موريتانيا وآفاق النهوض الاقتصادي*

خميس, 14/05/2020 - 17:33

ترى جهات عالمية مانحة أن الدول الفقيرة يجب أن تقدم لها منح للمساعدة على الخروج من فقرها ؛ لا ان يرفع دينها العام بقروض ميسرة او غير ميسرة .

وتعارض جهات عالمية أخرى ذلك ؛ لأنه قد يسبب تكاسلا لحكومات تلك الدول عن تطوير اقتصادها ؛ ويشجع على الفساد لعدم وجود رقابة على تلك المنح ؛ ويضعف مصداقية الدولة المتلقية للمنح في جذب استثمارات مهمة لقطاعات اقتصادية فيها يمكن أن تكون سببا في نهضتها.

فالدول التي تعتمد غالبا على المنح لا تلفت انتباه المستثمرين.
ووجود جهات مطالبة بسداد قروضها الميسرة أو غير الميسرة يلعب عامل كبح للفساد في الدول المستهدفة بتلك القروض.

بيد أن توجيه تلك القروض للتنمية الاجتماعية فقط يجعلها قروضا محدودة الأثر ؛ فتمويل المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة ؛ في ظل غياب رقابة وتوجيه دقيق ؛ تفضي إلى تبخر 70% من القرض وفشل تلك المشاريع ؛ وتحمل الدولة كلفة إضافية لسداد القرض الميسر ؛ وتحوله إلى قرض عالي الفائدة بسبب عدم مردوديته الانتاجية .

ويخف حجم مخاطر الاقتراض إذا وجهت القروض بأغلب أنواعها للاستثمار في قطاعات حيوية تخلق فرص عمل وبئة جاذبة للاستثمارات.

بالنسبة لموريتانيا ؛ لايمكن تصنيفها كدولة فقيرة ؛ فثرواتها الخام من كل مستوى شاهدة ؛ وتستطيع سوقها استقطاب 200 مليار دولار في 10 سنوات كاستثمار مضمون الربح في قطاعات الطاقة والثروة البحرية والمناجم النفيسه والزراعة والثروة الحيوانية ؛ وقطاع الخدمات والعقار والبنى التحتية ؛ والصناعات التحويلية ؛ وموقعها يناسب ذلك .

لكن خليطا من القصور في التخطيط والتسيير والعجز عن تسويق موريتانيا استثماريا ؛ والتعود الرسمي على استقبال المنح الضئيلة والقروض الضئيلة ؛ والفساد ؛ خلق صورة ضبابية عن موريتانيا لدى المستثمرين العرب والأجانب.
ولعل أبرز مثال للقرض غير الميسر هو القرض الكويتي لبلادنا في منتصف السبعينات (75مليون دولار) ؛ التي تحولت إلى 3.8 مليار دولار بسبب ارتفاع فائدة القرض (17%) وتراكمها ؛ ورفض الكويت شطب تلك الديون الوهمية !
ويأتي القرض الإماراتي الميسر في مرحلة مهمة تشهد موريتانيا فيها تحولا سياسيا واقتصاديا يعقد عليه الموريتانيون آمالا كبرى في الخروج من وضعهم الاقتصادي الهش.
لكن توجيه استثمارات إماراتية استراتيجية نحو مو ريتانيا سيعود بخير اوفر على البلدين .

إن موريتانيا لديها كل مقومات النهوض الاقتصادي ؛ وبها فرص بكر في كل المجالات ؛ وهي الأفضل للمستثمر العربي عموما ؛ سواء كان رسميا او قطاعا خاصا .
وتشهد استقرارا سياسيا وأمنيا ؛ وقد طورت مدونتها الاستثمارية لتلائم كافة المحافظ الاستثمارية العالمية.
وعلى الدولة الموريتانية رفض استقبال الهبات والمنح من أي دولة كانت ؛ ودعوة تلك الدول لتوجيه جانب من استثماراتها لموريتانيا لنتقاسم معها خير بلادنا الوفير لله الحمد.

وستظل القروض الميسرة بلا أثر اقتصادي في بلادنا مالم نجتث الفساد من إداراتنا ومن سوق الاعمال في بلدنا.

*عبد الله ولد بونا
المصلي على الشفيع عليه الصلاة والسلام