هل عودة ولد عبد العزيز حسمت الجدل الدائر في الساحة ؟

خميس, 21/11/2019 - 14:18

شكلت عودة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لموريتانيا بعد ثلاثة أشهر من مغادرته السلطة، نقطة تحول فى المشهد السياسى بموريتانيا، أعادت خلط الكثير من الأوراق داخل الأغلبية وخارجها، وأعطت رسالة لكل المشككين بمكانة الرجل داخل المنظومة السياسية ما بعد 22 يونيو 2019.

ورغم أن الرجل الممسك بزمام الأمور داخل موريتانيا لأكثر من خمسة عشر سنة، حاول النأي بنفسه عن الجدل المتصاعد داخل الساحة السياسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، إلا أن حضور بعض مناهضيه داخل المشهد الإعلامي والسياسي عجل بعودته المبكرة للحياة السياسية، بعد أشهر من الراحة فى بعض العواصم الغربية ، ومتابعة المشهد عن بعد، وتسيير أموره الشخصية، والتحضير للمراحل القادمة.

الطرح الذى تزعمه النائب السابق الخليل ولد الطيب وبعض شتات المعارضين الداعمين للرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى، قوبل برد قوى من بعض أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وأقاربه، كرجل الأعمال البارز وفدرالى  إينشيرى محمد ولد عابدين، والرئيس بيجل ولد حميد، وكانت قاعات الحزب الحاكم مسرحا له، وتحول إلى سجال بين متمسك بالرئيس السابق ونهجه، ومفتخر بالعشرية الأخيرة، وبين مطالب بإنهاء تلك الصفحة والعمل من أجل إعادة تأسيس الحزب الحاكم على أسس جديدة، وفتح المجال أمام الداعمين الجدد للرئيس من أجل أخذ أماكنهم داخله، بغض النظر عن مواقفهم السابقة، والمواقع التى كان يشغلها آخرون من أنصار سلفه ومعاونيه.

وقد تصاعدت وتيرة الحملة بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة، مدفوعة ببعض المحيطين بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى، ممن كانوا خارج البلد خلال العشرية الأخيرة. فى محاولة لكتابة تاريخ جديد لموريتانيا ورسم معالم المرحلة المقبلة، دون المرور بالضرورة بفترة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ورجالات حكمه، والعمل من أجل خلق بديل قادر على احتضان الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى واحتوائه، وفصل مساره عن رفيقه الذى عايشه وتعايش معه لأربعة عقود دون خلاف أو خصام أو مواجهة.

 

غير أن عودة ولد عبد العزيز المبكرة، واستقباله لأبرز من تعايشوا معه وخدموا حكمه، والتحول من مجرد رئيس سابق إلى رئيس حزب حاكم دون المرور بالمؤتمر، أربك العديد من الحسابات الداخلية، وفرض على النخبة الموالية والمعارضة قراءة المشهد من جديد، والتعامل مع الأمور بقدر من العقلانية، وكبح جماح الطموح الذى حمل البعض إلى تغيير موقفه من السلطة، بدعوى نهاية الرجل الشبح، ورمى بآخرين إلى مهاوى التنكر للرئيس المؤسس للحزب والمتحكم فيه، ولما يكمل شهره الثالث خارج قصره الرمادى.

لقد أظهر حجم الحضور البارحة بمقر الحزب قوة التحكم، حيث عاد بعض الوزراء من جولاتهم الداخلية للمشاركة فى الاجتماع، وكابد آخرون السهر إلى الثالثة فجرا من أجل تأمين الحضور إلى جانب "الرئيس المؤسس"، وحرص أبرز أعضاء الحكومة إلى تأمين تنقل الرئيس من منزله إلى الحزب، والمغادرة معه فى وقت متأخر إلى منزله ، وقد سمع منه مايسره من حلو الكلام واستمرار التأثير.

كما أن الرئيس الزائر للمقر، كان حريصا على تولى إدارة الجلسة من أول لحظة، والتأكد من سلامة المكيفات، والإطلاع على الأبواب، وتفقد العاملين فى الحزب، وتشكيل اللجان، ورسم ملامح البيان المقرر طرحه للتداول، والإطلاع عليه قبل نشره للرأي العام، وهو مادفع باللجنة إلى المرابطة فى المقر إلى الفجر.

لقد أتضح للجميع داخل الأغلبية وربما خارجها، بأن محاولة بعض رموز الحكم الجديد إخراج الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز من الحياة السياسية أمر صعب، وأن العلاقة بين الرجل ورفيقه محمد ولد الشيخ الغزوانى أقوى من أحلام المستشارين، والمستوزرين الجدد، وأن الحزب يظل بيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز سواء غادر السلطة أو أستمر فيها، عكس ماكانت تتوقع بعض الكتل السياسية الداعمة لخليفته والمعارضة لحكمه، والمتطلعة إلى عهد جديد.