كيف يتصرف "ترامب" في ديون أمريكية بـ20 تريليون دولار؟

أحد, 22/01/2017 - 12:59

بعد استيعاب صدمة الانتخابات خلال الأسابيع القليلة المقبلة فسيتحول اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية إلى الاقتصاد. ورغم إعلانات مكتب التحقيقات الفدرالي ورسائل البريد الإلكتروني السرية والفضائح والنقد اللاذع الذي غطى على كل شيء آخر، إلا أن المشكلات الاقتصادية ستبرز بوضوح في عام 2017.

ويتوقع مكتب الميزانية التابع للكونغرس الأمريكي زيادة الدين العام إلى أكثر من 20 تريليون دولار، مع انعدام أي خطة ملائمة لإبطاء هذه الزيادة. وما يسمى سقف الديون الذي توقف مؤقتا في أواخر عام 2015 لتجنب ارتباكات السنة الانتخابية، سيعود في مارس 2017 لكنه لا يتحكم بالإنفاق أو الدين، فالإنفاق الإلزامي حيث تنمو المخصصات تلقائيا من دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس آخذ في الارتفاع، مع بقاء طفرة المواليد وضرورة تعزيز القوات العسكرية المستنزفة بوصفها تحديات مستقبلية.

ووفقا لمجلة "فوربس"، يرتبط انخفاض النمو بقلة الاستثمارات التجارية فالسياسات الخاطئة وضعف توقعات النمو الرسمية تقلل من المخاطرة في الأعمال، وربما لهذا قلل الاتحادي الفدرالي من توقعاته للنمو على المدى المتوسط إلى 1.8 بالمائة بينما يتوقع مكتب الميزانية أن النمو الأمريكي السنوي سيكون بمعدل 2 بالمائة فقط حتى عام 2026 وانخفاض نسبة المشاركة في القوى العاملة إلى 60.2 بالمائة بسبب توقف ملايين الأيدي العاملة عن العمل.

وفي المناظرة النهائية لمرشحي الرئاسة رأت كلينتون أن ضعف الأداء الاقتصادي يعود إلى أزمة عام 2008 على الرغم من أن البحث الذي أجراه "روبرت بارو" أظهر أن حجم الأزمات يتناسب طرديا مع سرعة الإصلاحات. لكن في خطاب 17 أكتوبر الماضي برر "ستانلي فيشر" نائب رئيس الاتحادي الفدرالي هذا النمو البطيء.

وأشار إلى إحصاءات الشيخوخة وضعف الإنتاجية والاستثمار في الأعمال التجارية وقلة الابتكارات التكنولوجية. وليس إلى سوء التخصيص الذي مارسه الاتحادي الفدرالي في رؤوس الأموال لمصدري السندات ذات العوائد المنخفضة جدا.

بعد ذلك يمكن القول إن هناك ثلاثة إصلاحات رئيسة للخروج من المأزق، أولها تعزيز سقف الديون، بحيث يلتزم الرئيس والكونغرس بتقييد الإنفاق عندما يتجاوز الدين حده، حيث إن القيد الفدرالي هو أمر بالغ الأهمية لتعزيز ثقة القطاع الخاص بعملية فرض الضرائب في المستقبل.

وتحسين الضوابط والموازين ضروري للامتثال إلى التعديل الدستوري العاشر وتصحيح مخصصات الإنفاق الفدرالي، وتبسيط النظام الضريبي وخفض معدلات الضرائب لاسيما أن معدل الشركات البالغ 35 بالمائة من شأنه تحسين القدرة التنافسية الأمريكية وتشجيع النمو الاقتصادي وخلق مناخ استثماري أكثر جاذبية.

وهناك ميزة إضافية حيث يمكن جلب أرباح الشركات الخارجية إلى البلاد، وتقليل عدد الشركات الأمريكية التي يتوقع لها نقل أعمالها خارج البلاد.

وحث الاحتياطي الفدرالي على وقف التلاعب بأسعار الفائدة وعائدات السندات، في الوقت الذي يحتاج فيه الاحتياطي الفدرالي إلى الاستقلال عن السياسيين لا ينبغي أن يكون غافلا عن ضعف أدائه الاقتصادي أو تتزامن قراراته المتعلقة بسعر الفائدة مع انتهاء الدورة السياسية. وكجزء من مهمتيه الأساسيتين اللتين تتمثلان في استقرار الأسعار والحد الأقصى للتوظيف فإن عليه توضيح مسؤوليته عن النزاهة النقدية بغض النظر عن مجريات السياسة.

وأضعفت سياسات الاحتياطي الفدرالي النمو فعليا من خلال تفضيل مصدري السندات على المدخرين والشركات الصغيرة. وقد جمع أكثر من 72 بالمائة من الائتمانات الجديدة في السنوات الخمس الماضية عبر السندات، من خلال الشركات التي يمكنها الحصول بسهولة على الائتمان.

وهذا يقلل من الائتمان للمقترضين الآخرين بما فيهم الشركات الصغيرة والرهون العقارية، التي تعتبر وسيطا باهظ الثمن يدفع الكثير من أجل القروض المصرفية التي يستخدمها للمزايدة على أسعار السندات الحكومية طويلة الأجل. وهذا ما يساعد الأميركيين الأثرياء على حساب متوسطي الدخل والمدخرين وكبار السن.

واستمرت الطاقة الإنتاجية الفائضة لفترة أطول مما تسمح به الأسواق غالبا، ما أسهم في انكماش الاقتصاد وسوء تخصيص الموارد. ولعل الأكثر ضررا من الناحية الاجتماعية، هو حقيقة أن السياسات التي ينتهجها الاحتياطي الفدرالي تسببت في تحول الثروة والدخل من الطبقة المتوسطة إلى الثرية.

بالإضافة إلى استنزاف تلك الطبقة بمشروع "أوباماكير" وارتفاع التكاليف الطبية وزيادة ضرائب الضمان الاجتماعي، وخفض العائدات المحتملة على المدخرات بشكل كبير. وبذلك فإن حلول الأزمة الاقتصادية من هذا الجانب واضحة، إذ يجب تقليص محفظة السندات للحد من التزاماته للبنوك، وتشجيع الإقراض للشركات الصغيرة.

وكان الاحتياطي الفدرالي قد أبدى رغبته في الحفاظ على مستويات عالية من الديون المصرفية لـخمس سنوات أخرى، ما يعزز توقعات النمو المنخفضة لمكتب الميزانية وللاحتياطي نفسه، وبالتالي فإن تحقيق حياة أفضل للأمريكيين، سيتطلب ضبطا فيدراليا كاملا.