قصة راعي الغنم والاستشاري

اثنين, 25/02/2019 - 17:52

فوجئ راعي أغنام بسيارة رانج روفر تتجه نحوه، خلف المقود شاب حسن الهندام: البِذلة من فِيرْساتْشي؛ الحذاء من غُوتْشي؛ النظارات الشمسية من رَايْ بَانْ؛ ربطة العنق من هِيرْمَسْ. توقفت السيارة بمحاذاته، أخرج الشاب رأسه من النافذة وخاطب الراعي قائلا: إذا قلت لك كم رأس غنم لديك هل تعطيني خروفا؟ أجاب الراعي بنعم. أخرج الشاب كمبيوترا صغيرا أوصله بهاتفه النقال، دخل الإنترنت، ولج موقع النَّاسَا ومنها إلى خدمة تحديد المواقع (جِي.بِي.إسْ)، فتح قاعدة بيانات وجداول في اكسل، وبعد برهة أخرج تقريرا مطبوعا يتألف من عشر صفحات. التفت نحو الراعي وقال له: لديك بالضبط 387 خروفا، وكان ذلك بالفعل صحيحا، فقال له الراعي: تفضل باختيار الخروف الذي يعجبك.

نزل الشاب من سيارته وحام بين القطيع، واختار خروفا وضعه في صندوق السيارة. عندئذ قال له الراعي: لو استطعت أن أخمن طبيعة ونوع عملك هل تعيد إلي خروفي؟ وافق الشاب، فقال له الراعي: أنت استشاري، فدهش الشاب وقال: هذا صحيح ولكن كيف عرفت ذلك؟ فقال له الراعي: بسيطة، لقد أتيت إلى دون أن أطلب منك ذلك، ثم سعيت لنيل أتعاب بإجابتك على سؤال لم أطرحه عليك بل أعرف إجابته سلفا، بينما لم تكن أنت تعرف إجابته بل ولا تعرف شيئا عن عملي، على كل حال أرجو أن تخرج كلبي من حقيبة سيارتك!!

طرفة لا تخلو من تجني علينا معشر الاستشاريين، لكنها تعبر -تماما- عن حال من يَتَصَدَّرونَ واجهة الفعل السياسي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية. لا يختلف اثنان على أن لا دور لجلهم -حتى لا أقول كلهم- في النتائج المُتَحَصَّل عليها، اللهم لَاكُورْنِيشْ على رأي قدماء النواكشوطِيِّين أو حضور الولائم والسهرات الانتخابية أو قتل الوقت بتطبيقات الاندرويد.

نتائج ما كان لِيُتحصَّل عليها لولا: الالتزام الفعال لرئيس الجمهورية في إنجاح قوائم الحزب من خلال التعبئة القوية وشحذ الهمم ما جعله يجوب البلاد طولا وعرضا، ما كان في غنى عنه لولا سلبية من أناط بهم الأمر؛ تفاعل الساسة وكبار الناخبين من الحزب مع تلك الديناميكية، إضافة لحضور وفعالية بعض المرشحين في دوائرهم؛ استجابة البعض من الناخبين للنداءات المتكررة لرئيس الجمهورية.

فهل يسترجع الراعي كلبه من الاستشاري؟

Elhoussein Ahmed Elhadi