ميثاق الإنقاذ الوطني (رقم 1)

ثلاثاء, 05/01/2021 - 15:54

 

بسم الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه.

 

يقول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ­(من الآية 11، سورة الرعد، القرآن العظيم).

 

ميثاق الإنقاذ الوطني رقم 1

 

أيها الموريتانيون، أيتها الموريتانيات،

 

بعد 60 سنة من "الإستقلال"، أكثر من ثلثيها حكم عسكري متلون، وأقل من الثلث حكم مدني، وبعد مُضي خُمس القرن الواحد والعشرين، لا زِلنا نعيش بعده غيابًا بَيِّنًا لدولة القانون والمؤسسات، يتضح من خلاله جَلِيًّا أن أغلب أسس الدولة الموريتانية الحديثة، يمكن عَدُّه ضمن المفقود، و غالبية الموجود منها في حالة تستوجب إعادة بنائها، أتقدم إلى حضراتكم بقائمة مقترحات أولية، جوهرية وشكلية، من شأنها أن تساهم في إعادة توجيه البوصلة الوطنية نحو الحَكَامَة الرشيدة الحقيقية، سبيلًا إلى تلافي حالة الوطن، تُجاه الشروع الحَقَّانِيِّ في إرساء دولة القانون والمؤسسات، وترسيخها.

 

أرجوا أن يتقاسمها الجميع ويعتمدها، تصويبا وتنقيحا وتحسينا ... فهي موجهة – بنية صادقة- إلى كل غيورعلى مستقبل هذا الوطن، يُؤَنّبُه ضميره، ينكسر خاطره على حال بلده، ويحتَرِق قلبه على مآله ...

 

أرجو أن يطالعها الجميع بعين التواضع، وأن يستسيغها الكل بروح العقل، وأن يتقبلها المسؤولون وصُنَّاعُ القرار بحكمة البصيرة... فتشكل –بمشيئة الله- نواة لخارطة طريق إصلاحية، أو مصدر إلهام لحزمة مطالب وطنية، يمكن أن يَلتَفَّ حولها جمع غفير من المواطنين الغيورين على وطنهم، مهما اختلفت مواقعهم السياسية الحالية، بتوقيعها أو تقاسمها على صفحات التواصل الإجتماعي أو نشرها على مواقعهم، بعد تحسينها وتنقيحها...

 

والله من وراء القصد.

 

1. إعلان ما تبقى من مأمورية السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مرحلة انتقالية، تَفَضُّلًا منه وتنازلًا عن حق دستوري ثابت،

 

2. تقليص عدد وزارات الحكومة، وإجراء ما أمكن من تجميع المؤسسات والهيئات العمومية، وفق دراسة علمية معمقة للحاجة الموريتانية، مقارنة بأحسن التجارب العالمية، مع مراجعة شاملة لأعداد وتكلفة الوظائف الإستشارية (مستويات: مستشاري الرئيس، الوزير الأول، الوزراء، والمكلفين بمهام لديهم...)، والوظائف التشريفية الأخرى،

 

3. تشكيل حكومة جديدة من الكفاءات الوطنية، خالية تمامًا من الوزراء الذين وردت أسماؤهم في أي ملفات تحقيق أو في فضائح مالية او تسييرية منذ الإستقلال حتى الآن، متجنبة أيضا وزراء الحكومات والحِقب السابقة؛ دَرأً لأي شبهة أو مفسدة أو خدش لمصداقية ... يتم تعيين وزراء هذه الحكومة انطلاقًا من سِيَّرِهم الذاتية العلمية والخُبُراتِيَّة المؤكَّدة، ذات الصِّلة البَيِّنة بالمسارات الوظيفية المرتبطة بقطاعاتهم الوزارية ...

 

4. تطبيق نفس المُقاربة على كافة الوظائف السامية في الدولة (شركة اسنيم، البنك المركزي، مفوضية الأمن الغذائي، وكالة تآزر، سونيمكس، الأمن الوطني، الضرائب، محكمة الحسابات، الجمارك، مفوضية حقوق الإنسان، آلية مكافحة التعذيب، سُلَط التنظيم، الوكالات الوطنية، الموريتانية للطيران، سونيمكس، آتي تي أم، المنطقة الحرة، الموانئ، مجالس الإدارات ... الأمناء العامون للوزارات والمؤسسات الحكومية...)

