السياسة بأفواه تعصي الوطن/الولي سيدي هيبه

سبت, 27/10/2018 - 10:44

" إذا خُير أحدكم بين حزبه وضميره، فعليه أن يترك حزبه وأن يتبع ضميره، لأن الإنسان يمكن أن يعيش بلا حزب، لكنه لا يستطيع أن يحيا بلا ضمير"

 

المتتبع للشأن السياسي لا بد أن تنتابه حالة من الاضطراب الذهني في بحثه عن منطق لها من حيث الشكل و المضمون. فعلاوة على الانتجاع الفوضى للسياسيين أفرادا و جماعات ما بين الأحزاب، و ما بين الاصطفاف و العداء و المغازلة و النفور و الطمع و بيع الضمير و شراء الذمة، فإن العمل السياسي للأحزاب كأطر جامعة و منطلق عمل، و القادة و المنظرين و المناضلين داخلها، عمل لا ينبني على أي نوع من الخطاب :

 

·       الواضح المعالم و الوجهة،

 

·       المحدد الأهداف،

 

·       المرسوم الخطط

 

·       المعلوم المنهجية،

 

بل على العكس من ذلك فإن الذي لا تخفيه المناورات المرتبكة و الارتجالية المتعمدة، و لا ضعيف محاكاة الخطاب المفتقر إلى المنطلقات و الثوابت، و إلى أساسيات بناء المواقف و اقتراح الحلول في ظروف الخلاف و الاختلاف و الأزمات و التحديث.

 

و إنه بما حصل من تدافع كل من هب و دب مؤخرا كما أسلفنا على خلفية سيئ القبلية و مخل الجهوية و سقيم الشرائحية و مغتصب المال المنهوب من خزائن الدولة و المحصل عبر قنوات التبييض و المتاجرة بالممنوعات، قد عبر الوضع من جديد و في تكرار الماضي عن الحالة المزمنة التي لم تعرف يوما فتورا منذ أن أدخل قبيل الحرب لعالمية لثانية - من القرن الماضي -  المستعمرُ الفرنسي السياسةَ فنا رفيعا و مسالما و سيلة جديدة تنبنى على الرشد للتنافس من أجل السلطة و للتسابق، في تفكير غير مسبوق و لا معهود، إلى بناء الوطن الجديد في حلة "الدولة" المركزية التي سترى النور تباعا و بعيد محاولة الطلاق من فوضى "السيبة" و تفاهماتها المجحفة لتقاسم الأرض و استغلال العباد في دائرة الضعف و الدونية.

 

و قد أوصلت حقيقة غياب التعاطي السياسي بما تقتضيه في نبلها و حميمية التصاقها بالدولة الديمقراطية العادلة بقوة القانون، إلى أن خاض غمار الاستحقاقات الثلاثة الأخيرة النيابية و البلدية و الجهوية كل من سولت له نفسه من الشباب و النساء البادئين و الشيوخ الأميين من الإقطاعيين و التجار و رجال الأعمال المشبوهين حتى اختلط الحابل بالنابل و تحدى الصغير الكبير و الفقيه و تراجعت الهامات و بزغ نجم الآفلين و كال البعض للبعض الشتائم و التهم.

 

و على الرغم من هدوء عواصفها لفائدة الاستقرار فإن الأمر لا يسقط سوء فهم السياسة أو رفضه لتناقضه مع الطبيعة العامة لسير المجتمع من ناحية، و لا غياب اشتراطاتها الأساسية التي تجسد الديمقراطية و تكريسها على أرض الواقع فتخرس الأفواه  التي تعصي الوطن، و تغيب الفوارق المصطنعة، و تفتح الباب للمدنية الحضارية التي يؤطرها المعتقد الصحيح المتخلص حينها من شوائب "السيبة" لفائدة و ازدهار البلد الغني بموارده و خيراته الكثيرة المتنوعة و لموقعيه الجيوسياسين الاستراتيجيين بين المغرب العربي و الغرب الإفريقي من ناحية، و على شاطئ من الأطلسي غني بالأسماك و البترول و الغاز من ناحية أخرى.