هل تتمكن أفريقيا من إنشاء عملة “إيكو” الموحدة؟

ثلاثاء, 02/06/2020 - 17:35

تسعى خمس عشرة دولة في منطقة غرب أفريقيا إلى إنشاء عملة موحدة لتتعامل بها على غرار اليورو الأوروبي بهدف تعزيز المنطقة الاقتصادية، ويراود هذا الحلم الدول الخمس عشرة منذ أكثر من أربعين عاما.

غير أن هذا المشروع لم يتمكن حتى الآن من التغلب على جميع العقبات حتى يتحول إلى حقيقة، ولعل إيكو -اسم العملة- هو الشيء الوحيد الواضح في هذا المشروع، والذي يرمز في نسخته الإنجليزية إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.

وفي تقرير نشرته صحيفة “لافانغوارديا” الإسبانية، قالت الكاتبة جوديت فيفيس إن فكرة العملة الموحدة بدأت عام 1975 بعد إنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وتتكون هذه المنطقة الاقتصادية -التي تشبه إلى حد ما الاتحاد الأوروبي- من بنين وبوركينا فاسو والرأس الأخضر وساحل العاج وغامبيا وغانا وغينيا بيساو، إضافة إلى غينيا وليبيريا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو.

وفي البداية، خططت المجموعة لتفعيل هذه العملة الجديدة عام 2009، لكن كان لا بد من تأجيل الأمر إلى عام 2012 ثم إلى 2015، دون النجاح في تحقيق الهدف، ومن المقرر أن تعتمد دول المجموعة هذه العملة العام الحالي.

وجاء إطلاق اسم العملة “إيكو” في يونيو/حزيران 2019 في اجتماع نظمته لجنة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في أبيدجان العاصمة الاقتصادية لساحل العاج.

ومع ذلك، أظهر العديد من الأشخاص عدم رضاهم عن اقتراح الاسم، معتبرين أنه خال من الإبداع ولا تربطه أي صلة بالمنطقة.

وبفضل هذه العملة الموحدة سوف تتمتع دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بالمزيد من التسهيلات التجارية فيما بينها، وكذلك فيما يتعلق بتصدير واستيراد المنتجات على الصعيد الدولي.

من الفرنك إلى إيكو

وفي الوقت الحالي توجد بالفعل عملة مشتركة بين العديد من هذه البلدان، وفي هذا الإطار، استخدمت ثماني دول من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عملة فرنك الاتحاد المالي الأفريقي منذ عام 1945.

وقد فرضت فرنسا هذه العملة على مستعمراتها السابقة، أي الأراضي التي كانت تسيطر عليها طوال القرن العشرين للانتفاع بمواردها وتوسيع نفوذها، ويتم طباعة هذا النوع من العملات في فرنسا، علما أن الكثير من الناس يعتبرون هذه العملة تراثا استعماريا في المنطقة.

وترتبط قيمة فرنك الجماعة المالية الأفريقية بقيمة العملة المستخدمة في فرنسا حاليا وهي اليورو.

ووفقا للخبراء، فإن هذه الحقيقة ستعطي الاستقرار الاقتصادي للمنطقة ولكنها تمنع أيضا البلدان الأفريقية من اتخاذ قرار بشأن قيمة عملتها، وهو أمر يستخدم أحيانا كإستراتيجية اقتصادية، مثل تسهيل استيراد أو تصدير المنتجات، وبالإضافة إلى ذلك ينبغي على الدول التي تستخدم الفرنك إيداع 50% من احتياطاتها في الخزانة الفرنسية وقبول وجود الدولة المستعمرة السابقة في الهيئات الحكومية.

ومع ذلك، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس ساحل العاج الحسن عبد الرحمن وتارا في نهاية عام 2019 عن نهاية التعامل بعملة فرنك الاتحاد المالي الأفريقي لإفساح الطريق أمام عملة إيكو الموحدة، ومن المتوقع حاليا أن تستمر مسألة ارتباط قيمة العملة الجديدة باليورو.

اقتصادات مختلفة

وتحوي المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا اقتصادات قوية للغاية، مثل الاقتصاد النيجيري، ولكنها تضم أيضا بعض أفقر البلدان في العالم مثل النيجر، وفي الواقع تعتبر نيجيريا أحد أكثر البلدان نفوذا في المجموعة.

ومع أكثر من 196 مليون نسمة عام 2018 تضم نيجيريا أكثر من نصف سكان دول المنطقة، وعلاوة على ذلك تنتج الدولة ما يقارب ثلثي الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، وهو قيمة المنتجات أو الخدمات التي يتم إنشاؤها في بلد خلال فترة محددة.

وبسبب هذه الاختلافات بين اقتصاديات دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لا ترغب دول مثل نيجيريا في أن تصبح جزءا من عملة إيكو دون الوفاء بالضمانات، وعلى سبيل المثال لا تريد غانا ونيجيريا أن تكون العملة الموحدة مساوية لقيمة اليورو، لأنهما تريدان الحفاظ على نوع من الاستقلال الاقتصادي.

وينبغي على البلدان التي تريد أن تكون جزءا من مستخدمي عملة إيكو تلبية سلسلة من المتطلبات الاقتصادية التي تشير إلى أنها تتمتع بقوة اقتصادية إلى حد ما.

ومن بين هذه الشروط عجز أقل من 3% ونسبة تضخم أقل من 10%، وألا تتجاوز نسبة الديون 70% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه لم تلتزم أي دولة بهذه المتطلبات عام 2018، وكانت تلك هي العقبة التي حالت دون تنفيذ مشروع العملة الأفريقية الموحدة.

ونظرا لمدى الاختلافات الاقتصادية والأولويات والأفكار بين البلدان فإنه من غير المعروف حتى الآن ما إذا كان سيتم التعامل بعملة إيكو كعملة موحدة وليس فقط كبديل لعملة فرنك الاتحاد المالي الأفريقي عام 2020، أو أنه سيتم تأجيل تنفيذ الأمر مرة أخرى.