 

5. الدعوة لتغييردستوري سريع يحفظ المكتسبات الديموقراطية والأخلاقية للدستور الحالي، مع اقتراح جمهورية جديدة، تكون أكثر مواءمة للشعب الموريتاني، دينًا وثقافاتٍ، وحقائقًا اجتماعية، مع تبويبه على تحسين اختيار المنتخَبين والمسؤولين السامين، من خلال اعتماد شروط علمية وأخلاقية إلزامية لولوج المناصب التشريعية والتنفيذية والقضائية الحساسة.

 

6. حل المجلس الأعلى للقضاء، وإعادة تعيين كافة أعضائه على أسس جديدة، تعتمد على القدرات العلمية والتجارب العملية المثبتة، على ضوء مسيرات مهنية وأخلاقية لا غبار عليها. ويتم إعفاء رئيس الجمهورية من رئاسته بعد دَسترة ذلك،

7. الإحالة الفورية لما تَحَصَّل من نتائج التحقيقات في العشرية الأخيرة، المنبثقة عن تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، إلى القضاء الجالس، والحرص على إنهاء المسطرة في أقرب الآجال، وإن تفاوت تزمين الملفات.

 

8. استكمال إجراءات تشكيل محكمة العدل السامية على الفور،

 

9. استكمال التحقيق في سرقة البنك المركز على الفور، و إنارة الرأي العام اسبوعيا حول تقدم ملفه، حتى استكماله،

 

10. إعلان مسطرة إجراءات صارمة وحاسمة في ما سيترتب على تقارير محكمة الحسابات الأخيرة،

 

11. حل البرلمان الحالي، وإعادة انتخابه وفقا لمقتضيات الدستور الجديد، وتحديدا:

الشروط العلمية المتعلقة بالمترشحين للتشريع ورقابة الحكومات، نيابة عن الشعب،

 

12. إحالة كافة جنرالات ومُشيري وألوية الجيش والقوى الأمنية للتقاعد، مع ضمان حقوق محترمة ومعاشات لائقة لهم، وتعويضهم في مهامهم من الضباط، أصحاب الرتب التي تلي رُتَبَهم مباشرة. ثم اعتماد منظومة قانونية وتنظيمية أكثر إنصافًا وشفافية وأكمل تنظيمًا لتقدمات الضباط الساميين، وضباط الصف، داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، مع تشديد حظر الممارسة السياسة على عناصرها، والحرص على النأي بهم وبمؤسساتهم نهائيًّا عن المعترك السياسي المدني،

 

13. جرد كافة القوانين والنظم المعتمدة اليوم في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، وتنقيتها من التناقض والتكرار والضبابية والإبهام... والوقوف على كافة اختلالاتها التطبيقة (كُلِّيًّا أو جُزئيًّا)، والقيام بصقل شامل للترسانة من خلال البرلمان الجديد، وإشراف المنظومة القضائية الجديدة، وتنفيذ الحكومة الإنتقالية المُشكَّلة،

 

14. التطبيق الفوري لكافة القوانين والنظم التي كانت معلقة أو مجمدة أو معطلة أو مجتزأَةَ التطبيق ... خاصة ما يتعلق منها بالثوابت الدستورية؛ مثل التعددية الحزبية (قانون الأحزاب)، حقوق التجمع والتكتل، حرية الرأي والتعبير عنه، والتظاهر السلمي، ولوج المواطنين بتكافئ للمؤسسات الإعلامية العمومية (خِدمةً واستفادة)، وللوظائف العامة ولكافة الخدمات العمومية، بعيدًا عن الغبن والتهميش، على أي أساس غير قانوني (عنصر، فئة، قبيلة، جهة، محسوبية، زبونية، رأي سياسي، ...)،

 

15. التخفيض الفوري والمعتبر لأسعار المواد والخدمات الأساسية: كهرباء، وقود، حبوب، لحوم، ألبان، زيوت، خضراوات، فواكه ... بإعتماد مقاربة مالية انتقالية تاريخية وحاسمة في بنود قانون المالية لسنة 2021، ولو بإلغاء أو تجميد بعض بنود الصرف بالكامل، كمهرجانات المدن القديمة أو إستعراضات عيد الإستقلال، أو الورشات الوزارية والفعاليات الشكلية، والمصروفات المشتركة ...

 

16. تشكيل لجنة مصالحة وطنية عريضة للبت الكلي في كبريات مشاكل الوحدة الوطنية، كالإرث الإنساني، شمال وجنوب النهر (الناتج عن أحداث 1989، وما تبعه من تجاوزات ومخالفات خلال سنوات 1990)، ممارسات الإستعباد واستغلال البشر، الطبقية، الشرائحية، العنصرية ... وإقتراح حلول اجتثاثية ونهائية لهذه العوائق، تتم دسترة وتقنين أجزائها ذات الأهمية القصوى.

 

17. إلغاء كلي لمصفوفة وهياكل منظومة الأجور والمرتبات والمعاشات الوطنية، وتعويضها بأخرى جديدة، أكثر بساطة من حيث التركبة، وأكثر واقعية من حيث سقوف الأجور الصغيرة، وأقل تباينًا من حيث الإنصاف.

 

18. تكليف لجنة حكماء وطنية موسعة باقتراح حلول فورية لمشاكل عالقة ومزمنة، كديون شيخ الرضى، مشاكل طلاب الجامعة، مشاكل العقدويين، مشاكل المُنقبين، مشكلة مكب قرية تيفريت، مشكل مواد أسيانيد السامة، مشاكل صفقات التراضي، مشاكل التعيين والترقية في الأسلاك العمومية، مشاكل البطالة المزمنة، ...مع وضع سقوف زمنية محددة سلفًا لحل هذه المشاكل.

 

19. إعادة إنشاء اللجنة الوطنية المستقلة للإنتخابات –شكلا ومضمونا- بطريقة شفافة، منصفة وعادلة بين الفرقاء السياسيين،

 

20. مراجعة كافة الصفقات الكبيرة الجارية، التي عقدتها الدولة الموريتانية مع المستثمرين الأجانب خلال العقود الماضية (وتضمين ما يحتاج ذلك منها في الإستفتاء الدستوري): عقود الذهب مع تازيازت، عقود الصيد البحري، اتفاقيات استغلال البترول والغاز، عقود التنقيب، إلخ.

 

21. إلغاء خصوصية كتيبة الأمن الرئاسي (BASEP) و دمجها تماما في أركان الجيوش،

 

22. تفعيل دور المجالس الجهوية، ورفع اللبس والتداخل بين مهامها وصلاحياتها مع المجالس المحلية (البلديات والمجموعات الحضرية)،

 

23. التحضير الجيد والمحكم لإنتخابات رئاسية، تشرف عليها لجنة كاملة الإستقلالية، وتواكبها حكومة وحدة وطنية، برئاسة السيد محمد ولد الغزواني (الرئيس الحالي)، دون أن يترشح لها، بالإضافة إلى استحداث آليات وميكانيسمات انتخابية جديدة وغير مكلفة لخزينة الدولة، تسمح بإجراء الإنتخابات الأكثر شفافية في تاريخ البلد (في الشكل وفي المضمون)، من حيث ضوابط ميزانيات المترشحين والممارسات الإنتخابية، حيث تخلو من النفوذ غير الشرعي على القرى والتجمعات السكنية للمواطنين، ومن شراء الذمم و ارتهان بطاقات التعريف أو بطاقات الناخب، ومن تدخل موظفي أسلاك القضاء أوعناصر الجيش والقوى الأمنية أومن مسؤولي الإدارة الإقليمية، ومن الضغوط القبلية والجهوية والمال على الأفراد والجماعات، مع الحرص على إجراء عروض علمية ونقاشات أولية بين المترشحين لرئاسة الجمهورية (تبث على المباشر)، حول برامجهم المتعلقة بكافة القضايا الكبرى للوطن والملفات الأساسية (العدالة، الوحدة الوطنية، الهوية، التربية والتعليم، الصحة، الإقتصاد، المالية، التشغيل، الثقافة، الشباب، الأسرة، البنى التحتية، الإعلام، الدفاع، الأمن، الديبلوماسية،...) من أجل تقليص عدد المترشحين النهائي (أقل من خمسة مثلاً، بمستويات علمية مقبولة) على الصعيد الوطني، مع عدم ترشيح أي عسكري قريب عهد بالخدمة لهذه الإنتخابات، ولا من الأسلاك الأخرى التي يحظر عليها القانون ممارسة السياسة.

...............................................

....يتحسَّن ويتواصل (رقم 2، 3، ...) بمشيئة الله وتوفيقه ... على ضوء تفاعل كافة المواطنين المهتمين والمسؤولين وصناع القرار ...

بقلم: د. نورالدين محمدو

المنسق العام لمشروع "إلى الأمام ... موريتانيا"

انواكشوط 5 يناير 2021