المعارضة بين الاغتباط والاحباط/الولي سيدي هيبه

اثنين, 04/02/2019 - 09:35

وكأن المعارضة لم تأكل يوما كتفا من شاة السياسة في بلد يكثر فيه الرعاع. وإن تخبط وطيش بعض هذه المعارضة شبيه بمن يتخبطه الجن من المس، لا سيما وأنها، على بعد أشهر قليلة من استحقاق سيكون تاريخيا ومفصليا في مسار الدولة؛ تخبط وطيش يؤكدان بما لا يدع أدنى مجال للشك ما تكشف عنه هذه المعارضة من ضعف الرؤية، واهتزاز المواقف، وخور العزائم الخلاقة، بل إنها فوق ذلك كله لم تستطع حتى تسويق خطابها المفتقر إلى الرصانة وتماسك المحتوى ووضوح الرؤى، إلا ما رحم ربك.

 

وليس الأمر بخاف على مراقب أو متتبع أو مهتم أو مناضل داخل أحزابها حتى، وإذ الإعلام ـ على ضعفه هو الآخر وبعده عن المهنية و"تخندقه" الطمعي - هو من يحمل كل تفاصيل هذا الضعف والتشرذم وعدم الموازنة بين الفرصة التي كانت تنتظرها والمطلب الذي كانت تنادي به، وبين ضرورة توحيد الصف ونبذ الخلافات لما وراء مرحلة التغلب على نظام أرهقها.

 

ولأن "كل إناء بالذي فيه يرشح"، فقد واصلت أحزاب المعارضة:

 

·        من داخل المنتدى، الذي يجمعها بشكل صوري،

 

·        ومن خارجه،

 

على ذات نهجها الرافض للتنازل، باستقلالية كل حزب منها، في واقع الأمر عن التجمع، بفعل إرادة زعاماته التي تطبعها النرجسية ذات الجذور الضاربة في عمق التركيبة النفسية المجتمعية "السيباتية"، إذ لا صوت يجب أن يعلو فوق صوت كل زعيم.

 

ولما كان الأمر على هذا النحو، من دون الإذعان للتصريح به، فقد كثرت الأسماء من خارج دوائرهم لمقتضى توحد الرأي والاجماع "العصي" حول مرشح "الوفاق" يدخل باسمها موحدة حلبة الاستحقاق الذي يطرق أبوابها الموصدة.

 

هنا أيضا تتعثر، مرة أخرى، المعارضة بسبب اختلاف رؤاها وبعد الوفاق لديها على المعايير التي تحدد هذا الوفاق، الأمر الذي جعل بعض الأسماء تنزل من سماوات عدة لتسد بؤرة الخلاف وتوهم بوجود إرادة التنازل وقبول الوفاق.

 

ولكن هذه الأسماء تفتقر في غالبيتها إلى:

 

·        التقدير الشعبي،

 

·        والتراكم السياسي،

 

·        والرؤى الثاقبة،

 

·        والخطابة مع جزالة الفحوى،

 

·        والكاريزما دون الطيش و التهور،

 

وإلى أبعاد أخرى كذلك، هي في مجملها، من المؤهلات البالغة الأهمية للقيادة، والوقت يمر بسرعة والأغلبية قد حسمت أمرها بعد قرار رئيس الجمهورية بترشيحه وزير الدفاع محمد ولد الغزواني لرئاسيات 2019.

 

فهل تدرك المعارضة هذه الهفوات وتتدارك أمرها قبل فوات الأوان؟

 

أم أنها ستظل في تيهها وصراعاتها البيزنطية التي تقيدها عن لعب الدور المنوط بها في سبيل إرساء ديمقراطية حقيقية تنتشل البلد من براثين ثلاثي الماضوية السقيمة، وتكالب قوى التقسيمات، ووطأة الفساد المدمر؟