بيغيدا المعادية للإسلام بعد عامين.. أفول وتراجع

أربعاء, 30/11/2016 - 11:38

بدا احتفال حركة "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" (بيغيدا) في أكتوبر/تشرين 2016 بمدينة دريسدن الألمانية بمرور عامين على تأسيسها، أشبه بترموميتر سياسي عكس أفول حضور هذه الحركة اليمينية المعادية للإسلام والأجانب في المشهد الألماني، وتآكل أعداد مناصريها، وتزايد انعزالها وتطرفها.

وقدمت "بيغيدا" مرغمة احتفالها بالذكرى الثانية لتأسيسها يوما للأحد بسبب سبق المئات من معارضيها بحجز الميدان الرئيسي بدريسدن يوم الاثنين الذي اعتادت الحركة التظاهر فيه، ولم يشارك في هذا الاحتفال إلا نحو سبعة آلاف، مقابل عشرين ألفا حضروا احتفال ذكرى التأسيس الأولى العام الماضي.

وحرص حزب "بديل لألمانيا" -الذي تصنف "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب") بأنها امتداد له- على استغلال مناسبة مرور عامين على تأسيس الحركة في إبراز نأيه بنفسه عنها، وغابت فراوكا بيتري رئيسة الحزب و قياداته عن المشاركة في هذا الاحتفال الذي تصدره قادة أحزاب وتيارات يمينية متطرفة من ألمانيا والنمسا.

اختفاء وإفلاس

وشهدت "بييغيدا " بعد تأسيسها في العشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2014 تزايدا مضطردا في عدد المشاركين بمظاهراتها الأسبوعية كل اثنين بمعقلها بدريسدن (شرقي ألمانيا)، وبلغت هذه الأعداد الذروة بمشاركة نحو 25 ألفا في مظاهرة في فبراير/شباط العام الماضي.

وواكب تناقص المشاركين بمظاهرة بيغيدا بدريسدن طوال عام 2016 إفلاس الحركة في المضامين، وتراجع تركيزها في ذكرى تأسيسها الثانية على التخويف من الإسلام وإطلاق الأوصاف المهينة ضد اللاجئين -الذين وصفتهم "بسائحي القوارب"- وصدرت الحركة شعاراتها بالمطالبة برحيل ميركل وهجوم على "ديكتاتوريتها"، وعلى "صحافة الأكاذيب مدفوعة الأجر لخدمة الأميركيين واللوبيات الرأسمالية".

وإضافة إلى محاكمة مؤسس بيغيدا ورئيسها لوتس باخمان عدة مرات بتهم السرقة وتجارة المخدرات والتحريض العرقي، أثر انشقاق القيادتين كاترين أورتيل وتاتانيا فيسترلينغ احتجاجا على إدارة باخمان وعدم شفافيته في التعامل مع التبرعات، سلبيا خلال العامين الماضيين على الحركة اليمينية، التي كررت عدة مرات إلغاء مظاهراتها الأسبوعية بدريسدن.

ومع تراجع أعداد المشاركين في هذه المظاهرة واستقرارها طوال الشهور الأخيرة عند حاجز الألفي شخص، اختفت فروع بيغيدا في باقي المدن الألمانية، ولم يبق منها إلا فروعها بلايبزيغ وبرلين وميونيخ التي اقتصرت أنشطتها على مظاهرات أسبوعية ليلية لا يزيد عدد المشاركين فيها على عدة عشرات.

وعقب عودته من جزر الكناري الإسبانية التي هاجر إليها، ثم ما لبث أن رحل منها بعد اعتبار سلطاتها أنه شخص عنصري وغير مرغوب فيه، أعلن رئيس بيغيدا باخمان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن سلطات ولاية سكسونيا منعته قانونيا من التقدم بأي طلب أو قيادة مظاهرة لحرمتها بعاصمتها دريسدن.

وتوقع ألكسندر غورلاخ الباحث بمركز الدراسات الأوروبية بجامعة هارفارد الأميركية أن تشغل بيغيدا الألمان فترة، وأن تسعى مع التيارات اليمينية المتطرفة الأخرى بأوروبا للاستفادة من انتخاب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بالدعاية لمواقفها.

تميل للعنف

وقال غورلاخ -في تصريح للجزيرة نت- إن بيغيدا التي تمثل ذراعا لحزب "بديل لألمانيا" المعادي للوحدة الأوروبية واليورو والإسلام واللاجئين، ما زالت تمثل الجزء المستعد للعنف من اليمين المتطرف الجديد بألمانيا، ورأى أن توصيف هذه الحركة لنفسها بـ"وطنيون أوروبيون" يتناقض مع رفض التيارات والأحزاب الأوروبية المتطرفة كحزب الاستقلال البريطاني والجبهة القومية الفرنسية للهوية الأوروبية.

ورأى الباحث أن "تمسح بيغيدا بالمسيحية مشوش ولا معنى له لأن الكنائس الألمانية عبرت بوضوح عن دعمها للاجئين وقدمت مساعدات مهمة باندماجهم.

من جانبها، توقعت د. زابينا شيفر عدم انقراض بيغيدا، واستمرار بروزها في أحداث معينة، واستفادتها -مثل حزب "بديل لألمانيا"- من الاستقطاب والانقسام المجتمعي، بإثارة الأحكام النمطية السلبية ضد الأجانب والمسلمين وتحميلهم مسؤولية المشكلات الموجودة.

ورأت مديرة معهد المسؤولية الإعلامية أن العنصرية تجد لها صدى كبيرا في التقارير الإعلامية، وأوضحت أن التغطية الإعلامية أفردت مساحة واسعة لإهانة أفراد من بيغيدا للرئيس الألماني يواخيم غاوك والمستشارة أنجيلا ميركل بالاحتفال بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي بذكرى الوحدة الألمانية في دريسدن، بينما أهملت المظاهرات المقابلة المناوئة لليمين المتطرف والعنصرية.

المصدر : الجزيرة