تباين في تناول الصحف العربية لرواية السعودية الرسمية بشأن مقتل الصحفي في إسطنبول

سبت, 20/10/2018 - 13:26

تباينت ردود فعل الصحف العربية بشأن بيان النائب العام في السعودية حول قضية جمال خاشقجي، الذي أفاد بمقتل الصحفي في شجار بالأيدي داخل قنصلية المملكة في مدينة إسطنبول التركية.

وأشادت صحف سعودية بالبيان بينما انتقدته أخرى قطرية بشدة، فيما اكتفت صحف في دول عربية أخرى بنقله دون تعليق.

واختفى خاشقجي بعد دخوله القنصلية يوم 2 أكتوبر/ تشرين الأول. وقالت السلطات التركية في وقت سابق إنها تعتقد أنه قُتل على يد عملاء سعوديين، وهو ما نفته السعودية في بادئ الأمر، قائلة إن الصحفي غادر القنصلية.

وأشار بيان النائب العام إلى استمرار التحقيق مع 18 سعوديا بشأن القضية.

وبالتزامن مع اعتراف بيان النائب العام السعودي بمقتل الصحفي داخل القنصلية، أصدر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز أوامر ملكية بإعفاء مسؤولَين بارزَين في جهاز المخابرات والديوان الملكي، إضافة إلى عزل عدد من ضباط الأمن البارزين من مناصبهم.

كما أمر الملك السعودي بتشكيل لجنة وزارية يرأسها ولي العهد محمد بن سلمان بهدف إعادة هيكلة وكالات المخابرات السعودية.

"مملكة العدل"

تشيد صحيفة "الجزيرة" السعودية ببيان النائب العام تحت عنوان: "لا قضية ضد مجهول في مملكة العدل".

وفي نفس الصحيفة، كتب رمضان جريدي يقول: "قوى الشر والاستبداد استغلوا قضية الكاتب جمال خاشقجي أسوأ استغلال، روجوا الاتهامات الزائفة، كتبوا السيناريوهات الكاذبة... لكنهم لن يتمكنوا من الوصول إلى أهدافهم ومبتغياتهم البغيضة ومخططاتهم الشريرة، ولن يكون لأصواتهم البغيضة صدى بيننا، ولا لمواقعهم الصفراء حضور، فأقدامنا ثابتة، وعقولنا راشدة، ولغتنا هادئة، وحكمتنا بليغة، وثقتنا بأنفسنا عالية".

كذلك تشيد "اليوم" السعودية في افتتاحيتها بما وصفته بـ"المشروع الكبير الذي يقوده سمو ولي العهد لتجديد دماء المملكة، وتحديث أدواتها، وهياكلها".

وتضيف أن "الحملة المسعورة على شخص سمو ولي العهد في قضية اختفاء المواطن السعودي جمال خاشقجي تعكس بوضوح حجم الاستهداف المبرمج لمشروع سموه بغية النيل منه لإنقاذ أطماع أولئك الذين أصابهم مشروعه في الصميم".

في نفس السياق، يقول أحمد الجميعة في "الرياض" السعودية إن "أزمة خاشقجي ارتفع سقفها الإعلامي من المطالبة بالحقيقة إلى محاولة النيل من النظام السعودي، ومحاولة أيضاً تشويه الصورة النمطية لقيم المجتمع، وتجريده منها بطريقة مستفزة وملوثة".

ونقلت صحيفة "الرياض" عن مصدر مسؤول بوزارة الخارجية قوله إن توجيهات وقرارات الملك تأتي "استمراراً لنهج الدولة في ترسيخ أسس العدل".

"رواية ساذجة"

بالمقابل، شككت صحف قطرية في مصداقية بيان النائب العام السعودي، مثل صحيفة "الشرق" التي تناولت الموضوع تحت عنوان: "السعودية تعترف بقتل خاشقجي وتقدم رواية ساذجة".

تقول الصحيفة "اعترفت السعودية بوفاة الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصليتها العامة في اسطنبول، وذلك بعد مرور أكثر من أسبوعين، لكنها قدمت رواية ضعيفة وساذجة، بإعلان أن الوفاة نتيجة شجار واشتباك بالأيدي مع المواطن خاشقجي مما أدى إلى وفاته، وهذا يتناقض مع أول رواية رسمية قدمتها الرياض بأنه خرج من القنصلية ولا تعرف مصيره، وإذا كان الاعتراف هو سيد الأدلة فأين الجثة التي قطعت بمنشار؟ وهل الشجار يستدعي إرسال فرقة اغتيال من 15 شخصا وطائرتين؟".

وتضيف الصحيفة "من جانب آخر، فإن القرارات الملكية بإعفاء مسئولين في الاستخبارات العامة، وتوقيف 18 سعوديا، يعد دليلا آخر على تورط السعودية في قتل خاشقجي، والتي تبرز كسيناريو أو مسرحية لإبعاد ولي العهد السعودي من دائرة الاتهام".

من جهتها، تقول "الوطن" القطرية إن الأوامر الملكية التي صدرت في ساعات مبكرة من صباح اليوم السبت "أظهرت حجم المؤامرة التي فشلت المملكة العربية السعودية في تنفيذها وباتت مكشوفة للعيان، حيث وضعت المملكة قطر وتركيا داخل قفص الاتهام، بعد أن أكد ولي العهد السعودي أن خاشقجي غادر بعد دقائق أو ساعة من دخوله القنصلية، فيما صرح السفير السعودي بمقتله يوم 9 أكتوبر".

"أشد أزمة"

ومن جهة أخرى، يقول محمد عبد الحكم دياب في "القدس العربي" اللندنية إن خاشقجي لم يكن أول معارض سعودي يواجه هذا المصير "مع إن علاقاته وخدماته للمملكة لم تكن في حاجة للخشونة ولا لذلك الانتقام الدموي".

ويتهم الكاتب السلطات السعودية ضمنا بتصفية المعارضين البارزين، ويرى أن "مسلسل الدم والقتل غير المبرر لن يتوقف ما دامت هذه طبيعة الحكم السعودي وقناعة أولي أمره ومسؤوليه".

ويقول خالد سيد أحمد في "الشروق" المصرية إن السعودية تواجه حاليا "أشد أزمة في تاريخها منذ إعلان قيامها في عام 1932، جراء الضغط الدولي الرهيب الذى يوجه إليها أصابع الاتهام في قضية اختفاء الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي".

ويضيف "من الوارد جدا تخطي المملكة لهذه الأزمة، إما لفوائضها المالية الهائلة التي ستمكنها من فتح أبواب كثيرة للنجاة، أو لعلاقاتها القوية مع أطراف دولية لا تزال ترى فيها حليفا ينبغي عدم التفريط فيه، لكن في كل الأحوال فإن مملكة ما بعد خاشقجي لن تكون هي نفسها المملكة التي عهدناها من قبل".

ويرى طلال سلمان في "رأي اليوم" اللندنية أن "الكل سيخرج من هذه الصفقة رابحاً: الولايات المتحدة التي تريد المزيد والمزيد من ذهب المملكة الذي يُهدر على القصور واليخوت والحروب العبثية... وتركيا التي تحسن الاتجار بالإسلام".

ويضيف "أما الخاسر الأكبر فهم العرب الذين يخسرون، يومياً، وبأفضال حكامهم، المزيد من جدارتهم بأن يكونوا أحفاد ناشري الدين الإسلامي في العالم وبناة الحضارة من بغداد العباسيين إلى الصين مروراً بالأندلس".