ديلي تلغراف: "جهود الغرب فشلت في سوريا"

أحد, 30/12/2018 - 10:02

هيمنت تطورات الأوضاع في سوريا في أعقاب قرار سحب القوات الأمريكية منها على متابعات صحف السبت البريطانية للقضايا الشرق أوسطية.

وخصص عدد من الصحف مقالات افتتاحية لتناول هذا الموضوع، ومن بينها صحيفتا ديلي تلغراف والتايمز.

وتحت عنوان "جهود الغرب قد فشلت في سوريا" كتبت صحيفة ديلي تلغراف مقالها الافتتاحي، الذي قالت فيه إن سوريا عادت إلى المربع الأول الذي كانت فيه قبل ثمانية أعوام عندما اندلعت الحرب الأهلية بعد محاولات يائسة للإطاحة ببشار الأسد.

وتشير الافتتاحية إلى أن المشاركة الغربية ظلت مضطربة ومشوشة بينما خطى الإيرانيون والروس لملء الفراغ، وكذلك فعل الأصوليون الإسلاميون السنة، حسب وصف الصحيفة.

وترى الصحيفة أن القتال من أجل الديمقراطية استحال إلى قتال ضد التطرف الإسلامي، وقاد إلى أن يعقد الغرب مبدئيا هدنة مع الأسد.

وتضيف الصحيفة أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد سحب الآن القوات الأمريكية من سوريا، وفي غضون ذلك يُزعم أن الأكراد سلموا منطقة أساسية إلى قوات النظام في سوريا بدلا من أن تسيطر عليها تركيا، وأن الأسد ما زال في السلطة وقد واجه المتمردين وتحدى الغرب وربح الحرب الأهلية تقريبا.

وتشدد الصحيفة على أن الأسد بقي، كما كانت عائلته على الدوام، ديكتاتورا متعطشا للدماء والسبب المباشر لكثير من التوترات في المنطقة.

وترى الصحيفة أن استراتيجية ترامب تقوم على الانسحاب الأمريكي من سوريا وأن وسائله لإنجازها تقوم على تشجيع القوى المحلية (الأقليمية) على ضبط الأوضاع في جوارهم.

وتشير الى أنه من المحتمل أن يفسر ذلك: لماذا ثمة تحركات للترحيب بإعادة الأسد إلى الجامعة العربية، ولماذا قال ترامب للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن له الحرية في "تطهير" ما تبقى من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. فترامب، بنظر الصحيفة، يفضل تحالفا إقليميا سنيا قويا يسيطر على الأوضاع في سوريا ويعالج ملء إيران للفراغ فيها.

وتحذر الصحيفة من أنه إذا انحدرت سوريا ثانية إلى الفوضى فستكون أوروبا هي من ينبغي عليها التعامل مع أزمة لجوء ثانية، لذا ثمة مصلحة لها في التأكد من أن ذلك لن يحدث.

وتنطلق الصحيفة من التذكير بالحجة الأمريكية التي تقول كيف أن الدول الأوروبية تطالب أمريكا بتقديم تضحيات كبيرة هي أنفسها غير مستعدة لتقديمها، لتقول إن على دول أكثر أن تشارك في تحمل عبء الدفاع الغربي، مع التأكيد على أن اليقظة مطلوبة في التعامل مع الأسد.

وتخلص إلى القول: أما بالنسبة لأولئك الذين تركهم (الانسحاب الأمريكي) وراءه، والأكراد على وجه الخصوص، يأمل العالم في أن يكون السلام أكثر رأفة بهم من الحرب، حتى لو ترك نفس الأشخاص في موقع المسؤولية، في تلميح إلى المسؤولين السوريين.

"من خَسرَ سوريا؟"

وفي السياق ذاته، تضع التايمز عنوانا لافتتاحيتها في صيغة تساؤل "من خَسرَ سوريا؟".

وتوضح أن قرار الرئيس ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، أثار تزاحما للاستفادة منه بين روسيا وسوريا وتركيا، وأن الخاسرين الأكبرين جراء ذلك هما الأكراد والغرب.

وتشير الصحيفة إلى أن عواقب قرار ترامب سحب جميع القوات الأمريكية المؤلفة من 2000 عسكري من سوريا باتت الآن واضحة على الأرض.

إذ أرسلت تركيا، المتلهفة لطرد جميع القوات الكردية من حدودها الجنوبية، بحسب الصحيفة، دبابات لتطويق بلدة منبج الاستراتيجية في شمالي سوريا، والتي كانت قاعدة للقوات الأمريكية وتخضع حاليا لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، التي تؤلف وحدات حماية الشعب الكردية جزءا كبيرا منها.

وتضيف أنه ردا على ذلك، طلب الأكراد من دمشق حمايتهم عبر دخول الجيش السوري إلى البلدة. وقد تحرك الجيش السوري إلى ضواحي البلدة للمرة الأولى منذ ست سنوات.

وتخلص إلى أن ذلك يشبه نهاية اللعبة في الوضع السوري المعقد. وهو، بنظرها، خيار مثير للسخرية والإحباط، بأن يترك الرئيس الأسد ليفرض قبضة قيادته القاسية على معظم البلاد مع تخندق حلفائه الروس والإيرانيين بقوة لمساعدته في "تطهير" ما تبقى من خصومه.

وترى الصحيفة أن تركيا على الجانب الآخر لم تعد تخشى التصادم مع الولايات المتحدة، حليفتها في حلف شمالي الأطلسي (ناتو) وتستعد لتوجيه ضربة قاسية للمسلحين الأكراد الذين تحملوا عبء قتال إرهابيي تنظيم الدولة الإسلامية، وباتوا بعد أن تخلى عنهم حلفاؤهم الأمريكان عرضة ثانية لإملاءات حكومة الأسد، وهجوم انتقامي من الرئيس أردوغان، الذي يربط بين وحدات حماية الشعب الكردية وانفصاليي حزب العمال الكردستاني، إذ يصنفهم جميعا تحت مسمى الجماعات الإرهابية.

وتقول الصحيفة إنه لضمان الحصول على حصة مقنعة من الغنائم، وصل اليوم وفد تركي إلى موسكو بشأن عرض روسي للتوسط بين دمشق والأكراد السوريين في شمال شرقي البلاد.

وتخلص إلى القول إن الأكراد سيتعرضون ثانية للخيانة وأن الأسد الذي دمر بلاده جاهز الآن لحكم خرائبها، لتتساءل قائلة: "من خَسرَ سوريا؟ إنه السؤال الذي على ترامب أن يتامل فيه جيدا!"