خلافات داخل التحالف الوطني العراقي بسبب مشروع التسوية

أربعاء, 04/01/2017 - 21:30

بالتزامن مع تدهور الوضع الأمني الذي تعيشه الساحة العراقية، يزداد المشهد السياسي تعقيدا وتأزما، لا سيما مع استمرار الجدل حول مبادرة "التسوية التاريخية" التي يتبناها رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم.

فقد شن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر هجوما لاذعا على التحالف الوطني (الشيعي) عقب رفض المرجع الشيعي علي السيستاني استقبال الحكيم لبحث هذه المبادرة، وهو ما رأى فيه رفضا شعبيا لهم، مطالبا إياه في بيان له بتغيير وجوهه السياسية ومحاسبة الفاسدين المحسوبين عليه، ووقف التدخلات الحزبية والمليشياوية في عمل الحكومة، على حد تعبيره.

ووفقا للنائب عن الصدريين ماجد الغراوي، فإن التيار كانت لديه شروط لاستمرار البقاء ضمن التحالف الوطني، على رأسها محاسبة الفاسدين من وزراء ومديرين عامين، وإعادة النظر في المناصب التي توزع على أساس حزبي وطائفي، وألا تكون قرارات التحالف فردية أو حكرا على جهة معينة، وقد وافق التحالف على هذه الشروط لكنه "تنصل عنها لاحقا".

ويعتقد النائب أن التسوية يجب أن تكون مجتمعية لا سياسية، كما أن العراق لا يحتاج إلى "تسوية في وسائل الإعلام، أو تدويل للأزمة العراقية" بل يفترض على الجميع دعم الجيش والقوات الأمنية لاستعادة الموصل وإعادة النازحين وحل المشاكل الأمنية والخدمية.

ويضيف الغراوي أن التيار الصدري أصبح خارج التحالف الوطني لأن الأخير لم يف بوعوده التي قطعها للتيار، كما أنه ما زال يضم الكثير من الفاسدين، حتى أصبح غطاء قانونيا وشرعيا للكثيرين منهم، وفق وصفه.

لا للبعثيين

لكن فادي الشمري القيادي بالمجلس الإسلامي يعتبر رفض السيستاني استقبال الحكيم أمرا طبيعيا لأنه لا يستقبل السياسيين، كما أن الحكيم في زيارته الأخيرة لـ النجف أطلع باقي المراجع على بنود وتفاصيل التسوية، وقد رحبوا بها على حد قوله.

ويقول الشمري للجزيرة نت إن المرجعية الدينية لا تتدخل في التفاصيل بل تضع الأطر العامة للتوجهات السياسية، و"تؤكد على ضرورة التعايش السلمي ومحاربة الفساد" وإنهم كتحالف -يضيف الشمري- يحترمون موقف الصدريين، لكن من الضروري في هذه المرحلة التأكيد على وحدة التحالف الوطني، وعدم التصعيد لأن البلاد تعيش حالة حرب. وحول مشاركة بعض المعارضين للعملية السياسية في مشروع التسوية، يؤكد الشمري أن المبادرة وضعت خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها، فلا لقاء أو تحاور مع "البعثيين والصداميين وكل من مول أو دعم الإرهاب".

ويستدرك الشمري بالقول: لكن المشروع يريد التأكيد على مبدأ الدولة والفصل بين السلطات واحترام القضاء، وضرورة مشاركة كل من قاتل تنظيم الدولة من العشائر السنية.

توافق

ويرى الكاتب والمحلل السياسي حيدر الكرخي أن عدم استقبال السيستاني للحكيم لا يمكن اعتباره رفضا للمبادرة من قبل المرجعية.

ويقول الكرخي للجزيرة نت إن موقف الصدريين من التسوية التاريخية فيه شيء من الغرابة، حيث إنهم من أكثر الجهات التي ترى ضرورة التوافق مع الأطراف الأخرى سواء السنية أو الكردية "لذا فمن الممكن اعتبار هذا الرفض من باب المناكفة لا أكثر".

ويعتبر أن موقف التيار الصدري لن يؤثر على التحالف لأن الصدريين هم من القوى السياسية "المتقلبة وغير المستقرة في قرارها" وتعرف بقدرتها على القفز من وجهة نظر إلى أخرى وبوقت قياسي وسريع بدون أي تردد، وفق تعبيره.

ويضيف الكاتب أن التيار الصدري يمكن أن يعود إلى أحضان التحالف، وفي حال لم يعد فهو قد فعل ذلك في "بروفة سياسية" تسبق الانتخابات، كما فعل ذلك سابقا في انتخابات مجالس المحافظات عندما ضرب دولة القانون.

ووفقا للكرخي فإن المستفيد الأكبر من مشروع التسوية هو المجلس الأعلى الذي يعتبرها مكسبا سياسيا فعليا له، في وقت يترأس فيه الحكيم التحالف الوطني، حيث من الممكن أن يكون ذلك "إنجازا تاريخيا" بالنسبة له خاصة وأن المجلس أعلن قبل أيام أن التسوية يمكن أن تشمل حتى وزير المالية السابق رافع العيساوي إذا قام بتسوية ملفاته مع القضاء.

عن: الجزيرة نت