تبا لكم يا دعاة "المأمورية الآثمة"

اثنين, 31/12/2018 - 11:23

من أخطر المآزق التي وقعت الشعوب العربية و الإسلامية فريسة لها خلال العقود الأخيرة المنصرمة مأزق المخيلة الاستبدادية للنخب ،و ما فرخته من نماذج و عقائد و نزعات، ظلت تراوح بين عبادة الشخصية و نرجسية النخب.

 

و لم توجد رزية أكثر شرا على هذه الشعوب من رزية النخب التي تمارس وصايتها على القيم و الحقوق ،و تعمل على تلغيمها و تدميرها بعقليتها النخبوية الفوقية التي تحتقر الناس ،و تتعامل معهم بوصفهم أطفالا قاصرين.

 

هذه النخب المتسلطة /الاستبدادية لا تريد خيرا و لا إصلاحا، لأنها لا تقدر على تغيير المجتمعات مهما ادعت ذلك،و مسعاها الأول و الأخير ان تجعلها قطعانا بشرية تمارس عليها وصايتها،تفكر عنها و تقرر، تقودهم و توجههم وفق سيناريوهات و طرق لإبقاء هيمنة طبقة سياسية و تجارية تربطها مصالح انانية ،تخشى زوالها مع اول ريح تغيير تهب على البلد.

 

هذه النخب بعقليتها المريضة و الآثمة هي التي تتزعم اليوم مبادرات"المأمورية الآثمة " و تريد أناسا يصفقون لأفرادها، و يقفون منهم موقف الثناء و التبجيل، و هي بحسب قدراتها على أن تخترع لنفسها ما لا يتناهى من الوجوه و الأقنعة و الصور(كما يرى الكاتب الفرنسي فالير مارنيا ) تحمل القابا مفضوحة و مكشوفة تخلعها على من تجد فيه رمزا لاستمرارية سلطتها،و حماية مصالحها،فتسميه رائد الامة،و أملها في الخلاص و صانع مستقبلها،و مرجعيتها الفكرية،و مصدر شرعيتها،و أنشودة عصرها. ...

 

هذه "النخبة الآثمة " تتحمل مسؤولية مضاعفة عن ما حصده هذا الشعب المقهور تحت مختلف أشكال الإكراه من هوان و استبداد،و غبن و حرمان و تخلف طيلة العقود الماضية.

 

هذه النخب هي التي علمتنا ان " نألف الأدب مع الكبار ولو داسوا على رقابنا، علمتنا ان التصاغر أدبا و أن التذلل لطفا و التملق حصافة و قبول الإهانة تواضعا و حرية القول وقاحة،و حرية الفكر كفرا،و حب الوطن جنونا "(طبائع الاستبداد ).

 

 لهؤلاء نقول تبا لكم ،لستم على حق،و أنتم تعلمون في قرارة أنفسكم ان المأمورية الثالثة آثمة، و لكن أعمي على قلوبكم و طبع عليها من التزلف(التصفاك ) إلى درجة أنكم لا تجدون غضاضة في إظهار اثم حاك في انفسكم،بل تتسابقون في إظهاره للناس!

 

 لهؤلاء نعلن أننا نؤمن بالديمقراطية ليس لأن الأغلبية على حق، و إنما لأنها الأقل شرا من بين كل تقاليد الحكم التي عرفناها،و نحن ندرك أيضا انه اذا أرادت الأغلبية تشويه الديمقراطية و مساندة الاستبدادية فإننا رغم التناقض الصارخ في الرؤى ندرك أن العيب ليس في الديمقراطية ،و إنما العيب فينا نحن الذين لم تنضج بعد ممارستنا  لتصبح ديمقراطيتنا قوية بما فيه الكفاية.

 

لأولئك الذين ينصبون فخاخهم من اجل أن تقع فيها فريسة،نقول أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز كما عرفناه مستنيرا منحازا للحق و الوطن، يعلم أن هناك خيطا رفيعا بين الديمقراطية و الاستبداد، و هو بحكم تجربته في مركز صنع القرار خلال العقود الأربعة الأخيرة يعرف ان "الحياة تعاش بقدرما تروى" و هو لن يقبل أن يرمى في مزبلة التاريخ بعدما دخله من الباب الواسع كقائد حركة تصحيحية،و مصلح و مجدد ، و لن يرضى ان يتحول بسبب طغمة مستبدة وظيفتها تأليه الطغاة،و صنع الأزمات لحماية مصالحها المقيتة.

 

لهؤلاء نقول سحقا لكم

 

اللهم أرنا الحق حقا و ارزقنا اتباعه، و ارنا الباطل باطلا ،و لا تجعلنا من اتباعه.

 

 عال ولد يعقوب/أستاذ