لطيفُ الماثل..في ذكرى استشهاد صدام حسين العاشرة

جمعة, 30/12/2016 - 10:52

تتوغل السنون في مضارب الخلود سراعا، لكنها تضيء الأرجاء المدلهم ليلها كلما لاح طيف الذكرى. عشر حجج مرت على صعود الشهيد صدام حسين منصة المستحيل في عالم البطولة و الشهادة. تعيد الذكرى كل عام استحضار تجربة البعث في قطر العراق، تلك التجربة التي شكلت أيقونة التجسيد الفريد لمشروع الثورة العربية الوحدوي، حتى لا نسمح للانتهازيين بوضع جدار عازل بين الشهيد صدام حسين و المشروع الفكري الذي يمثله من خلال التخلص الذي يروج له المرجفون و المتنطعون " اختاره الله على أفعاله" و هو مدح تنزع مرامي وجبلة صاحبه إلى الذم لا محالة ، وهي جبلة بصاحبها دخن من الشعوبية أو الحسد لا محالة.. فهو يعنى وفقا لمفهوم المخالفة أن سابقته ساءت. ولعمري إن سابقاته وسابقات سابقاته حسنت مثلما حسنت خواتمه، والأصل تتبعه الفروع... إن مشهد الاستشهاد الجماعي لقادة التجربة البعث العظيم في قطر العراق الشقيق، أبانت معدن الحزب النفيس، و لا غرو، فهو فكر أصيل سال مداده بوحي من قيم الصحراء و الخيمة العربية و الذات العربية، فأشرق حين، حشدت الأمة كل قُواها لتنجبه، فحشد كل قُواه لينجب لها قائدا عظيما بحجم صدام حسين. وفلم يكن صدام حسين مجرد رجل عظيم ترك ذكرا و ذكرى في نفوس البشر كالإسكندر الأكبر و سيف بن ذي يزن وكليب... بل كان أمة بأكملها.. دخل خالد الذكر تاريخ الأمة العربية ذات ليلة يغشى الظلامُ سماءَها، فاحتضنها بذراعيه على طريقة النسر و أقواس النصر التي تصد الغزاة عن بوابات العراق، فكانت ذراعه اليمنى درعا للعراق ( البوابة الشرقية للأمة العربية)، فما كان للصًفويين أن تطأ أقدامهم أرض الرافدين إلا أسرى، و كانت ذراعه اليسرى تصدُ الغزو عن البوابة الغربية للأمًة العربية ( بلاد شنقيط). و قد تمكن صدام حسين من تجسيد جيد للمشروع الحضاري و الوحدوي للأمة العربية في مقابل المشروع الغربي و الفارسي و التركي..فأسس الجامعات و المعاهد العليا وبنى جيشا عربيا قويا و أقام نهضة ثقافية و اجتماعية كبرى، فأمم النفط و أنشأ بطاقات التموين و التأمين الصحي و التعليم المجاني..لذلك لم يكن صدام حسين يعيش لذاته، فلم يسع لمجد ذاتي، و لا لطموح شخصي، و لا لمكاسب ذاتية، و ما ينبغي له ذلك، وإنما نذر حياته لتجسيد مبادئه التي آمن بها، فشدت عضده، بعد أن أخرجه اليُتم من العوجة ثائرا.. وقد جسد أبو عدي ـ في صلابته و إصراره ـ الذات العربية الخالدة، فقدم تجربة فريدة لمشروع نهضوي عربي، لا شرقي و لا غربي، و لا طائفي.. وقدم في لحظات الصعودِ إلى الخلودِ صورة للمؤمنين الواثقين من قضاء الله و قدره، الذين يتقدمون( و الجنة تلمع بين سيوفهم) كما يقول الأستاذ أحمد ميشيل عفلق، وهكذا يكون البعث ومع الشهيد ورفاقه كان ويؤكد لهم رفاقهم من كل ساحة من ساحات وطنهم الكبير، أن حلمهم لن يؤول إلى ما أراد له أعداؤه، فهو حلم لن يموت.. ولن يموت.. ولن يؤول إلى عدم... بعد أن سقته تضحيات مناضليه ودماء شهدائه مياه الخلود.

بقلم:د. معمر محمد سالم رئيس المنظمة الشبابية لحزب الصواب، موريتانيا.