة عالمية ساهمت في تقديم العربي المسلم للعالم صانعا للفرص، ومنتصرا على التحديات، ويتحرك في طليعة الركب العلمي والحضاري البشري، ونحن (كعرب ومسلمين وشركاء) ممتنون وفخورون بهذا الدور الرائد.

أيها الحضور. المحترم.

ثمة رافد آخر من روافد علاقاتنا؛ إنه رافد الثقافة؛ حيث استقطبت الإمارات العربية المتحدة العديد من العلماء والمثقفين الموريتانيين المميزين؛ فرسخوا العلاقة وجذروها، وقدّموا البلد بأنصع صورة وأنقاها؛ قدّمونا -تماما- مثلما قدّمَنا  الشناقطة الأُوَّل قدّمونا بلاد العلم والشعر والأدب والنخوة.

وهي مناسبة لتقديم كل العرفان والامتنان لأولئك العلماء والمثقفين و الإعلاميين الذين أحسنوا السَّفارة، وأحيوا سَنن الجدود، ولم يغيروا ولم يبدلوا.. وهي مناسبة لأن نسأل الله الرحمة والمغفرة لكل من قضى منهم، ونسأله التوفيق والإطالة في العمر لمن ما يزال منهم ينتظر؛ نقول ذلك لثقتنا أنهم من أولئك الذين عناهم الله بقوله {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}.

إن الإمارات العربية المتحدة اليوم أجابت على أسئلة حائرة، ما برحت أمتنا تطرحها منذ عقود، عن أسباب تخلف المسلمين والعرب؛ إنها تجيب من خلال واقع ملموس، تجيب بأن الإنسان العربي المسلم يمتلك كامل القدرة على الريادة، وأن الإرادة والعزيمة والصدق هم إكسير النجاح وسلم التميز.

أيها الجمع الكريم،

إن فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني يضع قضايا التنمية في أولوياته، من هنا كان اهتمامه بمشاركتنا بهذا الحدث الدولي الكبير أكسبو دبي 2020 وكان اهتمامه كذلك بأن نقدم ونستعرض كل مجالات الاستثمار لدينا؛ زراعية وصناعية وسياحية وثقافية.. إضافة إلى تقديم كل المحفزات الاستثمارية.

إن الثقافة والتنمية عنصران متكاملان في وحدة البناء الحضاري، وبلادنا تدرك حجم هذا الترابط بكل أبعاده؛ لذلك صمم فخامة رئيس الجمهورية برنامجه التنموي وفق مقتضيات شاملة تعطي للثقافة أولوية كرافد من الروافد الإنسانية الجامعة والمؤسسة للشراكات بين الأمم والشعوب .

لقد واجهنا التطرف بمعية الثقافة ونجحنا في القضاء على الكثير من مظاهره وأعراضه وبؤره، وتفوقت تجربتنا على الكثير من التجارب الإقليمية والدولية، نجحنا بالكلمة والقلم والمسجد والمحظرة وتفعيل قيم الإسلام السمحة في مجتمعنا المتسامح والمنفتح.

واليوم تتجه بلادنا إلى آفاق تنموية واسعة وهي تنعم في سكينة وأمن ووئام بالرغم من التحديات الأمنية التي عصفت بالعالم نتيجة التطرف ونير الفتن والفوضى، خلال الحقبتين الفارطتين.

أيها الجمع المحترم، 

إن احتفال بلادنا اليوم بذكرى استقلالها الواحدة والستين، فرصة للاجتهاد والمواصلة من أجل تحقيق تطلعات شعبنا والمحافظة على مكتسباتنا، والحرص كل الحرص على تنفيذ تلك التطلعات بالشراكة مع الجميع، إيمانا منا بأن التنمية والاستقرار مفهومان إنسانيان لا يتحقق أحدهما دون الآخر ولا يتحققان دون استغلال الأواصر الثقافية والإنسانية بين الشعوب والدول.. إننا نفتح قلوبنا ونمد أيادينا لكل ما من شانه بسط التنمية والاستقرار والعدالة والرخاء في العالم.

وإن تزامن هذه الذكرى مع المعرض الدولي لأكسبو دبي 2020 فرصة أخرى لنا لاستعراض ما نملك من فرص استثمارية بكر وثرية وفي شتى المجالات.. مجالات التعدين (الذهب، النحاس، الحديد، الكوارتز..) والطاقة والزراعة والصيد والتصنيع، والمجالات الثقافية المتعددة والمتنوعة.. إضافة إلى مناخ استثماري آمن ومليء بالمحفزات الاقتصادية.

و هي مناسبة لأوجه دعوة لكل المستثمرين الحاضرين بأكسبو دبي 2020 الذى أهنئ الإمارات العربية على هيبة و أُبَّهَةِ هذا الصرح و مَجْمَعِ العالم هذا ،أوجه لهم جميعا و الإماراتيين منهم خصوصا لاستكشاف الميزات التفضيلية الكبرى للاستثمار بموريتانيا ذلكم أن بلدنا يحوى مخزونا كبيرا من المعادن النادرة و من الموارد البحرية و الأراضى الزراعية و مصادر الطاقة المتحدة أضف إلى ذلك تحفيزات جمركية و جبائية واستثمارية لا نظير لها بالمنطقة.
 
ختاما؛ أشكر  وزيرة  التجارة و الصناعة  و السياحة  و الصناعة التقليدية و سعادة  سفيرنا بدولة الإمارات العربية المتحدة وكل طاقم السفارة، كما أشكر مديرة جناح موريتانيا بأكسبو دبي وكذلك أشكر الدكاترة المحاضرين، والشعراء والفنانين، وفرق الإشراف.. والشكر واصل لجاليتنا المحترمة للسفراء من غير سفارة، للشناقطة الجدد بدولة الإمارات العربية المتحدة. 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركات