قصة مسكين تائه قذفت به الإقدار إلى عنابر السجن المركزي (قصة محزنة)

جمعة, 13/01/2017 - 16:52

دخلت السجن المركزى وبعد أشهر هناك سلم علي رجل متوسط العمر كنت ألتقيه احيانا فى بعض عنابر السجن -يقول لى سجين سابق-..ثم قال لى آن لى عام زايد هون وأبحث عن لبيب أحدثه بقصتى فأغلب النزلاء هنا من سقط المتاع ويبدو انك ضالتى التى أنشد..

فتملك الفضول الرجل وقال له ماقصتك..؟ فقال له:هل تعرف التهمة التى سجنت بسببها..؟!! فقال له لا..فقال تهمتى هي "العقوق" ولست بعاق..! فقال له الرجل كيف ذلك..؟!

فقال له:بعد أن مد ذراعه أمامه وإذا بها معوجة لقد نشأت ربيبا عند زوج أمي دون أن اعرف من هو ابي... وكان زوج أمي عديم الشفقة شديد القسوة معي وقد ضربنى على الأرض ذات يوم وأنا صغير فكسر ذراعي التى ترى وقد برئت على هذا النحو المشين

لى بعض الأخوات منه وهن سائبات لا يخشين رقيبا ولا يتحلين بدين رادع ولا وازع من الأخلاق..وقد سائنى ذلك كثيرا دون أن املك سلطة أو قدرة على الإنكار..وذات ليلة دخلت المنزل وإذا بهن يصنعن الشاي لبعض الأجانب فلم اتمالك نفسي وقمت بكسر اواني الشاي وضرب أولائك الرجال حتي هربوا ثم ضربت أخواتي تعزيرا لهن..!

فما كان من زوج أمى إلا ان سبنى وطردني من البيت..وهكذا وبعد ليالى من التسكع والتشرد لم اتحمل البعد عن امى وقد عصف بي الشوق لمعرفة اهلى والتواجد يين اعمامى واخوتي وابناء عمي وقبيلتى..فزرت الوالدة وسلمت عليها ثم سألتها من هم اهلى واين يمكن ان اجدهم ..؟

 فقالت لى إن أهلك فى شنقيط ..اسرة هناك تسمى اهل فلان..وعلى عجل شد المسكين رحاله وامتطى صهوة الأمل وهش عليه بمنسأة الشوق ويمم وجحه شطر شنقيط..وبعد مرور ساعات من الليل وصل هناك وأخذ يسأل حتى دله بعضهم على مكان الأسرة

من بعيد شاهد ذلك الضوء الخافت ولما وصل وجد الوسن قد سبقه إليهم ولكن ولأنه كان فارغ القلب لم يتحمل انتظار الصباج وشق رداء السكون بالسلام والتحايا ..وهكذا نهض القوم ودب النشاط فى أوساطهم..وبعد السلام قال لهم ألا الخير والسلامة ..آن هذا ولكم اسمى فلان ولد فلان..فقالوا له نحن ماعندنا ول اسم فلان..فسقط فى يده وبعد استفسار علم أنه أضل الطريق..

بعد ذلك رحل إلى اطار وهناك حط الرحال عند اعل الشيخ ول امم ووجد معه جمعا من الرجال واخبره بقصته وانه يبحث عن اهله..فقال له اعل الشيخ اذهب الي فلان فى المكان الفلاني فهو خبير انساب وسيدلك على اهلك..ذهب الرجل إلى حيث دله ول امم وفعلا وجد الرجل فقص عليه قصته فقال له ابوك ليس من الاسرة التى عزوته لها هو مكاتب فيهم فقط..وقد مات للاسف ولكن اعمامك هنا ودله على أماكنهم

فرح الفرع بمعرفة اصوله واتصل البرعم بجذعه فاستقبله الاعمام استقابلا غير الذى كان يتوقع وهم يحسبونه باحثا عن تركة ابيه وقالوا له الحقيقة انك بالنسبة لنا فى عداد الأموات فبعد موت ابيك ذهبنا إلى انواكشوط بحثا عنك ووجدنا زوج امك فسألناه عنك فقال لنا ((خالك ذاك اطفيل قير اخلعن ماتلا سالم))..وهكذا عدنا ادراجنا واقتسمنا التركة

فقال لهم الحقيقة انني جئت باحثا عن اهلى لا عن لعاعة من الدنيا ثم اقام بينهم قرابة السنة ولكنه لم يشعر بذلك الدفئ والعز الذى كان ينشده وهاج بين جوانه الشوق لأمه فارتحل قافلا إليها..وعند مجيئه وجد المحظور قد وقع فى أهله..احدي الأخوات وضعت مولودا غير شرعي ووالدها زوج ام الرجل قد اشتري عقيقة واستدعي بعض الضيوف..فصعق الرجل من المشهد وأخذ يبطش فيهم كالمجنون وافسد عليهم العقية التى كانوا يقيمون

بعد ذلك شكاه زوج امه لدى وكيل الجمهورية باعتباره عاقا فاستدعاه الوكيل وأحاله لقاضى التحقيق فقال له القاضى انت متهم بالعقوق فهل انت عاق فعلا..؟!

فقال هذه أمى فسلها وما ستقول له لك فخذ به فسأل القاضى الوالدة فقالت له اصل معاك ولا شورو شي..وكيفت له كلاما يطابق منطوق زوجها..وهكذا احاله القاضى للسجن مباشرة...!

يقول المسكين لصاحبه فى السجن هذه قصتى وأنا لست بعاق وقد مضى علي أكثر من سنة هنا ولا ادري عندما اخرج ماذا سأفعل وإلى اين سأذهب..!! .

نقلا عن الصفحة المدن الأستاذ / دمبره السمان .