لم بيوت العرب نظيفة وشوارعهم وسخة.؟

اثنين, 08/07/2019 - 12:41

يقولُ الصحفي روبرت فيسك وهو من أشهر صحفي العالم :

أتعلمون لِمَ بيوت العرب في غاية النظافة بينما شوارعهم على النّقيض من ذلك؟! 
السببُ أنّ العرب يشعرون أنّهم يملكون بيوتهم لكنهم لا يشعرون أنهم يملكون أوطانهم!

هذا يرجع إلى سببين :

الأوَّل : أنَّنا نخلطُ بين مفهوم الوطن ومفهوم الحكومة، فنعتبرهما واحداً، وهذه مصيبة بحدِّ ذاتها ..
الحكومة هي إدارة سياسية لفترة قصيرة من عمر الوطن، ولا حكومة تبقى للأبد ...
بينما الوطن هو التاريخ والجغرافيا، والتراب الذي ضمَّ عظام الأجداد، والشجر الذي شرب عرقهم، هو الفكر والكتب، والعادات والتقاليد ...

لهذا من حقِّ كل إنسان أن يكره الحاكم ولكن ليس من حقِّه أن يكره الوطن ... 
والمصيبة الأكبر من الخلط بين الحاكمين والوطن هو أن نعتقد أنَّنا ننتقم من الحاكم إذا أتلفنا الوطن ..!!

وكأنَّ الوطن للحاكمين وليس لنا ...!!!!!

ما علاقة الحكام بالشارع الذي أمشي فيه أنا وأنت َ، وبالجامعة التي يتعلم فيها إبني وإبنك َ، وبالمستشفى التي يتعالج فيه مجتمعنا  َ، الأشياء ليست مِلك مَن يديرها وإنَّما مِلك مَن يستخدمها ...
نحن في الحقيقة ننتقمُ من الوطن وليس من الحاكمين ، الحكومات تُعاقبُ بطريقة أُخرى لو كنَّا نحبُّ الوطن فعلاً ...

الثَّاني : أنَّ ثقافة الملكيَّة العامًَّة معدومة عندنا، حتى لنبدو أنَّنا نعاني إنفصاماً ما ...
فالذي يحافظ على نظافة مرحاض بيته هو نفسه الذي يوسِّخ المرحاض العام ...
والذي يحافظ على الطاولة في البيت هو نفسه الذي يحفر إسمه على مقعد المدرسة والجامعة ...
والأبُّ الذي يريد من إبنه أن يحافظ على النِّظام في البيت هو نفسه الذي يرفض أن يقف في الطابور بإنتظار دوره ... 
والأُمُّ التي لا ترضى أن تُفوِّت إبنتها محاضرة واحدة هي نفسها التي تهربُ من الدوام ...

خلاصة القول :

الحكام ليسوا الوطن شئنا  أَم أبَينا ، ومشاكلنا معهم لا يحلُّها تخريب الوطن ..

إنَّ الشعب الذي ينتقم من وطنه لأنَّ حكامه سيئين لا يستحقُّ حكاما أفضل ...

ورُقيِّنا لا يُقاس بنظافة حديقة بيتنا وإنَّما بنظافة الحديقة العامَّة بعد جلوسنا فيها ...

لو تأمَّلنا حالنا لوجدنا أنَّنا أعداء أنفسنا ، وأنَّه لا أحد يسيء لأوطاننا بقدر ما نفعل نحن ...

الإنسان لا يحتاج إلى شوارع نظيفة ليكون محترما ً، ولكن الشوارع تحتاج إلى أُناسٍ محترمين لتكون نظيف